واتفق الأهالي أمس، على بدء إضراب عام اليوم الإثنين، والاعتصام داخل خيمة تم نصبها لمنع دفن ما باتا يلقبان بـ"شهيدي الفحم"، على غرار "شهيدات الطحين" بمنطقة الصويرة، قبل أن تفض قوات الأمن الإضراب وتزيل الخيمة.
وقال الناشط عبد الرحمن نسيق، لـ"العربي الجديد"، إن حالة احتقان كبيرة متواصلة في جرادة، وإن "طريقة وفاة العاملين وتأخر نجدتهما لمدة يوم ونصف تقريبا، كانت شرارة غضب الأهالي الذين يطلبون تنمية المنطقة. جرادة في الشرق تعاني مثل الحسيمة في الريف، والمشاريع التنموية التي أطلقتها الحكومة غير موجودة على الأرض"، متسائلا عن مصير أموال ومخططات التنمية التي يقال إنها تذهب إلى المنطقة.
ووفق مصادر محلية، تجمع مئات المواطنين الغاضبين أمام مقبرة جرادة لمنع دفن العاملين، غير أن قوات الأمن استطاعت صباح اليوم، أن تفض الاعتصام، كما اعتقلت ثلاثة محتجين، قبل أن تتم عملية الدفن، بعد أن فشلت محاولات مسؤولين محليين في إقناع السكان بضرورة دفن الشابين قبل مواصلة الاحتجاجات.
لكن وسائل إعلام مغربية قالت إن السلطات المحلية توصلت إلى اتفاق مع عائلة الضحيتين تسمح العائلة وفقه بدفنهما، مقابل وعدهم بحلول لجنة وزارية من الرباط في الأيام المقبلة للوقوف على المشاكل التنموية، مع تقديم وعد بتوفير عمل لأرملتي الضحيتين، وكذلك منحهما شقتين بمدينة وجدة.
وأفاد عبد النبي بعيوي، رئيس الجهة الشرقية بالمغرب، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أنه تم الاتفاق مع عائلة الضحيتين على تسوية أوضاعهما الاجتماعية، من خلال منح أرملتي الشقيقين شقتين بمدينة وجدة، وتعويضا ماديا لمواجهة مصاريف الحياة بعد رحيل معيلي الأسرتين.
وأرغم المئات من أهالي جرادة السلطات على السماح بآداء صلاة الجنازة على الشابين بعد صلاة الظهر، قبل تشييع الجنازة في موكب مهيب، بعد أن قضى الأهالي ليلة أمس، يحرسون جثتي الشابين في مستودع الأموات، خشية دفنهما سرا.
ومساء الأحد، نظمت مسيرة احتجاجية شارك فيها العديد من سكان المدينة المعروفة بالفحم الحجري، وأوضح رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، لـ"العربي الجديد"، تشكيل لجنة تحقيق في الحادث المأساوي بجرادة، بعد وفاة الشقيقين داخل منجم لاستخراج الفحم في المدينة غمرته المياه وانفجر، بالإضافة إلى لجنة مركزية مهمتها دعم الحراك الاجتماعي الذي تشهده المنطقة بمشاركة الآلاف من السكان المطالبين بالكرامة الاجتماعية والعيش الكريم.
وانتقد رئيس المركز المغربي المقاربة التي تنتهجها السلطات بعد هذا الحادث، ورفضها الجلوس على طاولة الحوار، والتعامل بمنطق "اللامبالاة" مع احتجاجات عائلة الشقيقين وأهالي المنطقة التي تعيش على إيقاع التهميش وغياب البرامج التنموية في المنطقة.
وأضاف "الكل يتحمل المسؤولية في وفاة الشقيقين، وعلى رأسهم السلطات التي لم تبادر منذ إغلاق المنجم الوحيد في المنطقة، إلى أي برامج تنموية لضمان العيش الكريم، بل على العكس من ذلك تم منح تراخيص لمجموعة من الأشخاص للتنقيب عن الفحم بطرق عشوائية، في ضرب تام لشروط ومعايير السلامة التي يقتضيها التنقيب داخل المناجم والآبار، هذه المهمة التي من المفترض أن تقوم بها شركات بمؤهلات وإمكانات كبيرة لتجنب مثل هذه الحوادث وحقنا للدماء"، داعيا إلى "محاسبة كل المتورطين في منح هذه التراخيص والتلاعب بمسار عدد من المشاريع التنموية المتعثرة".
وشدد الحقوقي على ضرورة أن لا يحيد المسار الاحتجاجي عن أهدافه الاجتماعية المحضة، "من هذا المنطلق يتواصل عمل لجنتنا المركزية من أجل تأطير حراك سلمي وحضاري بعيدا عن أي اعتقالات أو إصابات أو ضحايا في صفوف المحتجين".
من جهتها، حمّلت جماعة العدل والإحسان "المحظورة" الدولة المسؤولية كاملة "عما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة الشرقية عموما، ومدينة جرادة خصوصا، نتيجة سياسة التفقير، والتهميش، والغياب التام للمشاريع الاقتصادية والتنموية".
Twitter Post
|
وانتقدت في بيان لها، قرار إغلاق مناجم الفحم الحجري في جرادة أواخر القرن الماضي، وعدم توفير فرص شغل لشباب المنطقة، داعية إلى ضرورة اعتماد مقاربة اجتماعية عادلة في حل ملف ضحايا إغلاق مفاحم جرادة تضمن لهم ولذويهم حق العيش الكريم في بلد ينعم بثروات تكفي كل المغاربة، في إشارة منها إلى أن الشباب العاطل من العمل يلجأ إلى الحفر التقليدي غير المؤمن وتستفيد من إنتاجه العشوائي كبريات الشركات المستهلكة للفحم الحجري، والتي تحصل عليه بثمن بخس.
يذكر أن مدينة جرادة في الجهة الشرقية بالمغرب، المعروفة بالفحم الحجري، شهدت العديد من الوقفات والمسيرات والاعتصامات الاحتجاجية لعمال وضحايا حوادث الشغل والمرض المهني السيليكوز عبروا خلالها عن تشبثهم بحقوقهم المشروعة وطالبوا بإحداث هيئة قضائية بمدينة جرادة مختصة في ملفهم.
Twitter Post
|