مجازر في دوما... قصف بالغازات السامة والإصابات جسيمة والمشافي متوقفة عن الخدمة

عمار الحلبي

avata
عمار الحلبي
08 ابريل 2018
0300D966-FF16-42F8-97E1-D8F5BF32BCE2
+ الخط -


دوما مدينة منكوبة تقصف بالغازات السامة، وضحايا المجزرة من المدنيين الأحياء منهم والأموات يصعب إحصاؤهم بدقة مع استمرار القصف، وفرق الدفاع المدني تكشف عن المزيد من القتلى في البيوت والأقبية، والتقديرات تتراوح ما بين 70 قتيلاً و130 بالإضافة إلى نحو ألف مصاب. دوما تعيش كارثة إنسانية بكل معنى الكلمة، بلا مشافٍ والعلاج المتوفر لا يتعدى كونه إسعافات أولية.

"أعراض زلة تنفسية، وزرقة مركزية، وخروج زبد من الفم، وانبعاث رائحة واخزة تشبه رائحة الكلور. ولوحظ لدى المصابين حروق قرنية، وبطء بالقلب، وخراخر قصبية خشنة وأزيز"، هو التشخيص الذي نشرته "الجمعية الطبية السورية الأميركية" (سامز) في بيانٍ مشترك مع "الدفاع المدني السوري" اليوم الأحد، لمئات الإصابات التي وُثقت في مدينة دوما الليلة الماضية، نتيجة تعرض المدينة لقصفٍ بغازات سامة مثل السارين.

لا يُمكن حتى لحظة إعداد هذا التقرير، الوصول لإحصائيةٍ دقيقةٍ تماماً لأعداد الضحايا الذين قتلوا، أو أصيبوا بحالات اختناق، بسبب استمرار القصف على دوما، وصعوبة تحرك فرق الدفاع المدني والكوادر الطبية لإسعاف المصابين.

ما هو ثابتٌ حتى الساعة، وفق الدفاع المدني ومصادر طبية، ومشاهد فيديو بثها ناشطون من دوما، أن مئات المدنيين أصيبوا بحالات اختناق، وتوفي منهم العشرات. في الوقت الذي تتعاظم فيه الكارثة الإنسانية في هذه المدينة المنكوبة، مع خروج كافة المشافي في المدينة عن الخدمة نتيجة استهدافها بالقصف الجوي، وقلة عدد الكوادر الطبية، وفقدان هذه الكوادر القليلة للأدوات والأدوية اللازمة للإسعاف.

بيان "الجمعية الطبية السورية الأميركية، أكد أنه "في تمام الساعة 7.45 من مساء يوم أمس السبت 7 إبريل/ نيسان 2018، ومع القصف المستمر على الأحياء السكنية في مدينة دوما بدأت تتوارد العديد من الحالات يفوق عددها 500 حالة إلى النقاط الطبية (أغلبها من النساء والأطفال ) تعاني من أعراض زلة تنفسية وزرقة مركزية وخروج زبد من الفم وانبعاث رائحة واخزة تشبه رائحة الكلور كما لوحظ لدى المصابين حروق قرنية.

وأشار البيان إلى "وجود بطء قلب وخراخر قصبية خشنة وأزيز"، لافتاً إلى توثيق وفياتٍ، وأن "عناصر الدفاع المدني أفادوا بوجود الكثير من الوفيات يتجاوز عددها 42 حالة بالمظاهر السريرية نفسها في منازلهم، لم يتمكن عناصر الدفاع المدني من سحب جثثهم بسبب شدة الرائحة وعدم توفر البزات الواقية للوصول إلى المكان، وتتوقع فرق الدفاع المدني وجود المزيد من الضحايا في أماكن القصف".


وبحسب بيان "سامز" فإن الهجوم يشير إلى أن السلاح المستخدم ليس غاز الكلور، وإنما غازات مركّبات عضوية كالسارين.




ضحايا في المنازل والأقبية

تجدر الإشارة إلى أنه بعد صدور البيان، ارتفعت حصيلة الضحايا، خصوصاً مع استمرار عمليات الإنقاذ والإخلاء حتى ظهر اليوم الأحد، وتأكيد ناشطين في دوما العثور على مزيدٍ من الضحايا الذين فارقوا الحياة في الأقبية التي يقيمون فيها.

وتضاربت الأرقام، حول عدد حالات الوفاة، وقدر عدد الضحايا بين 70 و130 ضحية، في حين اتفقت المصادر المتقاطعة على وجود ما يزيد عن ألف مصاب.

وتتعلق واحدة من أكبر المآسي التي يعيشها سكان دوما اليوم بعدم وجود مشافٍ أو مراكز طبية لعلاج الإصابات سواء بالقصف الناري، أو حالات الاختناق للضحايا الذين استنشقوا غازات سامة.


ويؤكد ناشطون ينحدرون من مدينة دوما لـ"العربي الجديد" بينهم يوسف البستاني، أن لا مشافي حالياً في المدينة، بعد تعرض كافة المراكز الطبية للقصف الجوي والمدفعي "الممنهج والمتعمد"، وأن مشفى وحيدا، خارجاً عن الخدمة جزئياً، ينقل المصابون إليه.

وتشير هذه المصادر، إلى أن المشفى الوحيد، ليس قادراً سوى على تقديم الإسعافات بالحد الأدنى، وفق الإمكانيات القليلة المتاحة، إضافة إلى أن فرق الدفاع المدني فقدت بالقصف، جميع آلياتها التي تُسعف المصابين.

كما تبرز مشكلة أخرى، في أن عدداً كبيراً من الكوادر الطبية غادروا دوما اساساً منذ أيام، نحو مناطق الشمال السوري.

متطوّع في الدفاع المدني السوري أدلى بشهادته لـ "العربي الجديد" قائلاً: "بحدود الساعة الثامنة والربع من مساء يوم أمس السبت ألقت طائرات مروحية براميل متفجّرة تبيّن أنّها تحتوي على غازات سامّة، الأمر الذي أسفر عن ورود عدد كبير من حالات الاختناق تظهر عليها أعراض إصابة بسلاح كيماوي".



وأضاف أن الطيران الحربي قصف مشفى كان المصابون قد لجأوا إليه، مؤكداً أن الفرق الخاصة لم تتمكن حتى الآن من الوصول إلى جميع المصابين بسبب استمرار القصف العنيف على الغوطة. وتابع: "تواصل معنا عدد كبير من السوريين خارج دوما يريدون الاطمئنان على أقاربهم في الداخل، لكننا لم نتمكّن من إعطاء تطمينات للجميع".

وأوضح "في كل قبو ندخل إليه نجد مزيداً من الضحايا والمصابين لذلك لا يمكن إطلاقا حتّى الآن الحديث عن إحصائية دقيقة وثابتة لعدد الضحايا والمصابين".



80% من الكادر الطبي غادر دوما

وأشار المتطوّع إلى أن المراكز الطبية غير قادرة إطلاقاً على الاستجابة لجميع إصابات القصف، لافتاً إلى أن التجهيزات الموجودة هي عبارة عن غرف بسيطة مجهّزة للإسعافات الأولية بالحد الأدنى، فضلاً عن عدم وجود عددٍ كافي من الأطباء والكوادر الطبية، بسبب تهجير نسبة كبيرة منهم إلى الشمال السوري.

ولفت إلى أن الفرق الطبية تتعامل مع المصابين بالإسعافات الأولية مثل تعريضهم لهواء نقي وغسلهم بالمياه وغيرها من الإسعافات التي قد تخفّف حجم الإصابة. واعتبر أن الكارثة إنسانية بكل معنى الكلمة.



وقال الناشط الحقوقي إبراهيم الفوال في وقت سابق قبل مجزرة الليلة الماضية لـ"العربي الجديد"، إنّ "في دوما حالياً مشفى دوما المركزي وعدد من الأطباء والممرضين". وأضاف الفوال أنّ "نسبة الكوادر الطبية التي غادرت تقدّر بنحو 80 في المائة من مجمل الكادر الطبي في دوما"، لافتاً إلى أنّ "المدينة تشهد الآن نقصاً حاداً سواء في الكوادر الطبية أو في المعدّات الطبية والأدوية".

وبدأت أشرس حملة عسكرية للنظام وروسيا على الغوطة الشرقية بدمشق، في 18 مارس/آذار الماضي، عبر مئات الضربات الجوية، والقصف المدفعي والصاروخي الذي تبعه هجوم بري. وخلفت الهجمات في الأسابيع الخمسة الأولى، نحو 1600 قتيل من السكان في الغوطة، قبل أن يُخضع النظام لسيطرته كافة القرى والمدن في القطاع الأوسط للغوطة، إضافة لحرستا ومناطق شرق الغوطة، لتبقى دوما وهي كبرى المدن وأكثرها اكتظاظاً بالسكان، تحت سيطرة "جيش الإسلام".

ذات صلة

الصورة
جهود إنقاذ بأدوات بدائية في شمالي غزة (عمر القطاع/فرانس برس)

مجتمع

تتواصل العملية العسكرية الإسرائيلية البرية في محافظة شمال غزة مخلفة مئات الشهداء والمصابين، فضلاً عن تدمير عشرات المنازل، وإجبار الآلاف على النزوح.
الصورة
فرق الدفاع المدني في غزة/2 أكتوبر 2024(الأناضول)

مجتمع

أعلن جهاز الدفاع المدني في غزة، مساء الأربعاء، توقف عمله بالكامل في محافظة شمال القطاع، مشيراً إلى أن الوضع الإنساني هناك بات كارثياً.
الصورة
نازحان في غزة (العربي الجديد)

مجتمع

يحاول النازح الفلسطيني أبو أحمد أبو القمبز من حي الشجاعية شرق مدينة غزة التخفيف من آلام صديقه الجديد أبو مصطفى سالم، الناجي الوحيد من مجزرة إسرائيلية.
الصورة
غزة 1

تحقيقات

تقتل دولة الاحتلال الناجين من قصفها عبر استهداف طواقم الدفاع المدني وتدمير معداتهم، في ظل اضطرارهم للإسراع من موقع إلى آخر لمحاولة انتشال ناجٍ فرصه في الحياة أكبر من غيره، بينما ظل آخرون يصرخون حتى لحقوا بأحبائهم