منذ اليوم الأول كنت ضد إطاحة الرئيس، محمد مرسي، بلا مسوغات، كنت أدرك أبعاد الثورة المضادة، التي لا تستهدف مرسي، وحكمه، وإنما كل الاستحقاقات التي حققها المصريون عندما ثاروا على مبارك، ومنظومة الفساد المالي والإداري والأمني والعسكري، التي كان يجلس على قمتها.
كنت أرى بوضوح المستقبل المظلم الذي تعيشه مصر الآن بعد الانقلاب، من قمع وقتل واعتقال، وتقسيم البلاد إلى شعوب عدة، وليس فقط شعبين كما كان يقال عن مرسي.
كانت خطة إطاحة الرئيس المنتخب الأول تسير على قدم وساق، من دون أن يبذل، هو أو أي من معاونيه أو داعميه شيئاً لإيقافها أو إفشالها، أو حتى تحجيمها.
لم يكن يخطر ببالي في الأشهر الأخيرة من حكم مرسي، حجم الدم الذي أريق بعدها، لم يكن وارداً أبداً في أسوأ أحلامي وقوع هذه المجازر الجماعية، ما حدث كان خارج كل التوقعات، وأقسى من كل الكوابيس، كابوس الدم، والقمع كان قاسياً لدرجة الصدمة، لكني أحد من صَدَمَتهم بقسوة أكبر حالة الشماتة، واللامبالاة والتحريض على المزيد من الدم من جانب أشخاص كانوا قبل فترة قصيرة ينتحبون على دماء عدة أشخاص سقطوا برصاص الشرطة في عهد مرسي.
ومنذ اليوم الأول لعزل مرسي، من قائد الجيش في انقلابه العسكري مكتمل الأركان، وأنا أصر على أنه لا ضرورة لعودة مرسي إلى الحكم، مهما كانت المبررات التي يسوقها بعض أنصاره أو معارضي الانقلاب، كدليل على ضرورة عودته لاستكمال المسار الشرعي والدستوري والقانوني.
سقط مرسي، ولن يعود، بل لا يجب أن يعود، الأهم، أن تعود الثورة، وأن يعود الثوار الحقيقيون، وليس نشطاء الثورة الذين ناموا في سرير العسكر منذ اليوم الأول، وفي رأيي أن عودة الثورة لن تتحقق إلا برئاسة، عبد الفتاح السيسي للبلاد.
يرى السيسي، نفسه المنقذ، ويرى أنصاره ممن يمجد معظمهم أحذية العسكر، أنه المهدي المنتظر، ويتحالف معهم فريق واسع من اليساريين والناصريين الذين يكرهون الإسلاميين أكثر ممّا يكرهون الشياطين.
هؤلاء، هم أعداء الثورة، وعليهم يجب أن تقوم، ولاشك أنها ستقوم، ليس لإعادة الإسلاميين إلى الحكم، ولا لاستعادة مرسي، إلى كرسي الرئاسة، ولكن للقصاص من كل من قتل المصريين، سواء في ذلك من قتلوهم بالرصاص أو من قتلوهم بالسرقة والفساد والفشل الكلوي والسرطان، ومن قتلوهم كمداً بتعليم فاشل ورعاية صحية متدنية وحقوق ضائعة في الداخل والخارج، ومن قتلوهم بالصمت وقبول الأمر الواقع طالما لم يطلهم شخصياً.
قاد السيسي، الانقلاب العسكري، وعليه الآن أن يقود البلاد الذاهبة إلى الهاوية، ليلقى حتفه والى الأبد، لا أقبل شخصيّاً أن يحكم بلادي حالياً شخص غير السيسي، هو من أوصلنا الى هذا الحضيض، وعليه أن يتحمل تبعات أهوائه وأطماعه، عليه أن يتحمل عبء الدمار الذي أحدثه في المجتمع، ووزر الدم الذي أوقعه عامداً، منطقياً لا أحد يقوم بانقلاب عسكري ليحكم غيره.
السيسي مجرم ينتظره مجرمون ليحكمهم، هو يستحقهم وهم يستحقونه، وعندما يحكمهم سيواصل قتلهم وقمعهم، وعندما يفيض بهم الكيل سيقررون الخروج عليه، ولا أشك للحظة أنه سيموت قتيلاً، وربما على يد أحد أقرب المقربين منه. "من قتل يقتل ولو بعد حين".
لكن تذكروا، عندما يفشل السيسي، وسيفشل قريباً جداً، وعندما تخرجون مجدداً إلى الشوارع تنادون بإسقاط النظام، وستفعلون، إن عاجلاً أو أجلاً، تذكروا أن حكم العسكر لم يجعل من أي بلد في العالم دولة محترمة، وأن هتاف "الشعب والجيش يد واحدة" أطلقه العسكر في الشوراع وليس جماعة الإخوان، وأن من سينادي عندها مجدداً بحكم عسكري سيكون الخائن الأوحد.
فإلى أن نلتقي في ميدان التحرير.. اللهم ارحم الشهداء واستجب دعوات أمهاتهم.