أصبحت مدينتا الباب وجرابلس الخاضعتين لسيطرة مقاتلي "درع الفرات" شمال شرقي حلب، من أكثر المناطق السورية كثافة، نسبة للأمان الموجود فيهما، وتهجير عشرات آلاف السكان من بلدات ومناطق في ريفي دمشق وحمص إليهما.
ويلجأ الأهالي غالباً لقضاء أوقات الفراغ على ضفاف نهر الفرات الذي يجاور المدينتين، كونه المتنفس الوحيد لأبناء المنطقة هناك، مع المياه العذبة والمناظر الخضراء المحيطة به، كما يقصده بعضهم لاصطياد الأسماك.
لكن هناك ما يعكّر صفو المدنيين الهاربين من مناطق المواجهات، ويجعلهم في أوقات كثيرة غير مطمئنين. ويقول خالد المحمد، وهو من أبناء مدينة جرابلس لـ"العربي الجديد" بُعيد سيطرة قوات درع الفرات على مدينة جرابلس أواخر عام 2015، شهد نهر الفرات إقبالاً كبيراً من المدنيين، ولكن هذا لم يدم طويلاً".
ويضيف "بسبب سيطرة مليشيات قوات سورية الديموقراطية (قسد) على الضفة المقابلة لنهر الفرات، أحجم الناس عن الذهاب للسباحة والتنزه إلا نادراً"، مشيراً إلى أنّ "قناصي المليشيات غالباً ما يستهدفون الأشخاص الموجودين على ضفاف النهر".
بدوره يقول إبراهيم اليوسف، وهو نازح من حي الوعر الحمصي، لـ"العربي الجديد"، "في ظل ارتفاع درجات الحرارة نذهب يومياً أنا وأصدقائي إلى ضفة الفرات رغم المخاطر، ولكن لا بديل لدينا، فالمنطقة خالية من المنتزهات أو الحدائق".
ويتابع "توقفنا عن اصطياد الأسماك في النهر، بعد أن قتلت مليشيات "قسد" أخيراً شاباً كان يصطاد، قرب المناطق الخاضعة لسيطرتها، وبتنا نكتفي بشرب الشاي والجلوس على ضفة غير مرئية من قبل المليشيات".
وشهد النهر إقبالاً متزايداً في فترة العيد، بعد أن أعلنت "قسد" وقف أعمالها العسكرية مدّة ثلاثة أيام، ما أسهم ببث روح الطمأنينة في قلوب ساكني المنطقة. وتجمع الآلاف وشهد النهر مظاهر غابت أكثر من خمس سنوات، أعقبت الثورة السورية وقمع نظام الأسد، ثم سيطرة تنظيم "داعش" على المنطقة لسنوات.
وسيطرت فصائل المعارضة في أغسطس/ آب الماضي على مدينة جرابلس بعد طرد "داعش"، ومن ثمّ تقدّمت جنوباً نحو مدينة الباب. لكنّ "قسد" سيطرت بدورها على مدينة منبج فأوقفت الزحف نحو الجنوب، وتحصّنت شرقي نهر الفرات.