في تعبير لافت عن القلق الذي يشعر به يمين الوسط الدنماركي من تقدّم الخطاب المتطرف بحق مسلمي بلادهم وأوروبا، ذهب وزير العدل الدنماركي، سورن بيند (من الحزب الليبرالي الحاكم)، المعروف بمواقفه الناقدة جدا لما يسمى "الإسلام السياسي"، نحو موقف لاذع للنقاش العام حول المسلمين عموماً.
سورن بيند، المسؤول تنفيذياً عن أجهزة القضاء والشرطة والاستخبارات، وفي مقابلة مع كبرى الصحف الدنماركية اليومية "بوليتيكن"، اليوم الأحد، حذّر من "قيام السياسيين والمحاورين في اليمين بالدفاع عن فكرة أن الدنمارك والغرب في حالة حرب مع الإسلام كظاهرة عامة".
واحتدم الجدل، طيلة فترة الصيف، وتصاعدت نبرته بطريقة لم تشهدها الدول الإسكندنافية سابقا، والتي وصلت إلى اتهام المسلمين ودينهم بـ"العنف والإرهاب".
لكن سورن بيند كان أيضا في مرمى هجوم يميني متشدد، يرى أنه لم يكن حازما بما فيه الكفاية، وفقا لتلك الانتقادات، خصوصا من "حزب الشعب الدنماركي" اليميني المتشدد، وعلى لسان رئيسة البرلمان ومؤسسة الحزب، بيا كيرسغوورد، التي واجهت انتقادات عنيفة بسبب تدخلها في مصلحة حزب وتوجّه معين.
ووجد حزب "الشعب" ضالته في هجمات فردية في ألمانيا، الشهر الماضي، لفتح النار على الجاليات المسلمة، حيث يصفها البعض "كمن يريد تأسيس مخيمات نازية للمسلمين"، من خلال مقترحات تشدد وتنغص حياة المواطنين المسلمين، ومنها منع ختان الذكور، كما سبق لـ"العربي الجديد" أن نقل، ومقترحات بنقل اللاجئين إلى جزر بعيدة، على الطريقة الأسترالية.
المقترحات اليمينية المتشددة، والتي تستند إلى ردود أفعال متطرفة، يرى فيها المسؤول التنفيذي عن أجهزة حساسة في دولة تخشى ما تخشاه دول أوروبية أخرى، خطورة "فالمقترحات التشريعية المتشددة ستكون لها نتائج وخيمة. فهؤلاء (في اليمين المتطرف) يسعون بمقترحاتهم إلى استدعاء تلك النتائج التي ستكون إشكالية كبيرة لنا".
ولا يخفي الوزير الدنماركي قلقه من ظاهرة العنف اليميني المتشدد من خلال مقاربة قلما يتحدث عنها السياسيون في الغرب، حين يربط بين العنف وأوروبيين يعتمدون على الفكر المتطرف. فقد ذهب إلى الحديث عما جرى في النرويج قبل سنوات وما شهدته ميونخ قبل فترة بالقول إن "السفاح أندرس بريفيك والألماني الإيراني كليهما قاما بجريمتهما اعتمادا على ما يبثه الفكر اليميني المتطرف. وهنا أتحدث ليس تحليلا بل كرئيس مباشر لجهاز الاستخبارات".
حزب الشعب اليميني المتشدد، الذي يعد ثاني الأحزاب البرلمانية بعد الاجتماعي الديمقراطي وتعطيه الاستطلاعات نسبة 21 بالمائة من أصوات الناخبين، يرى في تصريحات بيند وانتقاده للخطاب اليميني المتطرف "محاولة لإسكاتنا. فلو اتبعنا ما يريده سورن بيند فسيكون علينا الصمت وعدم إخراج ما يعتمر في قلوبنا" بحسب ما صرح به حرفيا نائب رئيس الحزب سورن إسبرسن، واحد من أكثر الشخصيات المنتقدة للمسلمين والمؤيدة للصهيونية.
ويعتبر اليمين المتطرف أنه يحاور بـ"لغة واقعية. وعلى الوزير التمييز بين ما يجري نقاشه على وسائل الإعلام المعروفة وتلك الكتابات في وسائل التواصل الاجتماعي". لكن كثيرين يرون أن "استغلال اليمين المتطرف وسائل التواصل لبث خطاب كراهية يشعل أيضا نقاشا يصل مستوى من العنصرية والتحريض"، وذلك وفقا لما يقوله لـ"العربي الجديد" مسؤول لجنة مكافحة العنصرية في حزب اللائحة الموحدة اليساري، جون غراوسغوورد.
وكانت ضواحي كوبنهاغن قد شهدت تصعيدا في الشعارات المعادية للمسلمين، وآخرها ما جرى الأسبوع الماضي، حيث تم الاعتداء على أول مدرسة داخلية إسلامية في البلاد (أنشئت في 2014) وكتابة شعارات بذيئة ومعادية أقلها "فليخرج الإسلام من الدنمارك".
ويقول عبد الحميد سلطاني، الناشط في جمعية الشبان المسلمين الدنماركيين، إن "التحريض السياسي والإعلامي بات يجد صداه في ممارسات ومضايقات مقلقة، ونحن وجهنا العديد من الرسائل للسياسيين بأنه يجب الحذر من هذا الخطاب التحريضي الذي يضع المسلمين في سلة عمليات إجرامية".
وينتقد مسلمون، شبانا في تعليقهم على الحادثة "تصرفات الشرطة والساسة لم ترق لما نتعرض له، فلو كان الأمر ضد مدرسة يهودية، كما حدث في 2014، لكنا شاهدنا غضبة كبيرة تختلف عن هذا الاستخفاف بنا كضحايا لخطاب متشدد وعنصري". لكن الشرطة الدنماركية تقول ردا على تلك الانتقادات، وعلى لسان مسؤولها في منطقة المدرسة في نستفيد: "نحن نأخذ القضية بشكل جدي، لا نعرف إن كانت عملية التخريب والكتابة على الجدران عملا صبيانيا، لكننا أيضا لا نريد أن تتطور الأمور نحو التطرف".
وتُذكّر الحادثة الأخيرة بتعرض مقبرة إسلامية في مدينة أودنسه (وسط البلاد) لتخريب في سبتمبر/أيلول الماضي. وكان عدد من السياسيين قد حذروا حينها أيضا من تنامي الخطاب المعادي لمسلمي البلاد، وهو ما يخشاه وزير العدل، سورن بيند، بعد نحو عام من تلك الحادثة.