على غير عادتها، لم تتمكن الفلسطينية أزهار أبو سرور، والدة الشهيد عبد الحميد أبو سرور، من بيت لحم جنوب الضفة الغربية، من احتضان نجلها الشهيد في يوم الأم، فسلطات الاحتلال ما زالت تحتجز جثمانه منذ نحو عام، بعد تنفيذه عملية تفجير في حافلة إسرائيلية في قلب مدينة القدس المحتلة.
وتقول أزهار، لـ"العربي الجديد"، على هامش وقفة احتجاجية ضد احتجاز الاحتلال لجثامين الشهداء في ميدان المنارة وسط مدينة رام الله، "أوجه رسالة من أمٍ جثمان ابنها محتجز لدى الاحتلال، نريد حراكا أكبر لمعاقبة إسرائيل على هذه الجريمة، والقضاء على جرائم الاحتلال".
كانت أزهار تشعر قبل استشهاد ابنها واحتجاز جثمانه بشعور صديقاتها المحتجزة جثامين أبنائهم، لكنها اليوم تشارك ميدانيا في كل الفعاليات المطالبة بتحرير جثامين الشهداء، وعاهدت نفسها ألا تسكت أو تمل، وتقول: "الاحتلال يراهن على مللنا، ولكني سأبقى في الميدان كأم لها حقوق، وأطالب العالم بمعاقبة إسرائيل والوقوف إلى جانب أهالي الشهداء لاستعادة جثامين أبنائهم".
وفي كلمة لها في الوقفة، قالت: "في هذا اليوم نرى الأم الصابرة التي أثبتت أنها الأقوى والأكثر صبرا. نرى أمهات الشهداء اللاتي مررن بتجربة احتجاز جثامين أبنائهن، هن يشعرن بالوجع بسبب مرارة الفقد، وخاصة من لم تودع ابنها".
وحضرت والدة الشهيد أمير الجنيدي، من الخليل، وهو منفذ عملية دهس وإطلاق نار قرب مستوطنة كريات أربع المقامة على أراضي الخليل مع الشهيد محمد الطرايرة العام الماضي، وتطالب في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن يتم تسليم جثامين الشهداء، وأن يدفنوا بكرامة، مثلما تم تسليم جثمان ابنها ودفنه، فيما تتمنى أن تحتضن الأمهات أولادهن قبل أن تحتضنهم الأرض.
أما والدة الشهيد أنس الأطرش، من الخليل، والذي استشهد قبل أكثر من 3 سنوات، فما زالت تشعر بوجع الفقد، وتقول لـ"العربي الجديد": "أنا أم شهيد، وأحس بهذا الوجع، مستحيل أن يحس أحد بهذا الوجع إلا من جربه، نحن نطالب بالإفراج عن الجثامين، ونطالب كل الفصائل أن تتوحد، فلن نسترجع أرضنا إلا بالوحدة".
ووجهت رسالة إلى العالم في عيد الأم، قائلة "يكفي ظلما للشهداء بأن تواصل إسرائيل احتجاز جثامينهم في الثلاجات. حتى لو أنهم شهداء لا بد أن تحضنهم الأرض الفلسطينية وأن تحتضنهم أمهاتهم لآخر مرة".
ورغم تسليم جثمانه ودفنه، شاركت السيدة نجاح عبد الكريم، والدة الشهيد معن أبو قرع، من بلدة المزرعة الغربية في رام الله، والذي استشهد قبل عدة شهور وتم احتجاز جثمانه نحو شهرين، وقالت لـ"العربي الجديد": "شعور مريع أن يتم احتجاز ابنك في الثلاجة، وأن تمنع من دفنه، أنا أذهب لأقرأ لابني الفاتحة وأزور قبره 3 مرات في الأسبوع".
ويقول بسام حماد، والد الشهيد أنس حماد (استشهد نهاية عام 2015) من بلدة سلواد شرق رام الله: "نريد أن نخرج أبناءنا من صقيع الثلاجات إلى دفء أرضنا، نخاطب العالم وكل الجهات المسؤولة أن تساعدنا".
من جانبه، قال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، رمزي رباح، لـ"العربي الجديد"، على هامش الوقفة، إن "احتجاز إسرائيل جثامين الشهداء يظهر مدى المعاناة التي تعيشها الأم الفلسطينية نتيجة الفاشية الإسرائيلية. الاحتلال يمارس جرائم ضد الإنسانية، وما تفعله هو شكل من أشكال العقوبات على الأسر الفلسطينية".
وشدد رباح، أن المطلوب هو الضغط على حكومة الاحتلال لوقف انتهاكاتها من خلال المؤسسات الدولية والمحكمة الجنائية الدولية وتدخل الأمم المتحدة ومؤسساتها، لأن ممارسات إسرائيل تدل على العنصرية، حسب ما ورد في تقرير الأسكوا، وشدد على أنه مطلوب من القيادة الفلسطينية التحرك بشكل مكثف وأسرع في المؤسسات الدولية للضغط على الاحتلال ليسلم جثامين الشهداء.
وتواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي احتجاز سبعة جثامين لشهداء فلسطينيين في ثلاجاتها، بعد استشهادهم خلال الانتفاضة التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول 2015، وهم: محمد الفقيه، ومصباح أبو صبيح، ومحمد الطرايرة، ورامي عورتاني، وإبراهيم مطر، وعبد الحميد أبو سرور، وفادي قنبر، علاوة على احتجازها جثامين مئات الشهداء منذ عام 1967 في مقابر الأرقام الإسرائيلية.