إذا كانت امتحانات شهادة البكالوريا باب الدخول إلى الجامعة، فهي بالنسبة لـ 3710 سجناء في الجزائر المتنفس الوحيد، الذي يتيح لهم في حال اجتيازها بنجاح، تسريع الخطى نحو الحرية.
وشهادة البكالوريا بالنسبة للسجين هي العتبة أو الدرجة الأولى التي تمكنه من الحصول على "نصف الحرية"، خصوصا إذا أكمل بعدها دراسته الجامعية.
وجمع "العربي الجديد" تصريحات من عدد من السجناء مع بدء الامتحانات أمس الأحد، إذ قال أحدهم وعمره 53 عاما أنه "أمسك بخيط الأمل" من أجل الحصول على "تأشيرة الحرية، ولو نصف الحرية" مع خوض امتحانات شهادة البكالوريا.
بعض السجناء وعلى لسان ذويهم وأقاربهم يعتبرون البكالوريا بمثابة "صك نحو الجنة"، إذ منحتهم إدارة السجون الجزائرية فرصا كثيرة للتعلم بعد أن خاب أملهم بالمؤسسات التربوية النظامية عندما كانوا خارج أسوار السجن، وتركوا الدارسة.
وأوضح آخرون أن مخالطتهم رفاق السوء تسببت بإقصائهم عن الدراسة مع سوء نتائجهم، في حين فضّل بعضهم التخلي عن التعليم والدراسة بحجة البحث عن عمل وأجر وربح، لينخرطوا في نفق المخدرات.
قصص كثيرة مؤلمة، لكنها في النهاية صارت من الماضي، وتمكن العشرات من السجناء من تحسين مستواهم وتخطي سنوات الدراسة والنجاح في مختلف الامتحانات للوصول إلى امتحانات شهادة البكالوريا، وهذا بحد ذاته "إنجاز كبير" كما يردد العديد منهم مع انطلاق الامتحانات في الجزائر أمس إلى غاية يوم الخميس المقبل.
ويعترف كثيرون بأن السجن "علمهم الكثير"، وأتاح لهم فرصة متابعة الدراسة، فكانت أحلامهم تكبر كلما اجتازوا سنة دراسية وارتقوا إلى السنة التي تليها. فالوصول إلى البكالوريا يعني أن يتمكن السجين من الحصول على "نصف الحرية"، إذ وضعت مديرية السجون والمؤسسات العقابية في الجزائر، إجراء يتمكن من خلاله السجين الحاصل على البكالوريا من متابعة الدراسة في الجامعات النظامية يوميا عبر منحه ساعات دراسية تحت المراقبة.
ويرى السجناء المتابعون للدراسة أن فرصة الاحتكاك مع الآخرين من الطلبة والعالم الخارجي، هي "بصيص أمل" لنيل الحرية الكاملة، خصوصا أن هناك من تتقلص عقوباتهم بسبب حسن السيرة والسلوك والنجاح في الدارسة، تحضيرا للاندماج مع المجتمع فور انتهاء محكوميتهم.
يذكر أن وزارة التربية الجزائرية سجلت هذا العام 3710 مرشحا لاجتياز البكالوريا في السجون، موزعين على 42 مؤسسة عقابية معتمدة من طرف وزارة التربية الوطنية كمراكز للامتحانات الرسمية.