كانت السماء في الماضي ملكاً للطيور، إلى أن اختُرعت الطائرات التجارية والحربية، والتي عرف تأثيرها على الطيور من خلال حوادث الاصطدام، سواء في الجو أم أثناء الهبوط على المدرجات أو السير فوقها. أما اليوم، فتنتشر الطائرات من دون طيار (درونز) اللاسلكية بين أيدي الهواة الذين لا يسمح لهم في الولايات المتحدة بجعلها تطير على ارتفاع يزيد عن مائة وعشرين متراً، منعاً لاصطدامها بالطائرات الصغيرة التي تطير بقائدها على ارتفاعات منخفضة.
بمرور الزمن، أصبح انتشار هذا النوع من طائرات الأزيز يتزايد بسرعة وفي كلّ مكان. فكيف يضر ذلك بالطيور؟ في الأماكن التي يصعب الوصول إليها مثل الجدران الصخرية الشاهقة تصل هذه الطائرات بكلّ سهولة، فتنتهك الحياة البرية وتزعج الطيور المعششة في تجاويف الانحدارات القوية العالية كالنسور والعقبان والصقور. لكنّ المشاهدات أثبتت أنّ الطيور الجارحة تحافظ على سلامة سمائها وخلوها من أيّ جسم غريب، فلا تتردد في مهاجمة هذه الطائرات وتحملها وترمي بها في أماكن خارج أماكن السيادة أو تكتفي بإيقاعها أرضاً.
يعتقد أنّ الطيور المهاجمة قد تصاب بجروح نتيجة المراوح الظاهرة على الزوايا، لكنّ أحداً لم يشاهد حتى الآن ما يثبت ذلك. مع هذا، هناك توجه لدى المصنعين لحماية الطيور من المراوح، من خلال عزل هذه الأخيرة بشبك خفيف الوزن. لكنّ المشكلة تقع عندما تصعب مهاجمة الطيور لطائرات الهواة التي يصل وزنها إلى 24 كلغ كحد أقصى.
بالإضافة إلى التعدي على خصوصيات الطيور في أماكن تعشيشها، هناك تعديات تحصل في المحميات الطبيعية التي يفترض أنّها مناطق حساسة ولا يجب إزعاج تنوعها البيولوجي بأيّ وسيلة كانت. وقد شوهدت طيور من نوع كروان الماء الصغير مذعورة وهي على بعد 400 متر من طائرة هواة من دون طيار، وذلك في مابوتو في جنوب أفريقيا. وعليه، فإنّ دولاً أصدرت تشريعاتها بمنع طيران هذا النوع من الطائرات فوق المحميات الطبيعية والمتنزهات الطبيعية ومسارات هجرة الطيور المعروفة ومناطق عنق الزجاجة للطيور الحوامة، وفوق أماكن تفريخ الطيور الجارحة، سواء كانت في الجدران الصخرية أم في السهول المنبسطة، وفوق مستعمرات تفريخ الطيور المائية.
هذه الدول تستمر في تعديل تشريعاتها مع تطور تقنيات الطائرات. وفي جميع الأحوال، نجد في هذه الطائرات تهديداً بعيد المدى للطيور الجارحة التي يمكن أن تتعرض للاضطهاد على أيدي أصحاب الطائرات التي يخافون عليها من العطب الناتج عن مهاجمة الجوارح لها. وهو تهديد يذكرنا بأصحاب الدواجن وقطعان الماعز والخراف الذين كانوا في القرن الماضي يقتلون أو يسممون العقبان والصقور والبواشق لمجرد خوفهم على مواشيهم ودواجنهم منها.
اقــرأ أيضاً
في هذه المرة، ستكون هناك أعداد كبيرة من أصحاب الطائرات من دون طيار أكثر بكثير من أعداد المزارعين. أي أنّ الاضطهاد سوف يكون على نطاق أوسع وفي أماكن مختلفة. لذلك، فإن هنالك حاجة ماسة لإخضاع هذا النوع من الطائرات من دون طيار للهواة إلى شروط تستند إلى عدة نقاط، منها ضرورة حصول صاحب الطائرة على إجازة استخدام يستند إليها من أجل حماية ممتلكات الغير من الاصطدامات الناتجة عن ضعف في التحكم، وتفادي الإضرار بأسلاك نقل الكهرباء في القرى، وتحديد الأماكن التي يمنع فيها هذا الاستخدام في أرجاء البلاد، وتحديد مواصفات الطائرات لكي تصنف على أنّها للهواة، وتحديد أقصى ارتفاع لها، كما يلزم وضع النصوص القانونية التي تشمل العقوبات في حال المخالفات.
*اختصاصي في علم الطيور البرية
بمرور الزمن، أصبح انتشار هذا النوع من طائرات الأزيز يتزايد بسرعة وفي كلّ مكان. فكيف يضر ذلك بالطيور؟ في الأماكن التي يصعب الوصول إليها مثل الجدران الصخرية الشاهقة تصل هذه الطائرات بكلّ سهولة، فتنتهك الحياة البرية وتزعج الطيور المعششة في تجاويف الانحدارات القوية العالية كالنسور والعقبان والصقور. لكنّ المشاهدات أثبتت أنّ الطيور الجارحة تحافظ على سلامة سمائها وخلوها من أيّ جسم غريب، فلا تتردد في مهاجمة هذه الطائرات وتحملها وترمي بها في أماكن خارج أماكن السيادة أو تكتفي بإيقاعها أرضاً.
يعتقد أنّ الطيور المهاجمة قد تصاب بجروح نتيجة المراوح الظاهرة على الزوايا، لكنّ أحداً لم يشاهد حتى الآن ما يثبت ذلك. مع هذا، هناك توجه لدى المصنعين لحماية الطيور من المراوح، من خلال عزل هذه الأخيرة بشبك خفيف الوزن. لكنّ المشكلة تقع عندما تصعب مهاجمة الطيور لطائرات الهواة التي يصل وزنها إلى 24 كلغ كحد أقصى.
بالإضافة إلى التعدي على خصوصيات الطيور في أماكن تعشيشها، هناك تعديات تحصل في المحميات الطبيعية التي يفترض أنّها مناطق حساسة ولا يجب إزعاج تنوعها البيولوجي بأيّ وسيلة كانت. وقد شوهدت طيور من نوع كروان الماء الصغير مذعورة وهي على بعد 400 متر من طائرة هواة من دون طيار، وذلك في مابوتو في جنوب أفريقيا. وعليه، فإنّ دولاً أصدرت تشريعاتها بمنع طيران هذا النوع من الطائرات فوق المحميات الطبيعية والمتنزهات الطبيعية ومسارات هجرة الطيور المعروفة ومناطق عنق الزجاجة للطيور الحوامة، وفوق أماكن تفريخ الطيور الجارحة، سواء كانت في الجدران الصخرية أم في السهول المنبسطة، وفوق مستعمرات تفريخ الطيور المائية.
هذه الدول تستمر في تعديل تشريعاتها مع تطور تقنيات الطائرات. وفي جميع الأحوال، نجد في هذه الطائرات تهديداً بعيد المدى للطيور الجارحة التي يمكن أن تتعرض للاضطهاد على أيدي أصحاب الطائرات التي يخافون عليها من العطب الناتج عن مهاجمة الجوارح لها. وهو تهديد يذكرنا بأصحاب الدواجن وقطعان الماعز والخراف الذين كانوا في القرن الماضي يقتلون أو يسممون العقبان والصقور والبواشق لمجرد خوفهم على مواشيهم ودواجنهم منها.
*اختصاصي في علم الطيور البرية