الرفض عبّر عنه رسمياً وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، عندما صرح بأن المملكة "لا تقبل فكرة إقامة مراكز استقبال بعيداً عن الاتحاد الأوروبي"، واصفاً هذا الحل بأنه "سهل، ولن يأتي بنتائج حاسمة وإيجابية للحدّ من تدفق أفواج المهاجرين غير النظاميين على دول الاتحاد الأوروبي".
من جهته، أفاد خالد الزروالي، مدير الهجرة ومراقبة الحدود، في تصريح صحافي، بأن المغرب لا يسعى أساساً إلى استضافة المهاجرين لتقديم وثائقهم قصد الحصول على اللجوء في أوروبا، وبأن إقامة مراكز أو "ملاجئ" للمهاجرين غير النظاميين ليست حلاً ناجعاً، ولن تمنع تدفق أمواج المهاجرين على المغرب كبلد عبور تحول مع الوقت إلى بلد استقرار.
الزروالي سجّل أن هناك العديد من العوامل الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي تدفع هذه الشريحة من المهاجرين إلى ترك بلدانها في أفريقيا جنوب الصحراء خاصة، والتوجه نحو بلدان أوروبا عبر المغرب الذي يعدّ أقرب نقطة في أفريقيا للقارة الأوروبية، مورداً أن المملكة تلعب دور "حارس" لبوابة الهجرة إلى أوروبا، ما يستدعي حصول الرباط على مساعدات للقيام بهذه المهمة الصعبة.
وأعدّ المجلس الأوروبي وثيقة تفيد برغبة بلدان الاتحاد في إقامة مراكز أو منصات إيواء مؤقتة للمهاجرين السريين في بلدان خارج نطاق الاتحاد الأوروبي، من قبل المغرب وتونس ومصر، بهدف تخفيف الضغط على سواحل البلدان الأوروبية، عقب ارتفاع عدد المهاجرين غير الشرعيين الوافدين عليها.
وعلّق محمد بن عيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، الذي يهتم بظاهرة الهجرة السرية، على الموضوع في تصريحات لـ "العربي الجديد"، بالقول إن رفض المغرب المقترح الأوروبي بإحداث مراكز لإيواء المهاجرين غير نظاميين على أراضيه ينسجم مع الطرح الإنساني والحقوقي.
وأوضح بن عيسى بأن المرصد وقف ضد مثل هذه المبادرات، بسبب أن ذلك يدخل ضمن محاولات الاتحاد الأوروبي تصريف أزمة الهجرة والمهاجرين بحمولتها الإنسانية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية إلى دول الجنوب التي تعيش أزمات على المستوى الداخلي، وغير قادرة على توفير شروط العيش الكريم لشعوبها.
وسجّل الخبير ذاته أن "إقامة هذه المراكز في بعض الدول أظهرت فشل مثل هذه التجارب، نظراً إلى كونها أشبه بمعتقلات وسجون تنعدم فيها شروط الحياة، وهي لا يمكن أن تكون حلاً لمعضلة تتطلّب البحث عن جذورها ومعالجتها".
من جهته قال فريديرك لانش، الناشط الحقوقي في المغرب، لـ"العربي الجديد"، إن إقامة مراكز إيواء المهاجرين المنحدرين من دول أفريقية، والذين يعيشون بطريقة غير قانونية في البلاد، تعتبر فكرة بوجهين اثنين؛ الأول إيجابي والثاني له حمولات سلبية.
وشرح المتحدث ذاته أن "المظهر السلبي في إقامة مثل هذه المراكز، يتمثل في المؤشرات العنصرية في حق هؤلاء المهاجرين، بل قد تشجع مهاجرين آخرين على التوافد بشكل أكبر على بلدان هذه المراكز أو الملاجئ"، أما المظهر "الإيجابي من هذه المراكز، لو أقيمت بالفعل، فإنها ستضع حدوداً واضحة بين المهاجر القانوني وغير النظامي، وستكون ثمة شفافية أكبر في التعاطي مع هذه الحالات واندماجها في المجتمع".