"يملك كبار السنّ حقوق اتخاذ القرارات المتصلة باستقلالهم ورعايتهم ونوعية حياتهم". (الأمم المتحدة 1991)
كأنّنا نعيش في مجتمعات ليس فيها كبار سنّ ولا صغار حتى. المنحى العام يجعلنا نعيش في منطقة وبلدان لا تعرف سوى الحروب والآهات والوجع... وبعد التقديم السابق، ندخل في صميم وقائع المعاناة التي تضغط بأثقالها على آبائنا وأمهاتنا.
كلّ الأديان السماوية والفلسفات القديمة تحدّثت عن حقوق الآباء والأمهات علينا، وما يجب أن يتلقّوه من احترام ورعاية. ليست العودة إلى الكتب المقدسة هي ما تعنينا، بل إلى عالم اليوم. ربما تأخّرت لدى الهيئات الدولية العناية بهؤلاء. في عام 1948، كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتتالت بعده الإعلانات التي تتناول الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأسرى والحروب وما إلى ذلك. كثيرون في المجتمع الدولي تصرّفوا كأنّ حقوق هؤلاء تدخل في أبواب العهود والمواثيق السابقة، حتى انعقدت الجمعية العالمية الأولى للشيخوخة وكبار السنّ في فيينا في عام 1982 ووضعت النصّ الأوّل لحقوق كبار السنّ من ضمن محاور تركّز على الاستقلالية والمشاركة والرعاية وتحقيق الذات... وتباعاً، صدرت نصوص مكمّلة دعت فيها الأمم المتحدة الدول الأعضاء في المجتمع الدولي إلى الانتباه إلى حال كبار السنّ في تلك البلدان، وأرفقت ذلك بوضع مبادئ يمكن الاسترشاد بها في تنفيذ الالتزامات الدولية. من هذا المنطلق، يمكن فهم ما أُقِرّ في مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية في عام 1995 وإعلان الأمم المتحدة للألفية في عام 2000.
أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً، خصوصاً مع عطف المواقف الدولية أوضاع كبار السنّ على جملة المواثيق والتعهدات والاتفاقات الدولية من دون نقاش الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ويبقى القول إنّ الدافع الواضح لحضور قضية كبار السنّ، هو حال التهميش التي يتعرّضون لها في مجتمعاتهم، الأمر الذي يجعل أوضاعهم في مثل أوضاع الفئات الهشة كالأطفال والنساء والمشرّدين واللاجئين. بالطبع، نعرف أنّ القرارات الدولية ليست ملزمة وأنّه على كلّ دولة أن تأخذها بعين الاعتبار، لكنّها ليست ملزمة بتنفيذها وإن كانت تتعرّض للمساءلة في الاجتماعات الدولية التي تناقش هذه القضايا.
تُلحّ المواثيق الدولية على ضمان مشاركة كبار السنّ في تقديم معارفهم وخبراتهم للمجتمعات وتؤكّد على إتاحة الفرص أمامهم لتقديم مهاراتهم للأجيال الشابة التي هي في أمسّ الحاجة إليها، تبعاً لقدراتهم وإمكاناتهم . لكنّ العكس يحدث ويُقصون إلى هامش الهامش، حيث يرغمون على حمل صليب أعمارهم والمضيّ قدماً نحو قدرهم المحتوم.
*أستاذ جامعي
اقــرأ أيضاً
كأنّنا نعيش في مجتمعات ليس فيها كبار سنّ ولا صغار حتى. المنحى العام يجعلنا نعيش في منطقة وبلدان لا تعرف سوى الحروب والآهات والوجع... وبعد التقديم السابق، ندخل في صميم وقائع المعاناة التي تضغط بأثقالها على آبائنا وأمهاتنا.
كلّ الأديان السماوية والفلسفات القديمة تحدّثت عن حقوق الآباء والأمهات علينا، وما يجب أن يتلقّوه من احترام ورعاية. ليست العودة إلى الكتب المقدسة هي ما تعنينا، بل إلى عالم اليوم. ربما تأخّرت لدى الهيئات الدولية العناية بهؤلاء. في عام 1948، كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتتالت بعده الإعلانات التي تتناول الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأسرى والحروب وما إلى ذلك. كثيرون في المجتمع الدولي تصرّفوا كأنّ حقوق هؤلاء تدخل في أبواب العهود والمواثيق السابقة، حتى انعقدت الجمعية العالمية الأولى للشيخوخة وكبار السنّ في فيينا في عام 1982 ووضعت النصّ الأوّل لحقوق كبار السنّ من ضمن محاور تركّز على الاستقلالية والمشاركة والرعاية وتحقيق الذات... وتباعاً، صدرت نصوص مكمّلة دعت فيها الأمم المتحدة الدول الأعضاء في المجتمع الدولي إلى الانتباه إلى حال كبار السنّ في تلك البلدان، وأرفقت ذلك بوضع مبادئ يمكن الاسترشاد بها في تنفيذ الالتزامات الدولية. من هذا المنطلق، يمكن فهم ما أُقِرّ في مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية في عام 1995 وإعلان الأمم المتحدة للألفية في عام 2000.
أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً، خصوصاً مع عطف المواقف الدولية أوضاع كبار السنّ على جملة المواثيق والتعهدات والاتفاقات الدولية من دون نقاش الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ويبقى القول إنّ الدافع الواضح لحضور قضية كبار السنّ، هو حال التهميش التي يتعرّضون لها في مجتمعاتهم، الأمر الذي يجعل أوضاعهم في مثل أوضاع الفئات الهشة كالأطفال والنساء والمشرّدين واللاجئين. بالطبع، نعرف أنّ القرارات الدولية ليست ملزمة وأنّه على كلّ دولة أن تأخذها بعين الاعتبار، لكنّها ليست ملزمة بتنفيذها وإن كانت تتعرّض للمساءلة في الاجتماعات الدولية التي تناقش هذه القضايا.
تُلحّ المواثيق الدولية على ضمان مشاركة كبار السنّ في تقديم معارفهم وخبراتهم للمجتمعات وتؤكّد على إتاحة الفرص أمامهم لتقديم مهاراتهم للأجيال الشابة التي هي في أمسّ الحاجة إليها، تبعاً لقدراتهم وإمكاناتهم . لكنّ العكس يحدث ويُقصون إلى هامش الهامش، حيث يرغمون على حمل صليب أعمارهم والمضيّ قدماً نحو قدرهم المحتوم.
*أستاذ جامعي