وزير الصحة العامة اللبناني يطمئن: لا مشكلة دواء وكل شيء تحت السيطرة

18 أكتوبر 2024
وزير الصحة العامة اللبناني يتسلّم مساعدات من منظمة الصحة العالمية، 10 أكتوبر 2024 (إكس)
+ الخط -

تكثر الشائعات وسط العدوان الإسرائيلي المتصاعد على لبنان أخيراً، ومنها ما يطاول جوانب ذات صلة بالصحة، بما في ذلك قدرات المنظومة الصحية وتوفّر الأدوية وغيرهما. وقد عقد وزير الصحة العامة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، فراس الأبيض، مؤتمراً صحافياً، اليوم الجمعة، طمأن عبره السكان بأنّ لا مشكلة دواء في لبنان، وبأنّ كلّ شيء تحت السيطرة، وبالتالي لا داعي للتهويل.

ونفى الأبيض كذلك ما يجري تداوله عن تفشّي مرض الكوليرا في لبنان، مبيّناً أنّ الأمر ما زال محصوراً بإصابة واحدة مؤكدة رُصدت هذا الأسبوع في شمال البلاد، وبالتالي فإنّ لا حالات مستجدّة. ونفى، في الإطار نفسه، أن تكون للإصابة علاقة بأيّ مركز إيواء للنازحين، وشدّد على أنّ وزارته "في أعلى جهوزية" لمواجهة هذا المرض في حال انتشاره.

تناول الأبيض، في مؤتمره الصحافي، كميات الأدوية المتوفّرة في لبنان بالتفصيل. وقال إنّه في ما يتعلّق بأدوية الأمراض المزمنة، فإنّ المخزون الحالي من تلك الأدوية المستوردة يكفي لمدّة أربعة أو خمسة أشهر، مشيراً إلى أنّ عمليات الاستيراد تجرى بصورة طبيعية، لأنّ شركة طيران الشرق الأوسط - الخطوط الجوية اللبنانية (ميدل إيست) تعطي أولوية للأمور الصحية، ولا سيّما الدواء، الأمر الذي يضمن تأمين الكميات التي كانت تصل عبر شركات طيران أخرى، فيُعزَّر المخزون بصورة مستمرة.

بخصوص أدوية الأمراض المزمنة المصنّعة في لبنان، أفاد الأبيض بأنّ المواد الأولية اللازمة لها متوفّرة، وبالتالي في إمكان المصانع تأمين هذه الأدوية لمدّة أربعة أشهر، وثمّة مصانع أخرى قادرة على تأمين أدوية لمدّة ثمانية أشهر. أضاف أنّ وزارة الصحة العامة تسلّمت كميّة كبيرة من أدوية الأمراض المزمنة في إطار المساعدات، وقد وُجّهت إلى مراكز الرعاية الصحية الأولية لتوزيعها مجّاناً على النازحين. وأكد الأبيض أنّ من شأن ذلك أن يؤدّي إلى تكوين مخزون دوائي استراتيجي، في حال طال العدوان وتفاقم واستجدّ أيّ إقفال للموانئ.

قبل أن يبدأ وزير الصحة العامة اللبناني حديثه عن أدوية الأمراض السرطانية، عبّر عن استغرابه من الرقم "خمسين ألفاً" المتداول للإشارة إلى عدد مرضى السرطان، وأفاد بأنّ لبنان لم يبلغ بعد هذا "الرقم المرعب". أضاف الأبيض أنّ عدد مرضى السرطان والأمراض المستعصية الذين يستحصلون على أدويتهم من الوزارة لا يتعدّى العشرة آلاف، مشدّداً على أنّ أدويتهم متوفّرة. وأوضح الأبيض أنّ وزارة الصحة العامة تسلّمت من عدد من الشركات مخزون ستة أشهر من أدوية معيّنة، في حين أنّ مخزون أدوية أخرى يكفي لمدّة شهرَين على الأقلّ. كذلك فإنّها وضعت خطة مع المستوردين لزيادة المخزون، فيكفي أربعة أشهر كما الوضع بالنسبة إلى أدوية الأمراض المزمنة.

ولفت الوزير إلى أنّ العائق الوحيد الذي قد يواجهه بعض المرضى هو تقديم الطبيب المعالج ملفّ المريض إلى وزارة الصحة العامة بحسب الآلية المعتمدة على منصّة "أمان"، وتقديم الوصفة الدوائية من ضمن البروتوكولات المقرّة. فإذا لم يجرِ ذلك، يتوجّب على المريض التوجّه إلى السوق المحلي.

ذكّر الأبيض بأن وزارة الصحة العامة تقدّم الأدوية إلى النازحين من خلال مراكز الرعاية الأولية المربوطة بمراكز الإيواء والفرق المتنقّلة، كذلك في إمكان النازح غير الموجود في مركز إيواء التوجّه إلى أحد مراكز الرعاية الأولية. ودعا إلى الاطّلاع على اللائحة اليومية التي تصدر عن الوزارة بأسماء المراكز وأرقامها، حتى يتمكّن أيّ مريض نازح من الحصول على معاينة ودواء.

وتحدّث الوزير عن 233 مركز رعاية أولية متوفّرة حالياً، تقدّم الخدمات الصحية لـ788 مركز إيواء. وشرح الأبيض أنّ وزارته وزّعت على هذه المراكز مليوناً و600 ألف علبة دواء من مستودعاتها في الكرنتينا (شرقي بيروت)، في الأسبوعَين الماضيَين، تشمل 90 صنفاً مختلفاً من الأدوية، من بينها أدوية أمراض حادّة وكذلك أدوية أمراض مزمنة بما فيها الإنسولين، وهكذا حصل كلّ مركز على ما بين خمسة آلاف وستة آلاف علبة دواء. ولفت الأبيض إلى توزيع كميات إضافية من الأدوية من خلال برنامج شريك مع وزارة الصحة العامة تنفّذه جمعية الشبّان المسيحية، الأمر الذي يجعل إجمالي ما جرى توزيعه من علب دواء 2.1 مليون علبة.

لاحظ وزير الصحة العامة أنّ الطلب لم يتغيّر، بصورة كبيرة، على أدوية الأمراض المزمنة، فيما سُجّلت زيادة بنسبة 40 إلى 50% في أدوية الأمراض الحادّة، إذ يتسبّب الاكتظاظ في مراكز الإيواء وعدم توفّر مرافق صحية عامة في ظهور أمراض جلدية مثل الجرب، وكذلك في ظهور حالات تسمّم غذائي وإسهال حاد، الأمر الذي من شأنه أن يضاعف الحاجة إلى أدوية أمراض حادّة مثل المسكّنات وخافضات الحرارة واسعة الاستخدام (مثالاً بنادول) والمضادات الحيوية.

في المؤتمر الصحافي نفسه، أعلن وزير الصحة العامة عن بدء جولة ثانية من توزيع الأدوية، من المتوقع أن تكون وفقاً لطلب من يحتاج إليها، إذ إنّ المخزون ما زال كاملاً في عدد من المراكز.

في سياق متصل، أوضح الأبيض أنّ لدى لبنان ثلاثة مصانع للأمصال تؤمّن حاجة السوق، من بينها مصنع في منطقة خطرة إلا أنّه يتابع عمله. أضاف أنّ وزارته تلقّت كمية كبيرة من الأمصال من خلال المساعدات، وبالتالي لا نقص في هذا المجال. وكرّر الأبيض أنّه بصورة عامة "لا مشكلة دواء"، لافتاً إلى أنّ الصناعيين الذين بذلوا جهوداً في السنوات الثلاث الماضية ساعدوا في توفير "أمن دوائي كبير جداً"، كذلك يقوم المستوردون بواجبهم.

ملايين الدولارات لتعزيز الأمن الصحي في لبنان

من جهة أخرى، أعلن وزير الصحة العامة عن تجاوب البنك الدولي مع طلب لبنان الحصول على منحة من "صندوق الوقاية من الجوائح" التابع له، من أجل دعم برنامج الترصّد الوبائي والمختبر المركزي لتعزيز الأمن الصحي في لبنان. وكشف الأبيض أنّ أكثر من 190 طلباً قُدّمت من دول أخرى للحصول على مثل هذه المنحة من البنك الدولي، ليبلغ حجم الطلبات 4.5 مليارات دولار أميركي، في حين أنّ المبلغ المرصود للتوزيع هو 500 مليون دولار فقط. وقد اختير طلب لبنان من بين الطلبات، علماً أنّ مبلغ المنحة لم يُحدَّد بعد إنّما يُقدَّر بملايين من الدولارات.

وصرّح الأبيض: "إنني جدّ سعيد بقبول طلب لبنان لأنّ المنحة ستسهم في تعزيز أمننا الصحي. ولا بدّ من شكر فريق وزارة الصحة العامة والشركاء في يونيسف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) ومنظمة الصحة العالمية ووزارة الزراعة والفاو (منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة) على الجهد الذي بذلوه للحصول على المنحة".

المساهمون