يقبل آلاف من الطلبة الأجانب على تعلم اللغة العربية في معاهد وجامعات المغرب، في ظاهرة تنامت بشكل كبير في الفترة الأخيرة، إذ يلتحق كثيرون من جنسيات أوروبية وآسيوية، خاصة الصين، بمؤسسات ومراكز مغربية متخصصة لتعلم لغة الضاد.
وتعتبر جامعة مدينة سطات أولى الوجهات التي يذهب إليها الناطقون بغير العربية، والذين يرغبون في التعلم، والتي تحتضن وفق إحصاءات حصل عليها "العربي الجديد" زهاء ألف طالب أجنبي سنوياً، وتليها جامعة تطوان بنحو 800 طالب، فضلاً عن جامعات مغربية أخرى.
ويعد مركز "قلم ولوح" بمدينة الرباط، وجهة مثالية لغير الناطقين بالعربية، من جنسيات أوروبية وأميركية، إذ يضمّ أكثر من 800 طالب أجنبي كل سنة، بعدما ذاع صيته في عدد من الجامعات الأجنبية كوجهة للطلبة الراغبين في تعلم اللغة العربية.
وفي ندوة دولية نظمت مؤخراً حول "تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها"، أكد خبراء أن "ما يجعل غير الناطقين بلغة الضاد يفدون إلى المغرب لتعلمها أن العربية أصبحت لغة مهمة في العالم، وأن المغرب يوفر معاهد وجامعات ومراكز للتعليم".
وتبقى التحديات التي تقف أمام تعليم العربية لغير الناطقين بها، وفق توصيات الندوة، مثل تحضير المواد المخصصة لغير الناطقين بالعربية، والمقاربات الحديثة الكفيلة بإيصال اللغة إلى الطلاب بطريقة سلسلة، وكذلك تدريب الأساتذة.
ويقول مارتان، وهو طالب بلجيكي قدم إلى المغرب لتعلم اللغة العربية، لـ"العربي الجديد"، إن ما دفعه إلى خوض المغامرة ما يسمعه عن جمال العربية، وأيضاً لشغفه بمعرفة الحضارة العربية التي لا يمكن سبر أغوارها من دون تعلم اللغة.
ويؤكد الدكتور فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، أن إقبال الأجانب على تعلم العربية في المغرب دليل على أهمية لغة الضاد، باعتبارها غدت لغة كونية، وتعلمها ضروري لفهم المجتمعات العربية والإسلامية والاقتراب من همومها وآمالها.
ويقول بوعلي، لـ"العربي الجديد"، إن "العربية لغة استراتيجية بالنسبة للمغرب، وممثلة لعمقه الحقيقي شمالاً وجنوباً، لذا فالبلد موطن لتعلمها"، فضلاً عن "حفاظ المغاربة على العربية باعتبارها لغة الدين الإسلامي، والعنصر المؤسس لنسيجهم الاجتماعي".
وسجل الخبير المغربي "غياب الدولة عن تنظيم قطاع تعليم اللغة العربية للآلاف من الناطقين بغيرها، ما جعل المجال يعيش فوضى منقطعة النظير، في خضم غياب التنسيق بين الفاعلين والأكاديميين".