تتناسل مراكز الرقى والحجامة مثل الفِطر في عدد من المدن المغربية، حيث لا يكاد يخلو حي من أحياء مدن كبرى، مثل الرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس وطنجة وغيرها من حواضر المملكة، من مقرات ومحلات حوّلها أصحابها إلى شبه عيادات خاصة بما يسمى "الرقية الشرعية" أو الحجامة النبوية.
ومن اللافت للانتباه انتشار العديد من "عيادات" الرقى والحجامة، يقف وراءها شباب في الغالب لديهم توجهات دينية وميول سلفية على الخصوص، كما توجّه عدد من أهل الاختصاص والتجربة إلى فتح مراكز متخصصة في العلاج بالرقى والحجامة النبوية.
وفي السياق، قال إسماعيل أبو عبد الرحمان، صاحب "عيادة" للرقى الشرعية، في ضواحي مدينة سلا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه أخذ التجربة عن أحد مشايخ الرقى الشرعية، وتعمق في هذا المجال حتى صارت له دراية كبيرة، ثم فتح محلاً يعالج فيه الناس بالرقى.
وحول الأمراض التي يعالجها بفضل الرقى الشرعية، أوضح إسماعيل أنه يتخصّص في المس من الجن، والصرع أيضا، والحسد والعين، كما يبعد الوساوس القهرية عن المصاب، ويبطل السحر الذي يمكن أن يُعمل للفتاة حتى تظل عانساً، وغيرها من الأمور الطارئة على نفسية المريض"، وفق تعبيره.
وليست "عيادات" الرقى وحدها التي تنتشر كالفطر في مدن البلاد، بل أيضا محلات الحجامة النبوية، وكثيراً ما يجمع صاحب المحل الرقى بالحجامة من أجل جلب أكبر عدد ممكن من الزبائن، وهو ما أكده محمد أزرود، مشرف على مركز للعلاج بالحجامة، لـ"العربي الجديد"، وقال إنّ العلاج بالرقى والحجامة هما معا من معين الهدي النبوي.
وأضاف المتحدث ذاته، بأن الذين يقبلون على الرقى الشرعية وفق وتيرة الزبائن لديه، وعند زملائه من المهنة، هم أكثر من الراغبين في الحجامة، مبرّرا ذلك بأن العنصر النسائي هنّ أكثر من يطلبن الرقى، خاصة بالنسبة للعانسات أو اللائي يشتكين من أعراض السحر أو العين.
من جهته، أكد الدكتور محمد بولوز، الباحث في العلوم الشرعية، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أنه إذا انتفت الحاجة الداعية إلى التداوي بالحجامة، فلا يستحب فعلها، لأنه قد يتضرر الإنسان بها، مبرزا أن الرسول صلى الله عليه وسلم احتجم عند حاجته إلى ذلك، فينبغي الاقتصار على ما جاءت به السنة.
وشدّد بولوز على أنه يجب أن يقوم بالحجامة من يحسنها، مثل مختلف المهن والوظائف نظراً لما قد يترتب عليها من أضرار إذا قام بها من لا يحسنها، "فيتعيّن تنظيم القطاع برخصه وشروطه حتى لا يلجه من هبّ ودبّ"، مشيراً إلى أن هناك بعض الحالات لا تجوز فيها الحجامة، كالمصابين بمرض فقر الدم.
وأردف عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بأن "هذا كله لا يغني عن اتباع الطرق العلمية التجريبية من تحليلات وكشوفات وأدوية ناجعة من غير مضاعفات ضارة"، مضيفا: "كلما اقتربنا من اليقين كان أفضل من البقاء في دائرة الظن، فالنبي استخدم في زمانه أحسن ما وصل إليه الناس، فإذا وجد في التداوي ما هو أفضل اليوم اتبعناه".
وأكد بولوز أن الأصل في الرقى الشرعية أن يقوم بها الناس لأنفسهم بما علّمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، من سور وآيات وأذكار معلومة مثل المعوذتين وآية الكرسي، وغير ذلك من أدعية خاصة، مبينا أنه "لا حاجة إلى هذه المحلات المتخصصة في الرقى الشرعية"، قبل أن يخلص إلى أن الأفضل هو "الجمع بين التداوي الحديث والرقى الشرعية التي يجب أن يتعلمها الناس لأنفسهم وذويهم".