تقول النكتة إنّ لبنانياً مرّ خلال زيارته بلداً أفريقياً في مقبرة، فلاحظ أنّ أعمار المتوفين صغيرة جداً؛ سنة، سنتان، ثلاث سنوات، أربع، أو عشر سنوات، فاشتبه أن تكون مقبرة أطفال حصراً، لكنّه عندما سأل، قيل له إنّ الشاهد لا يحمل العمر الكامل للمتوفي، بل السنوات التي عاش فيها سعيداً فحسب. ردّ اللبناني: إذا متّ هنا، اكتبوا على قبري "جبور جبر من بطن أمه إلى القبر".
العمر قصير مهما كان طويلاً، مهما امتدّ، واسأل أيّ مسنّ عن ذلك، سيذكر لكَ أحداثاً يعتبرها بنت البارحة وهي تعود إلى ما قبل ميلادك بعقود ربما. لكن، هل تلك الوصفة الأفريقية في النكتة نافعة؟ ما العمر الذي نعيشه؟ هل هو أيام السعادة وحدها تلك التي تستحق أن نذكرها، بعيداً عن مآس وأحزان ومصاعب وتحديات وخيبات وخسارات؟ لكن، ماذا لو كنا مثل جبور ذاك، لم نعش يوم سعادة واحداً في حياتنا، فكانت كما لو أنّها لم تكن، تبعاً لمعيار تلك المقبرة؟
الأيام السعيدة هي بلا شكّ العقدة والحلّ لكنّ عالمنا لا يقدم كثيراً من أسباب السعادة. يحاول بعضهم أن يقنعك دائماً من خلال المقارنة أنّك أفضل من غيرك، ولذلك لا داعي للشعور بالتعاسة أو الحزن، لكنّه لا يحسب أنّك ربما تكون أنت وذاك المقارن في ثقب الحزن الأسود نفسه، وإن اختلفت الدرجات والسرعات. لعلّ معظم الناس يحبون أن يكونوا سعداء حتى لو أدمنوا الحزن، ولربما يجدون في الحزن نفسه سعادتهم، من يدري؟
اقــرأ أيضاً
المقارنة غير مجدية ولو أنّها شائعة جداً، فيواجهك بها كلّ من يفترض جحودك ونكرانك نعمة الله عليك. لكن، بالحديث عن الثقوب السوداء تبدو مغرية فكرة إبطاء الوقت... على أن يكون من أوقات السعادة، والتمكن من جعله يمتد أطول فترة ممكنة. فهل من سبيل إلى ذلك من دون انتظار فتح إينشتايني جديد لا أحد يعلم متى يكون؟
الموسم مناسب، فمن جهة فيه رمضان، ومن جهة أخرى، يقترب مونديال كرة القدم. الصائم من جهته، يعلم الكثير بخصوص الوقت، فدأبه انتظار أذان المغرب، لكنّ الغريب أنّ الساعة التي تسبق الأذان تلك، يشعر أنّها ساعات لا تنتهي. المثال الآخر هو في الدقائق الخمس الأخيرة في مباراة كرة القدم بالنسبة لفريق فائز ضعيف أمام فريق خاسر قوي... هي خمس دقائق لا تنتهي ببساطة، ومهما فعل الفريق يشعر كأنّه في لحظة متواصلة من حكم بالإعدام عليه.
لعلّ السرّ هنا بالذات، لماذا تمتد الأوقات الصعبة والكئيبة والحزينة ونشعر كأنّها دهر، بينما تمرّ اللحظات السعيدة سريعاً؟ ربما فهم أحد ما سرّ المسألة وتمكن من قلب نتائجها ليجعل أوقاته السعيدة المثمرة تمتد طويلاً مهما كان الوقت قصيراً بالنسبة للمراقب الخارجي، ولو أنّ جبور جبر لم يخبرنا عن قبر يصل عمر من فيه إلى خمسين عاماً. تخيل؛ خمسون عاماً من السعادة.
العمر قصير مهما كان طويلاً، مهما امتدّ، واسأل أيّ مسنّ عن ذلك، سيذكر لكَ أحداثاً يعتبرها بنت البارحة وهي تعود إلى ما قبل ميلادك بعقود ربما. لكن، هل تلك الوصفة الأفريقية في النكتة نافعة؟ ما العمر الذي نعيشه؟ هل هو أيام السعادة وحدها تلك التي تستحق أن نذكرها، بعيداً عن مآس وأحزان ومصاعب وتحديات وخيبات وخسارات؟ لكن، ماذا لو كنا مثل جبور ذاك، لم نعش يوم سعادة واحداً في حياتنا، فكانت كما لو أنّها لم تكن، تبعاً لمعيار تلك المقبرة؟
الأيام السعيدة هي بلا شكّ العقدة والحلّ لكنّ عالمنا لا يقدم كثيراً من أسباب السعادة. يحاول بعضهم أن يقنعك دائماً من خلال المقارنة أنّك أفضل من غيرك، ولذلك لا داعي للشعور بالتعاسة أو الحزن، لكنّه لا يحسب أنّك ربما تكون أنت وذاك المقارن في ثقب الحزن الأسود نفسه، وإن اختلفت الدرجات والسرعات. لعلّ معظم الناس يحبون أن يكونوا سعداء حتى لو أدمنوا الحزن، ولربما يجدون في الحزن نفسه سعادتهم، من يدري؟
المقارنة غير مجدية ولو أنّها شائعة جداً، فيواجهك بها كلّ من يفترض جحودك ونكرانك نعمة الله عليك. لكن، بالحديث عن الثقوب السوداء تبدو مغرية فكرة إبطاء الوقت... على أن يكون من أوقات السعادة، والتمكن من جعله يمتد أطول فترة ممكنة. فهل من سبيل إلى ذلك من دون انتظار فتح إينشتايني جديد لا أحد يعلم متى يكون؟
الموسم مناسب، فمن جهة فيه رمضان، ومن جهة أخرى، يقترب مونديال كرة القدم. الصائم من جهته، يعلم الكثير بخصوص الوقت، فدأبه انتظار أذان المغرب، لكنّ الغريب أنّ الساعة التي تسبق الأذان تلك، يشعر أنّها ساعات لا تنتهي. المثال الآخر هو في الدقائق الخمس الأخيرة في مباراة كرة القدم بالنسبة لفريق فائز ضعيف أمام فريق خاسر قوي... هي خمس دقائق لا تنتهي ببساطة، ومهما فعل الفريق يشعر كأنّه في لحظة متواصلة من حكم بالإعدام عليه.
لعلّ السرّ هنا بالذات، لماذا تمتد الأوقات الصعبة والكئيبة والحزينة ونشعر كأنّها دهر، بينما تمرّ اللحظات السعيدة سريعاً؟ ربما فهم أحد ما سرّ المسألة وتمكن من قلب نتائجها ليجعل أوقاته السعيدة المثمرة تمتد طويلاً مهما كان الوقت قصيراً بالنسبة للمراقب الخارجي، ولو أنّ جبور جبر لم يخبرنا عن قبر يصل عمر من فيه إلى خمسين عاماً. تخيل؛ خمسون عاماً من السعادة.