في "أرض اللامكان"، الاستديو المتخصّص في دقّ الوشم، تنتظر الطالبة الجامعية دورها. هي في أوّل عشرينياتها وهذه تجربتها الأولى في المجال. والشابة كانت قد احتارت عند اختيار الرسم الذي يخفّف قليلاً من ردّ فعل والدَيها اللذَين يعارضان هذه الخطوة كلياً. بالنسبة إليها فإنّ الوشم أمر يقرّبها من الثقافات الأخرى، هي التي تسكن في قلب القاهرة، وتقول: "نحن أكثر تمرداً على التقاليد والقيود ونحاول منح أنفسنا فرصاً جديدة للاختيار بحرية".
والوشم فنّ تجميلي قديم استخدمه الفراعنة ومن أتى بعدهم، وما زال الأمر موثّقاً برسوم في المعابد وعلى الآثار المصرية المختلفة. كذلك يعرفه كبار السنّ من أهل الصعيد ومن فلاحي الوجه البحري وبعض قبائل الغجر. وكانت عمليّة دقّ الوشم تجري بانتظام في الموالد المصرية، فمنهم من يكتب اسم طفله على ذراعه على سبيل المثال ومنهم من يرسم رسماً خاصاً محبباً. أمّا الشابات فكنّ يكتفينَ بدقّ نقطة صغيرة في منطقة الذقن، وهو ما زالنا نراه على وجوه كثيرات من مسنّات الريف. إلى ذلك، يُعَدّ الوشم المعروف بـ"العصافير" أحد أشهر الوشوم التي كان يرسمها أهل محافظة الشرقية على رؤوسهم.
في السياق، للوشم بعد ديني واضح لدى الأقباط الذين يستخدمونه منذ زمن بعيد كإثبات للهوية وكإشارة إلى تديّنهم. فهم يرسمون صلباناً سوداء صغيرة أسفل كفّ اليد بطريقة قد لا يلاحظها كثيرون. تجدر الإشارة إلى أنّ الوشم القديم الأسود الصغير بات اليوم أكبر حجماً وبأشكال وألوان مختلفة.
في السنوات الأخيرة، تحوّلت أفكار وسلوكيات "مستهجنة" إلى أمور عادية في أوساط الشباب. فقيادة الفتيات للدراجات وتدخين الشيشة (النرجيلة) في المقاهي لم يعودا أمراً ملفتاً، مثلما كانت الحال قبل عقدَين من الزمن على سبيل المثال. كذلك الأمر بالنسبة إلى الوشوم التي تنتشر بصورة كبيرة، وقد راحت مراكز التجميل في القاهرة والمحافظات تعلن عن توفيرها أجهزة حديثة في هذا المجال وبأسعار تنافسية.
وكانت النساء السودانيات والنوبيات الأشهر في مجال رسم الوشوم بالحناء وغيرها للعرائس في مصر، غير أنّ النساء المصريات دخلنَ على الخط، وراحت مراكز التجميل توفّر تلك الخدمة التي وصلت أخيراً إلى القرى المصرية، وفقاً لما يوفّره العريس لعروسه ويُقاس بها مدى ثراء العريس.
اقــرأ أيضاً
قبل أقلّ من عقد من الزمن، لم يكن دقّ الوشم بالحقن منتشراً في مصر بهذه الطريقة، وكان يقتصر على المدن السياحية التي تستقطب زائرين أجانب من قبيل الغردقة وشرم الشيخ. أمّا أخيراً، فقد راح رسّامو الوشم من رجال ونساء ينتشرون في مناطق مصرية مختلفة. ومن بين هؤلاء مَن يستقبل الزبائن في منزله، ومنهم من أنشأ استديوهات في بعض أحياء القاهرة كالزمالك والمهندسين وغاردن سيتي وغيرها.
تجدر الإشارة إلى أنّ ثقافة الوشم معروفة منذ العصر الحجري، لكن وعلى الرغم من ذلك فإنّ ثقافات معيّنة حرّمت ممارستها، لا بل جعلت الوشم دليلاً على انحراف صاحبه. فاليابانيون المحافظون على سبيل المثال، ينظرون إلى الشخص الذي دقّ وشماً كفرد في عصابات مخدّرات أو في المافيا اليابانية المسماة "ياكوزا". ولا تسمح شركات كثيرة بتوظيف من يحمل وشوماً على جسده. كذلك تمنع بعض الحمامات اليابانية العامة والصالات الرياضية دخول من دقّوا الوشوم الكبيرة التي تغطي أجزاءً كبيرة من أجسادهم، إذ ترى هذا النوع من الوشم دليلاً لا يقبل الشكّ على أنّ صاحبه من الياكوزا. وفي القرن التاسع عشر، حظرت حكومة مايجي اليابانية الوشم تماماً، وظلّ القرار سارياً على مدى سبعين عاماً قبل أن يُلغى في عام 1948. أمّا في الولايات المتحدة الأميركية، فتُستخدم بعض الوشوم لإثبات الانتماء إلى جماعات أو عصابات معيّنة أو كدليل على قضاء فترة في سجن معيّن. كذلك يستخدمها أفراد من الجيش للإشارة إلى الوحدات التي خدموا فيها.
تشوّهات في الجلد
تتنوّع الوشوم بين ما هو مرسوم على الجلد بالحناء أو بأصبغة مختلفة، وبين ما يُدقّ بواسطة حقن الألوان. وفي حين يُمكن التخلّص من النوع الأوّل مع الوقت، لا سيّما من خلال مزيلات الألوان، فإنّه من غير الممكن إزالة النوع الثاني إلا بواسطة بعض العمليات المعقدة لا سيّما الجراحية منها. تجدر الإشارة إلى أنّ أساليب إزالة الوشوم المدقوقة ربّما تؤدّي إلى تشوّهات في الجلد.
اقــرأ أيضاً
والوشم فنّ تجميلي قديم استخدمه الفراعنة ومن أتى بعدهم، وما زال الأمر موثّقاً برسوم في المعابد وعلى الآثار المصرية المختلفة. كذلك يعرفه كبار السنّ من أهل الصعيد ومن فلاحي الوجه البحري وبعض قبائل الغجر. وكانت عمليّة دقّ الوشم تجري بانتظام في الموالد المصرية، فمنهم من يكتب اسم طفله على ذراعه على سبيل المثال ومنهم من يرسم رسماً خاصاً محبباً. أمّا الشابات فكنّ يكتفينَ بدقّ نقطة صغيرة في منطقة الذقن، وهو ما زالنا نراه على وجوه كثيرات من مسنّات الريف. إلى ذلك، يُعَدّ الوشم المعروف بـ"العصافير" أحد أشهر الوشوم التي كان يرسمها أهل محافظة الشرقية على رؤوسهم.
في السياق، للوشم بعد ديني واضح لدى الأقباط الذين يستخدمونه منذ زمن بعيد كإثبات للهوية وكإشارة إلى تديّنهم. فهم يرسمون صلباناً سوداء صغيرة أسفل كفّ اليد بطريقة قد لا يلاحظها كثيرون. تجدر الإشارة إلى أنّ الوشم القديم الأسود الصغير بات اليوم أكبر حجماً وبأشكال وألوان مختلفة.
في السنوات الأخيرة، تحوّلت أفكار وسلوكيات "مستهجنة" إلى أمور عادية في أوساط الشباب. فقيادة الفتيات للدراجات وتدخين الشيشة (النرجيلة) في المقاهي لم يعودا أمراً ملفتاً، مثلما كانت الحال قبل عقدَين من الزمن على سبيل المثال. كذلك الأمر بالنسبة إلى الوشوم التي تنتشر بصورة كبيرة، وقد راحت مراكز التجميل في القاهرة والمحافظات تعلن عن توفيرها أجهزة حديثة في هذا المجال وبأسعار تنافسية.
وكانت النساء السودانيات والنوبيات الأشهر في مجال رسم الوشوم بالحناء وغيرها للعرائس في مصر، غير أنّ النساء المصريات دخلنَ على الخط، وراحت مراكز التجميل توفّر تلك الخدمة التي وصلت أخيراً إلى القرى المصرية، وفقاً لما يوفّره العريس لعروسه ويُقاس بها مدى ثراء العريس.
تجدر الإشارة إلى أنّ ثقافة الوشم معروفة منذ العصر الحجري، لكن وعلى الرغم من ذلك فإنّ ثقافات معيّنة حرّمت ممارستها، لا بل جعلت الوشم دليلاً على انحراف صاحبه. فاليابانيون المحافظون على سبيل المثال، ينظرون إلى الشخص الذي دقّ وشماً كفرد في عصابات مخدّرات أو في المافيا اليابانية المسماة "ياكوزا". ولا تسمح شركات كثيرة بتوظيف من يحمل وشوماً على جسده. كذلك تمنع بعض الحمامات اليابانية العامة والصالات الرياضية دخول من دقّوا الوشوم الكبيرة التي تغطي أجزاءً كبيرة من أجسادهم، إذ ترى هذا النوع من الوشم دليلاً لا يقبل الشكّ على أنّ صاحبه من الياكوزا. وفي القرن التاسع عشر، حظرت حكومة مايجي اليابانية الوشم تماماً، وظلّ القرار سارياً على مدى سبعين عاماً قبل أن يُلغى في عام 1948. أمّا في الولايات المتحدة الأميركية، فتُستخدم بعض الوشوم لإثبات الانتماء إلى جماعات أو عصابات معيّنة أو كدليل على قضاء فترة في سجن معيّن. كذلك يستخدمها أفراد من الجيش للإشارة إلى الوحدات التي خدموا فيها.
تشوّهات في الجلد
تتنوّع الوشوم بين ما هو مرسوم على الجلد بالحناء أو بأصبغة مختلفة، وبين ما يُدقّ بواسطة حقن الألوان. وفي حين يُمكن التخلّص من النوع الأوّل مع الوقت، لا سيّما من خلال مزيلات الألوان، فإنّه من غير الممكن إزالة النوع الثاني إلا بواسطة بعض العمليات المعقدة لا سيّما الجراحية منها. تجدر الإشارة إلى أنّ أساليب إزالة الوشوم المدقوقة ربّما تؤدّي إلى تشوّهات في الجلد.