و"الجرتق" عادة من عادات الزواج السودانية، وتنتشر لدى القبائل التي تسكن الشريط النيلي، وهي عبارة عن تقاليد ضد "العين والحسد والجن"، ويعتقد أيضا أنها فأل حسن لجلب الرزق والمال والأولاد.
عند مدخل قاعة المهرجان، ملأ اللون الأحمر المكان، خصوصاً أنه اللون الأساسي في طقوس الجرتق، فضلا عن الروائح السودانية التقليدية والبخور التي عادة ما تلازم العروس السودانية والمرأة المتزوجة.
في إحدى زوايا المهرجان، اتخذت سيدات كبيرات السن مكانهن لشرح أهمية "الجرتق" كتقليد سوداني قديم، بالإضافة إلى قيمته الاجتماعية ومساهمته في تخفيف كلفة الزواج.
تقول إحداهن، وتدعى جميلة، لـ"العربي الجديد": "الجرتق عادة قديمة في السودان وركن من أركان الزواج، خصوصاً في الريف، وأذكر أنني يوم زواجي لم أرتد فستان الزفاف الأبيض، وإنما حرصت على الزي البلدي الخاص بـ"الجرتق "، وهو عبارة عن ثوب سوداني باللون الأحمر، ترافقه طاقية مصنوعة من الخيط الأسود توضع على رأس العروس، بها خرز ذهبي على شكل هلال يتدلى في نصفه خيط أحمر".
وتوضح "قمت بكل طقوس الجرتق، من لبس الحرير الأحمر المزين بالخرز، وتبادل عملية رش الحليب مع العريس في إطار منافسة يحمس عليها المدعوون"، وتضيف "الآن لدي خمس بنات، زوجت منهن اثنتين باللباس البلدي والجرتق، وكان في ذلك تخفيف على الزوج باعتبار أن متوسط حفل الزفاف يكلف حاليا 1500 جنيه".
وأردفت "إذا كانت لديهم أموال، الأفضل أن يصرفوها على مستقبلهم، بدلا من المظاهر التي تكلفهم الكثير وتبعدهم عن طقوس أجدادهم".
من جهتها، تقول إحدى منظمات المهرجان، نوارة فقيري، لـ"العربي الجديد": "وقع اختيارنا على الجرتق لتسليط الضوء على هذا الموروث، بالنظر إلى اقتراب مواسم الأعراس في البلاد".
وتتابع "وجدنا أن الجرتق رغم أهميته في الزواج وتميّز السودانيين عن غيرهم به، إلا أنه بدأ يندثر، لذا قررنا أن نعيده إلى الواجهة". وذكرت أنهن خصصن جزءا من المهرجان لعرض البخور السوداني للجماهير للبيع وتخصيص مداخيله للمساهمة في علاج الأطفال مرضى السرطان.
وتشير فقيري إلى التجاوب الكبير من الشباب مع طقس الجرتق، خصوصاً أن معظمهم ليس لديه معلومات كافية عنه، مبرزة أن الجرتق يعكس الهوية السودانية، كما أن العودة لنظام الزواج القديم من شأنه أن يقلل من كلفة الزواج وينهى حالة العزوف عنه وسط الشباب.