حذرت هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS) من أن الشتاء المقبل سيشهد أسوأ موسم إنفلونزا في التاريخ، مستندة في توقعاتها على أنماط انتشار فيروس الانفلونزا في الشطر الجنوبي من الكرة الأرضية، الذي يخرج حالياً من فصل الشتاء.
وسبق للمدير التنفيذي لهيئة "إن إتش إس"، سايمون ستيفنز، أن حذر في مؤتمر عُقد في مانشستر من أن الفيروس المسبب للإنفلونزا أحدث ضرراً كبيراً هذا العام في أستراليا، حيث امتلأت غرف الطوارئ في المستشفيات الأسترالية مع نقص في العدد الكافي من الأسرّة لاستيعاب أعداد المرضى.
وشهدت أستراليا أسوأ موسم للإنفلونزا في تاريخها، مسجلة نحو 100 ألف إصابة، أي أكثر من ضعفي العدد المسجل سنوياً. ودفع ذلك بعض المستشفيات إلى استقبال الحالات الأكثر شدّة فقط.
ويشابه موسم الإنفلونزا في الشطر الشمالي من الكرة الأرضية نظيره الجنوبي، إذ تنتقل ذات السلالات الفيروسية شمالاً مع نهاية الشتاء في الشطر الجنوبي، وبالتالي تبني بريطانيا توقعاتها للموسم الجديد بناء على ما يحصل في أستراليا ونيوزيلندا.
كذلك تقوم بريطانيا بتحضير لقاحات الإنفلونزا ابتداء من شهر مارس/ آذار بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وفقاً لتوقعات انتشار المرض في أستراليا ونيوزيلندا. ويتم تقديم اللقاحات لكبار السن والأطفال والحوامل وغيرهم بحلول سبتمبر/ أيلول.
ومن المتوقع أن يكون الضغط شديداً على الخدمات الصحية التي تقدمها "إن إتش إس"، وحذر مسؤولوها مسبقاً من اكتظاظ المستشفيات في ظل أزمة الخدمات الصحية الحالية، وما سينجم عن ذلك من فترات انتظار طويلة للمرضى.
وقال ستيفنز "ستكون الأولوية القصوى في الأشهر الثلاثة والأربعة والخمسة المقبلة، أن نضمن دخول "إن إتش إس" الشتاء المقبل بأفضل جاهزية ممكنة".
وأضاف "ندرك أننا سنوفر أسرّة أكثر في المستشفيات، ونعلم أن جاهزيتنا أفضل، ولكننا نعلم أيضاً أن الضغط سيكون حقيقياً، والإشارات القادمة من أستراليا ونيوزيلندا اللتين خرجتا لتوهما من فصل الشتاء، تدل على أن موسم الإنفلونزا كان شديداً، وعانت الكثير من المستشفيات هناك للتعامل مع الوضع".
وتعمل المستشفيات على توفير بين 2000 و3000 سرير إضافي، كما سيبدأ الأطباء بتوفير اللقاح في الأسابيع المقبلة. ويبدأ موسم الإنفلونزا في بريطانيا في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني ويستمر حتى مارس/ آذار، بينما يبلغ ذروته في ديسمبر/ كانون الأول.
ووجه خبراء الصحة الأستراليون اللوم في ارتفاع حالات الإصابة هذا العام إلى عدم توافق اللقاح المتوفر، الذي سيستخدم أيضاً في بريطانيا، مع سلالة الفيروس المنتشرة.
ويعد فيروس الإنفلونزا من السلالة H3 الأكثر ضرراً، ولكن وجود العديد من السلالات الفرعية إضافة إلى التحورات التي تطرأ على بنية الفيروس، يعقّدان من الجهود المبذولة لاحتوائه.
وعادة ما يتوافق اللقاح مع ثلثي السلالات الموجودة. ولكن قد تظهر سلالات مقاومة للقاح، كما حصل عام 2015، ما يجعله عديم الفائدة. ففي ذلك العام أظهرت إحصاءات الصحة البريطانية توافق اللقاح مع ثلث الحالات فقط. وهو ما تسبب حينه بأكبر ارتفاع في الوفيات الشتوية منذ الستينيات، بوجود 16 ألف حالة وفاة إضافية. ولكن مسؤولين علقوا على ذلك بالقول إن اللقاح يبدو "متوافقاً" مع السلالة الشائعة هذا الموسم.
وعلى الرغم من أن السلالة المنتشرة من فيروس الإنفلونزا في أستراليا تسببت في ارتفاع عدد الإصابات هذا الشتاء، لا يزال من المبكر البت بشأن أي سلالة ستنتشر في بريطانيا، وفقاً لبول كوسفورد المدير في الصحة العامة في إنكلترا.
وأضاف "تراجع منظمة الصحة العالمية كل عام السلالات الشائعة من الإنفلونزا وتوصي بتركيب اللقاح لإحداها. من الضروري جداً أن يحصل جميع من يحق لهم الحصول على اللقاح على جرعتهم، وتلك هي الوسيلة الأفضل لوقاية الجميع من الإنفلونزا".
ويمنح اللقاح مجاناً للفئات المعرضة للخطورة أكثر من غيرها مثل المسنين والأطفال والحوامل والأمراض المزمنة مثل الربو، بالإضافة إلى العاملين في القطاع الصحي.