بالرغم من خروجه من سجون الاحتلال الصهيوني قبل أكثر من عام، بعد إمضائه حكماً بالسجن نحو 12 عاماً، إلّا أنّ الأسير الفلسطيني المحرر عبد الفتاح صبحي موسى دولة، من سكان مدينة بيتونيا، غرب رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، ما زال يتذكر اللحظات الأولى لخروجه من التحقيق إلى الساحة الخارجية للسجن أو ما يعرف بـ"الفورة" وما تتركه من أثر نفسي على الأسير.
يقول دولة لـ"العربي الجديد": "بعد التحقيق معي طوال 98 يوماً، خرجت إلى الساحة الخارجية للسجن (الفورة)، لكن كان من الصعب عليّ الوقوف فيها، كان المشهد كمن يخرج من القبر إلى تلك الساحة، حينما فتحت عينيّ". "الفورة" كلمة تداولها الأسرى على مدار سنوات الحركة الفلسطينية الأسيرة، تحمل في اللغة العبرية اسم "حتسير" التي تعني النزهة، لكنّها في حقيقة الأمر نزهة مأسورة لا يستطيع الأسير الخروج إليها إلا في أوقات محددة وبحسب مزاج الاحتلال.
غالباً ما تكون ساحة السجن صغيرة الحجم لا تتسع لخروج الأسرى في الوقت نفسه، ففي كلّ زنزانة 10 أسرى، وقد يصل عدد الزنازين إلى 10، ما يعني اكتظاظاً في ساحة السجن، بالإضافة إلى أنّ تلك الساحة غير مظللة ما قد يمنع الخروج إليها في الشتاء خصوصاً.
بالرغم من سلبيات "الفورة"، إلا أنّ خروج الأسير إليها إيجابي من الناحية الصحية والاجتماعية والنفسية، فيتنشق هواء نقياً بعيداً عن هواء الزنازين العالق، ويحرّك أعضاء جسده، خصوصاً لمن هم في العزل الانفرادي، علاوة على إيجابيات تلك الساحة في تواصل الأسرى اجتماعياً في ما بينهم، والتخفيف من ضغط الزنزانة والروتين اليومي، كما يوضح مدير مركز "أحرار" لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، الأسير المحرر فؤاد الخفش، في حديثه إلى "العربي الجديد".
جدران "الفورة" إسمنتية مرتفعة قد يصل ارتفاعها إلى نحو سبعة أمتار باللون الرمادي، تعلوها أسلاك حديدية. أما سقفها فكان مفتوحاً حتى بات هذه الأيام عبارة عن أسلاك حديدية ضيقة جداً ليس في إمكان عصفور صغير حتى العبور منها.
أما أرض "الفورة" فإسمنتية بلون أحمر، وقد تبلغ مساحتها ما بين 10 أمتار مربعة و20 متراً بحسب السجن. فيها أماكن للاستحمام فقط، أما المراحيض فهي داخل غرف الأسرى. وفي "الفورة" أيضاً خطوط مرسومة كإرشادات لا يستطيع الأسير تجاوزها، وهو ما تفرضه سلطات الاحتلال، ضمن قوانين محددة.
تتحكم سلطات الاحتلال بطبيعة الحركة والأنشطة كافة داخل "الفورة"، إذ لا تسمح إلا بممارسة رياضة المشي فقط في ساعات الصباح، وتستثنى من ذلك ساحات سجون الأسرى الأطفال فيسمح لهم بممارسة ألعاب أخرى بالرغم من ضيق ساحة "الفورة" لنشاطاتهم، فيما تمنع سلطات الاحتلال عقد الجلسات التعليمية في "الفورة"، بينما يسمح لهم بأداء صلاة وخطبة الجمعة وكذلك عيدي الفطر والأضحى، فتؤدى الصلاة جماعة وسط حشود مكثفة من السجانين، بالرغم من أنّها لا تتسع في كثير من الأحيان إلا للمشي الدائري بعكس عقارب الساعة في مجموعات، فيكون أشبه بالطواف كي يتمكن الجميع من المشي.
تعاقب سلطات الاحتلال من يخالف تعليماتها بشأن الخروج إلى "الفورة"، لكنّ الأسرى قد يخالفون تلك التعليمات إن كان في ذلك مصلحة لهم، وفي بعض الأحيان تتغاضى إدارة السجون عن بعض فعاليات الأسرى، بحسب عبد الفتاح دولة. في ما يتعلق بالعقوبات التي تفرض على الأسرى بشأن "الفورة" فإنّها قد تكون عقوبات فردية بمنع الخروج من الغرفة إلى ساحة السجن، وربما يعزل الأسير أسبوعاً كاملاً ويمنع من الخروج إلى "الفورة" نهائياً. ويسمح له لمدة ساعة فقط في اليوم، في حال طالت مدة العزل.
"الفورة" والخروج إليها من القضايا الهامة التي تثار بين الحين والآخر، وتعتبر إحدى إنجازات الحركة الأسيرة على مدار سنوات نضالها لتحقيق بعض المطالب. لكنّ الحرمان من "الفورة" بات إحدى وسائل الاحتلال لمعاقبة الأسرى. يقول الخفش: "كان الأسرى يستطيعون الخروج إلى الفورة متى شاؤوا إلى أن باتت السجون بعد العام 2006 تتبع جميعها لمصلحة سجون الاحتلال، وبدأ التضييق على الأسرى في الخروج إلى الفورة، لتصبح ساعتين صباحاً وساعتين مساء. لكن، بنتيجة عدة إضرابات، حصل الأسرى على أوقات إضافية قد تصل إلى ست ساعات في اليوم".
اقــرأ أيضاً
جعلت سلطات الاحتلال من "الفورة" والخروج إليها سيفاً مسلطاً على الأسرى والتنكيل بهم على مدار سنوات النضال الفلسطيني، إذ يوضح الأسير المحرر عبد الفتاح دولة لـ"العربي الجديد"، أنّ "قضية الفورة أخذت حيزاً كبيراً ضد إدارة مصلحة سجون الاحتلال لأجل حرية الأسرى في تلك الساحة، فقد كان الخروج إليها لا يسمح به أكثر من ساعة ويمنع حديث الأسير مع زميله، ويفرض الاحتلال أن يخرج الأسرى مكبلين في أيديهم وأرجلهم ثم تفك القيود أمام بوابة الفورة، على أن ينتظم الأسرى في طابور مستقيم، ويمنع أي أسير من رفع عينيه ومن يخالف يتعرض للضرب المبرح. وبعد نضالات عدة تمكن الأسرى من تحقيق بعض المطالب المتعلقة بالفورة".
تنتظر الأسيرات الفلسطينيات الخروج إلى "الفورة" بفارغ الصبر. تتبادل الأسيرات هناك الأحاديث ويمارسن أنشطة ومهارات لا يتمكّنّ من أدائها داخل الزنازين كالرياضة والمسابقات. كذلك، تواسي الأسيرات بعضهن بعضاً هناك ويجدن الدعم والإسناد الاجتماعي في مناسباتهن، كتعويض عن غياب الأهل، كما تقول لـ"العربي الجديد"، الأسيرة المحررة منى قعدان، من سكان بلدة عرابة، جنوب جنين، إلى الشمال من الضفة الغربية المحتلة، والتي أمضت في سجون الاحتلال نحو سبع سنوات.
تشدد قعدان على أنّ "الفورة" مهمة جداً خصوصاً في أيام العيد عندما تجتمع الأسيرات فيتبادلن التهاني ويجهزن معمول العيد ويحاولن خلق أجواء فرح ما، خصوصاً لدى الأسيرات القاصرات ومحاولة تعويض البعد عن الأهل.
الاحتلال يحاول معاقبة الأسيرات من خلال فرض عدم خروجهن للفورة طوال أكثر من أسبوع، وقد تطاول تلك العقوبة بعض الأسيرات من خلال الزج بهن في العزل الانفرادي أو حرمانهن جماعياً من "الفورة". تتذكر قعدان أنّ الاحتلال حرم الأسيرات في سجن "الشارون" من الخروج إلى "الفورة" عام 2004 طوال 40 يوماً. ولم تتمكن الأسيرات خلال تلك الفترة من رؤية بعضهن البعض.
في حالة الأسرى المرضى في عيادة سجن الرملة، فإنّ الساحة ضيقة، ويفضل الأسرى عدم الخروج إليها، لأنّ جزءاً منهم مصاب في أعضاء جسمه، ومنهم من هو مصاب بأمراض لا تمكّنه من الخروج إلى "الفورة" ويحتاج إلى من يساعده، خصوصاً أنّ تلك الساحة غير مجهزة للأشخاص ذوي الإعاقة أو المرضى والمصابين.
أما السجون التي يعتقل فيها الأطفال فيسمح لهم بممارسة أنواع معينة من الأنشطة الرياضية في "الفورة". مع ذلك، لا يعوضهم ذلك عما حرموا منه في طفولتهم، بحسب الأسير المحرر دولة.
يقول دولة لـ"العربي الجديد": "بعد التحقيق معي طوال 98 يوماً، خرجت إلى الساحة الخارجية للسجن (الفورة)، لكن كان من الصعب عليّ الوقوف فيها، كان المشهد كمن يخرج من القبر إلى تلك الساحة، حينما فتحت عينيّ". "الفورة" كلمة تداولها الأسرى على مدار سنوات الحركة الفلسطينية الأسيرة، تحمل في اللغة العبرية اسم "حتسير" التي تعني النزهة، لكنّها في حقيقة الأمر نزهة مأسورة لا يستطيع الأسير الخروج إليها إلا في أوقات محددة وبحسب مزاج الاحتلال.
غالباً ما تكون ساحة السجن صغيرة الحجم لا تتسع لخروج الأسرى في الوقت نفسه، ففي كلّ زنزانة 10 أسرى، وقد يصل عدد الزنازين إلى 10، ما يعني اكتظاظاً في ساحة السجن، بالإضافة إلى أنّ تلك الساحة غير مظللة ما قد يمنع الخروج إليها في الشتاء خصوصاً.
بالرغم من سلبيات "الفورة"، إلا أنّ خروج الأسير إليها إيجابي من الناحية الصحية والاجتماعية والنفسية، فيتنشق هواء نقياً بعيداً عن هواء الزنازين العالق، ويحرّك أعضاء جسده، خصوصاً لمن هم في العزل الانفرادي، علاوة على إيجابيات تلك الساحة في تواصل الأسرى اجتماعياً في ما بينهم، والتخفيف من ضغط الزنزانة والروتين اليومي، كما يوضح مدير مركز "أحرار" لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، الأسير المحرر فؤاد الخفش، في حديثه إلى "العربي الجديد".
جدران "الفورة" إسمنتية مرتفعة قد يصل ارتفاعها إلى نحو سبعة أمتار باللون الرمادي، تعلوها أسلاك حديدية. أما سقفها فكان مفتوحاً حتى بات هذه الأيام عبارة عن أسلاك حديدية ضيقة جداً ليس في إمكان عصفور صغير حتى العبور منها.
أما أرض "الفورة" فإسمنتية بلون أحمر، وقد تبلغ مساحتها ما بين 10 أمتار مربعة و20 متراً بحسب السجن. فيها أماكن للاستحمام فقط، أما المراحيض فهي داخل غرف الأسرى. وفي "الفورة" أيضاً خطوط مرسومة كإرشادات لا يستطيع الأسير تجاوزها، وهو ما تفرضه سلطات الاحتلال، ضمن قوانين محددة.
تتحكم سلطات الاحتلال بطبيعة الحركة والأنشطة كافة داخل "الفورة"، إذ لا تسمح إلا بممارسة رياضة المشي فقط في ساعات الصباح، وتستثنى من ذلك ساحات سجون الأسرى الأطفال فيسمح لهم بممارسة ألعاب أخرى بالرغم من ضيق ساحة "الفورة" لنشاطاتهم، فيما تمنع سلطات الاحتلال عقد الجلسات التعليمية في "الفورة"، بينما يسمح لهم بأداء صلاة وخطبة الجمعة وكذلك عيدي الفطر والأضحى، فتؤدى الصلاة جماعة وسط حشود مكثفة من السجانين، بالرغم من أنّها لا تتسع في كثير من الأحيان إلا للمشي الدائري بعكس عقارب الساعة في مجموعات، فيكون أشبه بالطواف كي يتمكن الجميع من المشي.
تعاقب سلطات الاحتلال من يخالف تعليماتها بشأن الخروج إلى "الفورة"، لكنّ الأسرى قد يخالفون تلك التعليمات إن كان في ذلك مصلحة لهم، وفي بعض الأحيان تتغاضى إدارة السجون عن بعض فعاليات الأسرى، بحسب عبد الفتاح دولة. في ما يتعلق بالعقوبات التي تفرض على الأسرى بشأن "الفورة" فإنّها قد تكون عقوبات فردية بمنع الخروج من الغرفة إلى ساحة السجن، وربما يعزل الأسير أسبوعاً كاملاً ويمنع من الخروج إلى "الفورة" نهائياً. ويسمح له لمدة ساعة فقط في اليوم، في حال طالت مدة العزل.
"الفورة" والخروج إليها من القضايا الهامة التي تثار بين الحين والآخر، وتعتبر إحدى إنجازات الحركة الأسيرة على مدار سنوات نضالها لتحقيق بعض المطالب. لكنّ الحرمان من "الفورة" بات إحدى وسائل الاحتلال لمعاقبة الأسرى. يقول الخفش: "كان الأسرى يستطيعون الخروج إلى الفورة متى شاؤوا إلى أن باتت السجون بعد العام 2006 تتبع جميعها لمصلحة سجون الاحتلال، وبدأ التضييق على الأسرى في الخروج إلى الفورة، لتصبح ساعتين صباحاً وساعتين مساء. لكن، بنتيجة عدة إضرابات، حصل الأسرى على أوقات إضافية قد تصل إلى ست ساعات في اليوم".
جعلت سلطات الاحتلال من "الفورة" والخروج إليها سيفاً مسلطاً على الأسرى والتنكيل بهم على مدار سنوات النضال الفلسطيني، إذ يوضح الأسير المحرر عبد الفتاح دولة لـ"العربي الجديد"، أنّ "قضية الفورة أخذت حيزاً كبيراً ضد إدارة مصلحة سجون الاحتلال لأجل حرية الأسرى في تلك الساحة، فقد كان الخروج إليها لا يسمح به أكثر من ساعة ويمنع حديث الأسير مع زميله، ويفرض الاحتلال أن يخرج الأسرى مكبلين في أيديهم وأرجلهم ثم تفك القيود أمام بوابة الفورة، على أن ينتظم الأسرى في طابور مستقيم، ويمنع أي أسير من رفع عينيه ومن يخالف يتعرض للضرب المبرح. وبعد نضالات عدة تمكن الأسرى من تحقيق بعض المطالب المتعلقة بالفورة".
تنتظر الأسيرات الفلسطينيات الخروج إلى "الفورة" بفارغ الصبر. تتبادل الأسيرات هناك الأحاديث ويمارسن أنشطة ومهارات لا يتمكّنّ من أدائها داخل الزنازين كالرياضة والمسابقات. كذلك، تواسي الأسيرات بعضهن بعضاً هناك ويجدن الدعم والإسناد الاجتماعي في مناسباتهن، كتعويض عن غياب الأهل، كما تقول لـ"العربي الجديد"، الأسيرة المحررة منى قعدان، من سكان بلدة عرابة، جنوب جنين، إلى الشمال من الضفة الغربية المحتلة، والتي أمضت في سجون الاحتلال نحو سبع سنوات.
تشدد قعدان على أنّ "الفورة" مهمة جداً خصوصاً في أيام العيد عندما تجتمع الأسيرات فيتبادلن التهاني ويجهزن معمول العيد ويحاولن خلق أجواء فرح ما، خصوصاً لدى الأسيرات القاصرات ومحاولة تعويض البعد عن الأهل.
الاحتلال يحاول معاقبة الأسيرات من خلال فرض عدم خروجهن للفورة طوال أكثر من أسبوع، وقد تطاول تلك العقوبة بعض الأسيرات من خلال الزج بهن في العزل الانفرادي أو حرمانهن جماعياً من "الفورة". تتذكر قعدان أنّ الاحتلال حرم الأسيرات في سجن "الشارون" من الخروج إلى "الفورة" عام 2004 طوال 40 يوماً. ولم تتمكن الأسيرات خلال تلك الفترة من رؤية بعضهن البعض.
في حالة الأسرى المرضى في عيادة سجن الرملة، فإنّ الساحة ضيقة، ويفضل الأسرى عدم الخروج إليها، لأنّ جزءاً منهم مصاب في أعضاء جسمه، ومنهم من هو مصاب بأمراض لا تمكّنه من الخروج إلى "الفورة" ويحتاج إلى من يساعده، خصوصاً أنّ تلك الساحة غير مجهزة للأشخاص ذوي الإعاقة أو المرضى والمصابين.
أما السجون التي يعتقل فيها الأطفال فيسمح لهم بممارسة أنواع معينة من الأنشطة الرياضية في "الفورة". مع ذلك، لا يعوضهم ذلك عما حرموا منه في طفولتهم، بحسب الأسير المحرر دولة.