تزدحم أسواق الجزائر، في اليوم الأخير من شهر رمضان، فهو اليوم الذي تنهي فيه غالبية العائلات شراء احتياجات العيد، وخصوصا الملابس والأحذية لأطفالها، للتباهي بها أمام أقرانهم صباح يوم العيد.
ورغم ارتفاع الأسعار، فإن العائلات تراهن على التخفيضات التي يجريها التجار في هذا اليوم لبيع ما أمكن مما تحويه محلاتهم. وأكثر من أي يوم آخر، يعج شارع "بوصوف" وسط مدينة ميلة (شرق) لاحتوائه على محلات تجارية تعود لعائلة القيادي في ثورة الجزائر، عبد الحفيظ بوصوف، وتتوجه العائلات إلى هذه المحال برفقة أطفالها لشراء ملابس العيد.
يقول محمد، الذي يملك محلا لبيع ملابس الأطفال، إنه يضطر إلى طلب المساعدة من أشقائه في البيع واستقبال الزبائن في اليوم الذي يسبق العيد، "لا أستطيع وحدي أن أتكفل بكل زبائن المحل على كثرتهم، ولذلك أستقدم شقيقتي وشقيقي الأصغر للمساعدة"، مشيرا إلى أنه يحاول توفير كل البضائع لإرضاء الزبائن، بخاصة أن الأطفال لا يرضون بأي لباس، وأحيانا تجد عائلاتهم صعوبات في إقناعهم.
ولا يتنازل أطفال الجزائر عن ملابس العيد، وتبدأ المطالبة بها منذ انتصاف الشهر الفضيل، ولا تجد العائلات الجزائرية بداً من الاستجابة لرغبات أطفالها رغم ارتفاع الأسعار والظروف الاجتماعية للجزائريين بسبب سياسات التقشف التي تتبعها الحكومة.
ولا ينكر قاسم، الذي يملك محلاً للأحذية في شارع رئيسي بوسط مدينة ميلة، أن الأسعار زادت خلال السنة الحالية بشكل لافت مقارنة بالسنوات الماضية، ويعزو ذلك إلى استمرار تراجع قيمة الدينار الجزائري مقابل العملات الأجنبية، ما يدفع الموردين إلى زيادة كلفة البضائع، إضافة إلى ضعف الإنتاج المحلي من الملابس والأحذية، والذي يدفع عشرات العائلات إلى التوجه نحو محال بيع الملابس المستعملة، رغم أن توريد هذا النوع من الملابس ممنوع في الجزائر منذ خمس سنوات.
ويرى الناشط الحقوقي هواري قدور، أن "هذا المشهد بات يتكرر كل عام مع حلول الأعياد، والازدياد الملحوظ في أسعار الملابس الجديدة. في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، اضطر البعض لتحويل الوجهة إلى أسواق الملابس المستعملة لأنها تبقى أرحم من أسعار الثياب الجديدة"، ويضيف أن هذا الوضع يفرض تكثيف التضامن مع العائلات المعوزة.
وبات لافتا في السنوات الأخيرة عدد المبادرات الخيرية التي تقوم بها جمعيات التكافل، وتبادر جمعية "كافل اليتيم" المنتشرة في كل المدن الجزائرية، كل عيد إلى حملات لجمع هبات من الملابس والأحذية لمصلحة الأطفال المعوزين، كما تبادر الكشافة الإسلامية الجزائرية إلى توزيع ما تجمعه من ملابس وكسوة على أطفال العائلات الفقيرة.
وتشارك مبادرات من بعض المؤسسات الحكومية، حيث قامت إذاعة محلية حكومية بمدينة سطيف قبل يومين، بتوزيع كسوة العيد على الأطفال الأيتام.