وأحدث ذلك إرباكا شديدا في تقديم الخدمات الصحية المختلفة، الأمر الذي قد يُنذر بكارثة إنسانية وبيئية حتمية. وأبدى الخبراء تخوفهم من النتائج المترتبة على هذا الإضراب الذي يهدد بشكل مباشر حياة المرضى، العاملين في المجال الصحي، وحتى الزائرين لكافة الأقسام الطبية، وستنعكس آثاره بصورة واضحة على المجتمع إن لم يتم تدارك الأمر بصورة سريعة وبحلول فعالة.
ووفق دراسة أجراها الخبراء (مجموعة الاستجابة المتحدة من الباحثين في إدارة الأزمات والكوارث)، فإن تراكم النفايات والمخلفات الطبية، يشكّل أرضيةً خصبة لنمو البكتيريا والفطريات والفيروسات التي ينتج عنها سلالات خطيرة تكون قادرة على مقاومة المضادات الحيوية، مما يزيد من تدهور الحالة الصحية للمرضى ويؤثر على مسار علاجهم، بالإضافة لتأجيل ما يزيد عن 860 عملية جراحية نتيجة انعدام التعقيم داخل غرف العمليات، وتعريض حياة أكثر من 100 حالة حرجة داخل العناية المكثفة في مستشفيات قطاع غزة للخطر.
وأشاروا، في تقرير حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، إلى أنه بالرغم من قيام بعض الممرضين والحركات الوطنية والعائلات وحتى المبادرات الفردية بمحاولات لتخفيف الأزمة وجمع هذه المخلفات من المرافق الصحية في حاويات القمامة، إلا أن ذلك أدى إلى خلط المخلفات الطبية غير المعالجة، والتي يتم عادة التخلص منها بحرقها في مكان مخصص لذلك في مجمع الشفاء الطبي (مُعطل عن العمل لأمور تقنية منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي)، أو في مستشفى الأمراض النفسية (الذي يعمل بطاقة مضاعفة وبصورة غير كاملة)، وبين المخلفات العادية الأخرى.
ويحذر الخبراء من أن الخلط بين المخلفات الطبية غير المعالجة والطبيعية التي تقوم البلديات بجمعها عادة، سيؤدي إلى خطورة شديدة على المستويين الصحي والبيئي، من خلال تغيير التركيب الكيميائي للنفايات وزيادة مستويات التلوث والمعادن الثقيلة، ومضاعفة مستوى التلوث البيولوجي الذي يشكل تهديدات صحية خطيرة.
ووفقا لتقرير "مجموعة الاستجابة الموحدة"، ستشكل النفايات المختلطة تهديدات صحية حقيقية للعاملين في البلديات وعمال النظافة، خاصة إذا تعرضت للقوارض وغيرها من ناقلات الأمراض.
ويرى الخبراء في مجموعة الاستجابة الموحدة، أن تفاقم هذه الأزمة وتبعاتها متعلق باستمرار أزمة رواتب عاملي النظافة والشركات المتعهدة، إذ أثرت على أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية بشكل لا يمكن تجاهله من قبل الجهات المعنية، وأكدوا على أن الحل الأمثل لهذه الأزمات المتعاقبة يتمثل في الاستجابة العاجلة من الحكومة الفلسطينية لمطالب العمال بدفع رواتبهم ومستحقاتهم المالية.
ويدعو الخبراء أيضاً، إلى قيام وزارة الصحة بالتعاون مع الجهات المختلفة من قوى وطنية ومؤسسات دولية ومحلية وبلديات، بإيجاد حلول عاجلة لاحتواء تبعات هذه الأزمة قبل أن تتحول إلى كارثة حقيقية تؤدي إلى خسائر في الأرواح.
يشار إلى أن عمال شركات النظافة في جميع المستشفيات والمرافق الصحية التابعة لوزارة الصحة في قطاع غزة، قد أعلنوا إضراباً شاملاً في الحادي عشر من شهر فبراير/شباط الجاري، وذلك لعدم التزام وزارة الصحة بدفع المستحقات المادية تجاه هذه الشركات للشهر الخامس على التوالي.