وثيقة تفصّل الاعتداءات الإسرائيلية على القطاع الصحي في لبنان

25 أكتوبر 2024
مركبة إسعاف وسط الدمار في مدينة النبطية، جنوبي لبنان، 17 أكتوبر 2024 (كارل كورت/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعرض القطاع الصحي في لبنان لأضرار جسيمة جراء العدوان الإسرائيلي، حيث هوجمت 36 مستشفى، مما أدى إلى إغلاق ثمانية منها وسقوط 12 شهيداً و60 جريحاً. كما تضررت 200 هيئة إسعافية، مع سقوط 151 شهيداً و212 جريحاً.
- شدد وزير الصحة اللبناني على توثيق الاعتداءات الإسرائيلية التي تنتهك القانون الإنساني الدولي، داعياً إلى محاسبة إسرائيل على استهدافها المتعمد للعاملين الصحيين والمنشآت الصحية.
- دعا الوزير المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في حماية الرعاية الصحية والعاملين فيها، مؤكداً على أهمية التضامن الجماعي في زمن الصراعات.

عرض وزير الصحة العامة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض تقريراً مفصّلاً عمّا تسبّب به العدوان الإسرائيلي على لبنان من أضرار في القطاع الصحي، ولا سيّما تلك التي طاولت عاملين صحيين ومرافق ومنشآت، وأشار إلى أنّ هذه الوثيقة تأتي لتوثيق الاعتداءات التي تنتهك القانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف من جهة، ولتكريم الشهداء الذين سقطوا من جهة أخرى، وكذلك للمطالبة بمحاسبة إسرائيل.

وأفاد الأبيض، في مؤتمر صحافي عقده اليوم الجمعة، بأنّه "على صعيد المستشفيات، سجّلنا 55 اعتداءً"، شارحاً أنّ 36 مستشفى استُهدفت بطريقة مباشرة، الأمر الذي أدّى إلى إقفال ثمانية مستشفيات قسراً، فيما تعمل سبعة أخرى جزئياً. أضاف أنّه خلال هذه الاعتداءات سقط 12 شهيداً في المستشفيات المستهدفة، إلى جانب 60 جريحاً، في حين تضرّرت 24 آلية.

163 شهيداً و272 جريحاً في قطاع لبنان الصحي

لفت وزير الصحة العامة إلى أنّ جثث سبعة مسعفين شهداء ما زالت عالقة منذ أسبوعَين عند مثلّث العديسة - رِبّ ثلاثين - الطيبة في جنوب لبنان، إذ ترفض قوات العدوّ حتى الآن السماح لنا باسترجاعها. كذلك، فإنّ ستة عاملين صحيين في برعشيت بالجنوب ما زالوا تحت الأنقاض في مركز إطفاء، و"لم نتمكّن من الوصول إليهم"، مشدّداً على أن الاستهدافات الإسرائيلية تطاول كلّ الجمعيات الإسعافية العاملة في لبنان من دون استثناء.

وتحدّث الأبيض عن "200 اعتداء طاولت الهيئات الإسعافية، مع سقوط 151 شهيداً و212 جريحاً، الأمر الذي يجعل مجمل عدد الشهداء في القطاع الصحي والاستشفائي 163 شهيداً إلى جانب 272 جريحاً"، مضيفاً أنّ "51 مركزاً تعرّضت للاستهداف، و158 سيارة إسعاف، و57 سيارة إطفاء، و15 آلية إنقاذ". وتابع: "كذلك وثّقنا اعتداءات إسرائيلية على مراكز للرعاية الصحية الأولية، مع تعرّض 25 مركزاً للاعتداء بطريقة مباشرة، فيما ثمّة 58 مركزاً مقفلة قسراً بسبب الأوضاع الأمنية في محيطها".

إسرائيل تنتهك القانون الإنساني الدولي بصورة فاضحة

وأكّد وزير الصحة العامة اللبناني، في مؤتمره الصحافي، أنّ "الهدف من الوثيقة (التي يكشف عنها) تسجيل الاعتداءات على العاملين الصحيين وعلى المرافق والمنشآت الصحية خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، وهو أمر يمثّل انتهاكاً فاضحاً للقانون الإنساني الدولي ولاتفاقيات جنيف التي تنصّ على حماية المدنيين والعاملين الصحيين والمنشآت الطبية في أوقات النزاع".

وبيّن الأبيض أنّ "وثيقة وزارة الصحة العامة تهدف كذلك إلى تكريم الأبطال الذين استشهدوا خلال أداء واجبهم الإنساني، وإلى المطالبة بالمحاسبة (لإسرائيل)، وإعادة التشديد على المسؤولية الجماعية في حماية العاملين الصحيين والإسعافيين والمنشآت الصحية في الصراعات".

وشددت وزارة الصحة العامة على الانتهاك الخطر للقانون الإنساني الدولي، إذ إنّ الاستسهال في تعمّد استهداف العاملين الصحيين والإسعافيين والمنشآت الصحية في لبنان يمثّل انتهاكاً لمبدأ التناسب والتمييز الذي يمثّل حجر الأساس في القانون الإنساني الدولي، ولأنّ الاعتداءات ليست أحداثاً منفصلة بل تعكس عدم الاكتراث بالمعايير الإنسانية، الأمر الذي يتسبّب في أذية كبيرة للمجتمعات الضعيفة والهشّة من خلال إعاقة حصولها على الرعاية المنقذة للحياة.

ورأى الأبيض أنّه في إطار التوثيق والتحقّق الواجبَين، فإنّ الوثيقة "تمثّل أداة أساسية لجمع الاعتداءات والتحقّق منها وحفظها بالتواريخ التي وقعت فيها، الأمر الذي يضمن توثيق كلّ الاعتداءات من دون استثناء وحفظ ذكرى كلّ حياة فُقدت"، مشدّداً على أنّ هذه "خطوة ضرورية وحتمية في اتجاه السعي إلى المحاسبة وضمان عدم تجاهل الانتهاكات أو نسيانها أو السماح بتكرارها".

تكريم لشهداء الصحة والإسعاف في لبنان 

تابع الأبيض أنّ "هذه الوثيقة تأتي إهداءً لذكرى العاملين الصحيين والإسعافيين الذين قدّموا حياتهم خلال اهتمامهم بالآخرين وتضحياتهم التي تمثّل انعكاساً واضحاً للمخاطر التي يواجهها العاملون الصحيون والمسعفون في الصفوف الأمامية في زمن الحرب"، مشيراً إلى أنّهم في وزارة الصحة العامة في لبنان "حريصون على تكريم شجاعة هؤلاء والتزامهم، ونؤكّد التزامنا برفع الصوت للدفاع المستمرّ عن حماية الرعاية الصحية في لبنان".

وأكمل أنّ "الطابع الحيادي لخدمات الرعاية الصحية والعاملين الصحيين يستدعي الحماية ويوجب عدم المسّ به حتّى في أوقات النزاع، لأنّ هذه المنشآت وهؤلاء الأفراد يمثّلون الالتزام الإنساني الجماعي من خلال تخفيف المعاناة والحفاظ على الحياة. ونشدّد على الحاجة إلى إعادة تأكيد حرمة الرعاية الصحية".

ووجّه وزير الصحة العامة نداءً إلى المجتمع الدولي لتحمّل مسؤولياته في تطبيق القانون الإنساني الدولي ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات والتأكّد من عدم تكرار ارتكاب فظاعات كهذه، مشيراً إلى أنّ ما يأتي في إطار الوثيقة "يمثّل من جهة شهادة على الانتهاكات، ويذكّر من جهة ثانية بأنّه من غير الممكن للعدالة أن تكون انتقائية، وبأنّ الإفلات من العقاب يؤدّي إلى مزيد من الانتهاكات المستقبلية ولا يمكن تدارك اعتداءات مماثلة إلا من خلال المحاسبة". وفي حين رأى الأبيض ضرورة تحمّل المسؤولية الجماعية والتضامن من خلال خطوات عملية، دعا "كلّ الدول والأفراد والمنظمات للانضمام إلى الدفاع عن الرعاية الصحية في زمن الصراعات"، مبيّناً أنّ "حماية الرعاية الصحية واجب جماعي وأيّ تهديد يطاولها في أيّ مكان في العالم من شأنه أن يطاول مبدأ حماية هذه الرعاية إجمالياً ولن يكون أيّ منها آمناً فعلياً".

المساهمون