أشارت نقابة التعليم الثانوي في ولاية القيروان بوسط تونس إلى أنّ المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية فيها تشهد نقصاً في عدد المدرّسين بلغ 250 وظيفة شاغرة. من جهته أصدر الفرع الجامعي لنقابة التعليم الثانوي في ولاية قبلي بالجنوب التونسي بياناً عبّر من خلاله عن رفض الزيادة في عدد ساعات العمل التي أضرّت بالاستقرار الاجتماعي للمدرّسين وكذلك بالاستقرار التربوي للمؤسسات التعليمية، وأغلقت مجال النقل الداخلية التي حرمت مدرّسين كثيرين من حقهم في النقل بعد سنوات من المعاناة. وفي سياق متصل، أوضحت النقابة أنّ كاهل المدرّسين يُثقل بعدد إضافي من ساعات العمل، بهدف سدّ الشغور. لكنّ تلك الحلول غير قادرة على معالجة مسألة النقص في الموارد البشرية بمعاهد كثيرة في الولاية. فالزيادة في عدد الفصول لم تواكبها زيادة في عدد المدرّسين، الأمر الذي يوفّر تغطية للنقص الحاصل في الكادر التربوي بالمعاهد.
وقضية الشغور في مدارس ومعاهد كثيرة ليست جديدة. فسنوياً، في موسم العودة المدرسية، يُعاد تسليط الضوء على النقص الكبير في الكادر التعليمي الذي فاق عشرة آلاف مدرّس في بعض السنوات. وقد تجاوز النقص هذا العام 2500 مدرّس في المرحلة الابتدائية، و3700 آخرين في المرحلة الثانوية وفق إحصاءات رسيمة، الأمر الذي أثار انتقاد مدرّسين كثيرين أُثقل كاهلهم بساعات عمل إضافية. كذلك ندّد آلاف المدرّسين والمدرّسين النواب بالشغور فيما عُلّق انتدابهم رسمياً نتيجة توقّف الانتدابات في الوظيفة العمومية منذ أكثر من سنتَين بسبب الأزمة المالية في البلاد.
وانطلق العام الدراسي الحالي مع التحاق أكثر من مليونَين و500 ألف تلميذ بـ 6130 مؤسسة تربوية، أي بزيادة 65 ألف تلميذ مقارنة بالعام الماضي، علماً أنّ وزارة التربية كانت قد توقّعت زيادة عدد التلاميذ 50 ألفاً سنوياً في خلال هذه العشرية، الأمر الذي يتطلب تأهيل البنى التحتية في المدارس والمعاهد التربوية وزيادة عدد فصول التدريس وزيادة عدد المدرّسين بما يتلاءم مع التنامي الكبير في عدد التلاميذ. وقد ذكرت وزارة التربية أخيراً أنّ قطاع التعليم يشكو هذا العام من نقص في الموارد البشرية بقدّر بـ7556، لافتة إلى أنّ الحلول سوف تنطلق من خلال تسوية أوضاع 2686 من المدرّسين النواب ليُصار إلى انتدابهم بشكل رسمي، بالإضافة إلى التعاقد مع مدرّسين نواب جدد لأنّ الصعوبات المالية التي تعيشها الدولة تحول دون القيام بالانتدابات الرسمية الضرورية في القطاع.
يقول كريم مرزوق وهو مدرّس في المرحلة الابتدائية لـ"العربي الجديد" إنّ "مدرّسين كثيرين طُلب منهم تدريس ساعات إضافية لسدّ الشغور في أقسام عدّة إلى حين انتداب مدرّسين نواب جدد"، مؤكداً أنّ "هذه المشكلة ليس جديدة، إذ ترفض الوزارة القيام بجردة سنوية لتحديد حاجتها من الموارد البشرية في كلّ المواد وعدد الانتدابات الكافي لسدّ الشغور سنوياً، بالإضافة إلى الاعتماد دائماً على المدرّسين النواب بعقود مؤقتة". يضيف مرزوق أنّ "أقساماً عدّة لم تُنهِ كامل برامجها التعليمية في العام الماضي بسبب أزمة المدرّسين من جهة وأزمة كورونا من جهة أخرى. ومن غير الممكن استكمال البرامج بصفة رجعية، علماً أنّ أقساماً كثيرة تشكو نقصاً في عدد مدرّسي بعض المواد".
من جهته، يشير مدير إحدى المدارس في العاصمة لـ"العربي الجديد" مفضّلاً التعريف عن نفسه باسم حسان، إلى أنّ مدرسته "تشكو من نقص يُقدَّر بأربعة مدرّسين، وما زال التلاميذ ينتظرون سدّ الفراغ لانطلاق العملية التعليمية. يأتي ذلك في حين أنّه تقرّر الانطلاق ببرنامج العام الماضي الذي لم يُستكمل بسبب أزمة كورونا وتعطّل الدروس أكثر من كرّة في الموسم الدراسي الماضي". ويؤكد أنّ "عدم انتداب مدرّسين جدد يعطّل انطلاق الدروس واستكمال برنامج العام الماضي المزمع تنفيذه في خلال الشهر الأول من العام الدراسي الحالي، حتى نتمكّن من الانطلاق في البرنامج الجديد".
في سياق متصل، يرفض المدرّسون النواب انتداب نحو 2600 مدرّس نائب فقط من جملة أكثر من عشرين ألفاً ينتظرون الانتدابات الرسمية، علماً أنّ النقص يفوق سبعة آلاف مدرّس سنوياً. كذلك يرفضون السياسة الترقيعية التي تعتمدها الوزارة سنوياً عبر التعويل على المدرّسين النواب بعقود مؤقتة وأجور زهيدة بسبب توقّف الانتدابات الرسمية.
وفي هذا الإطار، يقول المنسق الوطني للمدرّسين النواب رمزي رحال لـ"العربي الجدي" إنّ "المدرّسين النواب انطلقوا منذ بداية العام الدراسي في تحركاتهم الاحتجاجية أمام المندوبيات الجهوية للتعليم في مختلف الولايات من أجل توقيع اتفاق يقطع مع التشغيل الهشّ ويضمن لهم الانتداب الرسمي، لا سيّما أنّ الوزارة وقّعت في مايو/ أيار 2018 اتفاقاً مع الجامعة العامة للتعليم الأساسي يقضي بانتداب المدرّسين النواب الذين انتُدبوا بين سبتمبر/ أيلول 2006 و30 يونيو/ حزيران 2017 على دفعات. وسوف يتمّ وفق هذا الاتفاق، انتداب 40 في المائة من المدرّسين النواب المعنيّين بالتسوية. لكنّ الانتداب لا يشمل العدد المتّفق عليه سنوياً ويغطّي أقلّ من 10 في المئة من العدد الإجمالي سنوياً، وهو ما يُعدّ نسبة ضئيلة في ظلّ ارتفاع عدد المدرّسين النواب سنوياً".
من جهتها، دعت الجامعة العامة للتعليم الثانوي أخيراً، كلّ المدرّسين النواب باختلاف أوضاعهم إلى رفض تسلّم التكليف بالنيابة تحت أيّ غطاء كان، سواء أكانت نيابة ظرفية أو نيابة مسترسلة. وطلبت الجامعة من هؤلاء المشاركة الكثيفة في التجمّع الاحتجاجي المزمع تنفيذه أمام وزارة التربية يوم الخميس المقبل في الثلاثين من سبتمبر الجاري، للمطالبة بالانتداب الرسمي وفق الاتفاق الموقّع قبل أكثر من سنتين.