يعتمد الاقتصاد الوطني في أي بلد في العالم، ثلاث ركائز أساسية، تماماً كما يعتمد المثلث في ثباته على متانة أضلاعه الثلاثة وصلابتها. وللمقاربة الاقتصادية، فإن ميزان التبادل التجاري هو بمثابة الضلع-القاعدة الذي يرتكز عليها مثلث الاقتصاد، في حين تُشكّل الموازنة العامة وحجم المديونية الدعامتين المساندتين لهُ. وأي تصدُّع وتشقُّق يصيبان قاعدة المثلث (الميزان التجاري)، فإنهما سيهددان سلامة البناء الاقتصادي الوطني، وربما يؤديان إلى انهياره إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
اداء سلبي
وقد أظهرت البيانات الاقتصادية الرسمية الأخيرة أن المثلث الاقتصادي في الأردن في حاجة ماسة إلى دعائم صلبة نظيفة من الشوائب، كي يبقى البناء متماسكا مهما تغيرت الظروف الاقتصادية، حيث واصل الأداء الاقتصادي منحناه السلبي، متأثراً بتزايد قيمة العجز التجاري خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، والذي بلغ 6.8 مليارات دينار (9.6 مليارات دولار)، مرتفعاً ما نسبته 4.1% مقارنة بنفس الفترة من عام 2013.
وبحسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة الحكومية، فقد جاء هذا الارتفاع في العجز التجاري رغم تحسن الصادرات الأردنية التي ارتفعت بنسبة 6%، مقابل تراجع قيمة المستوردات بنفس النسبة تقريباً. إلّا أن ذلك لم يمنع من تحقيق عجز تجاري من الناحية النسبية ومن ناحية الرقم المطلق. إذ ما تزال الفجوة تتعمق بين المستوردات والصادرات، إلى أن وصلت نسبة تغطية الصادرات الكلية لإجمالي المستوردات إلى 37% فقط، بعد أن كانت تشكل ما نسبته 46% قبل أربعة أعوام.
والمعروف بأن زيادة المستوردات عن الصادرات بشكل كبير من شأنه أن يُقلّص حجم الاحتياطيات من العملات الصعبة، وقد يتسبب أيضاً في حدوث عجز مالي في الموازنة العامة. وفي هذا الصدد، تشير البيانات الأخيرة إلى ارتفاع العجز المالي في الموازنة العامة، خلال نفس الفترة، بنسبة 20% حتى وصل إلى 591 مليون دينار (833 مليون دولار)، وإذا ما تم استثناء المنح الخارجية، فإن العجز المالي يقترب من ضعف هذه القيمة.
ومع استمرار العجز المالي والتجاري بل وتفاقمهما، أيقنت الحكومة من أنه لا مناص من ذلك إلّا بالاستدانة، فبعد أن كانت قيمة المديونية في عام 2010 لا تتجاوز 11 مليار دينار (15.5 مليار دولار)، فإنها وصلت اليوم إلى 20.2 مليار دينار (28.5 مليار دولار)، وهي آخذة في الارتفاع الشديد.
وإذا كان الداء في ارتفاع العجز التجاري وامتداد آثاره السلبية لتشمل العجز في الموازنة العامة والارتفاع في المديونية، فأين يكون الدواء؟
لا شك في أن تفاقُم العجز التجاري تأثّر سلباً في السنوات الأخيرة بارتفاع كُلف استيراد النفط ومشتقاته في ظل ارتفاع أسعار النفط العالمية، حيث باتت الفاتورة النفطية تُشكّل 28% من قيمة المستوردات. وفي حين يستورد الأردن أكثر من %98 من احتياجاته من الطاقة، فإن التجربة الإستونية تُمثّل بارقة أمل في حل مُعضلة الطاقة في الأردن والمساهمة في توفير أموال طائلة على خزينة الدولة، حيث تقوم جمهورية إستونيا بتغطية كافة احتياجاتها من الكهرباء عن طريق الحرق المباشر للصخر الزيتي، وهو ذات الصخر المتواجد في الأردن بكميات تكفي لـ900 عام من الآن.
وعلى الرغم من أن دخول الأردن في منظمة التجارة العالمية قد ساهم في تعميق الفجوة بين المستوردات والصادرات، نتيجة عدم اتخاذ الحكومة لقرارات مهمة تساهم في تعزيز منظومة الصادرات في الأردن، إلّا أن فشل القطاع الخاص في تحفيز الاقتصاد قد أضعف أيضاً من القُدرات التصديرية في إنعاش الوضع الاقتصادي. وبالتالي، فإنه يستحيل للاستثمارات الصناعية، على سبيل المثال، أن تنمو كمّاً ونوعاً في ضوء تشدُّد المصارف المحلية في سياساتها الائتمانية، فهي استثمارات تحتاج إلى قروض ائتمانية طويلة الأجل وبفائدة مناسبة لتتمكن من تمويل مشاريعها الصناعية.
إن عدم مواجهة مثلث الرعب في الاقتصاد الأردني، والمتمثل في تفاقم عجزي الميزان التجاري والموازنة العامة وارتفاع مستوى المديونية، سيجعل من الصعب على الدولة أن تدعم العملية الاقتصادية التنموية من غير طلب المساعدة من الخارج، فالأصل أن تكون خزانة الدولة هي المصدر الوحيد للتنمية الاقتصادية المستدامة.
اداء سلبي
وقد أظهرت البيانات الاقتصادية الرسمية الأخيرة أن المثلث الاقتصادي في الأردن في حاجة ماسة إلى دعائم صلبة نظيفة من الشوائب، كي يبقى البناء متماسكا مهما تغيرت الظروف الاقتصادية، حيث واصل الأداء الاقتصادي منحناه السلبي، متأثراً بتزايد قيمة العجز التجاري خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، والذي بلغ 6.8 مليارات دينار (9.6 مليارات دولار)، مرتفعاً ما نسبته 4.1% مقارنة بنفس الفترة من عام 2013.
وبحسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة الحكومية، فقد جاء هذا الارتفاع في العجز التجاري رغم تحسن الصادرات الأردنية التي ارتفعت بنسبة 6%، مقابل تراجع قيمة المستوردات بنفس النسبة تقريباً. إلّا أن ذلك لم يمنع من تحقيق عجز تجاري من الناحية النسبية ومن ناحية الرقم المطلق. إذ ما تزال الفجوة تتعمق بين المستوردات والصادرات، إلى أن وصلت نسبة تغطية الصادرات الكلية لإجمالي المستوردات إلى 37% فقط، بعد أن كانت تشكل ما نسبته 46% قبل أربعة أعوام.
والمعروف بأن زيادة المستوردات عن الصادرات بشكل كبير من شأنه أن يُقلّص حجم الاحتياطيات من العملات الصعبة، وقد يتسبب أيضاً في حدوث عجز مالي في الموازنة العامة. وفي هذا الصدد، تشير البيانات الأخيرة إلى ارتفاع العجز المالي في الموازنة العامة، خلال نفس الفترة، بنسبة 20% حتى وصل إلى 591 مليون دينار (833 مليون دولار)، وإذا ما تم استثناء المنح الخارجية، فإن العجز المالي يقترب من ضعف هذه القيمة.
ومع استمرار العجز المالي والتجاري بل وتفاقمهما، أيقنت الحكومة من أنه لا مناص من ذلك إلّا بالاستدانة، فبعد أن كانت قيمة المديونية في عام 2010 لا تتجاوز 11 مليار دينار (15.5 مليار دولار)، فإنها وصلت اليوم إلى 20.2 مليار دينار (28.5 مليار دولار)، وهي آخذة في الارتفاع الشديد.
وإذا كان الداء في ارتفاع العجز التجاري وامتداد آثاره السلبية لتشمل العجز في الموازنة العامة والارتفاع في المديونية، فأين يكون الدواء؟
لا شك في أن تفاقُم العجز التجاري تأثّر سلباً في السنوات الأخيرة بارتفاع كُلف استيراد النفط ومشتقاته في ظل ارتفاع أسعار النفط العالمية، حيث باتت الفاتورة النفطية تُشكّل 28% من قيمة المستوردات. وفي حين يستورد الأردن أكثر من %98 من احتياجاته من الطاقة، فإن التجربة الإستونية تُمثّل بارقة أمل في حل مُعضلة الطاقة في الأردن والمساهمة في توفير أموال طائلة على خزينة الدولة، حيث تقوم جمهورية إستونيا بتغطية كافة احتياجاتها من الكهرباء عن طريق الحرق المباشر للصخر الزيتي، وهو ذات الصخر المتواجد في الأردن بكميات تكفي لـ900 عام من الآن.
وعلى الرغم من أن دخول الأردن في منظمة التجارة العالمية قد ساهم في تعميق الفجوة بين المستوردات والصادرات، نتيجة عدم اتخاذ الحكومة لقرارات مهمة تساهم في تعزيز منظومة الصادرات في الأردن، إلّا أن فشل القطاع الخاص في تحفيز الاقتصاد قد أضعف أيضاً من القُدرات التصديرية في إنعاش الوضع الاقتصادي. وبالتالي، فإنه يستحيل للاستثمارات الصناعية، على سبيل المثال، أن تنمو كمّاً ونوعاً في ضوء تشدُّد المصارف المحلية في سياساتها الائتمانية، فهي استثمارات تحتاج إلى قروض ائتمانية طويلة الأجل وبفائدة مناسبة لتتمكن من تمويل مشاريعها الصناعية.
إن عدم مواجهة مثلث الرعب في الاقتصاد الأردني، والمتمثل في تفاقم عجزي الميزان التجاري والموازنة العامة وارتفاع مستوى المديونية، سيجعل من الصعب على الدولة أن تدعم العملية الاقتصادية التنموية من غير طلب المساعدة من الخارج، فالأصل أن تكون خزانة الدولة هي المصدر الوحيد للتنمية الاقتصادية المستدامة.