كان مئات العراقيين يمتهنون البحث عن بقايا الذهب والفضة على ضفاف نهر دجلة في بغداد، من جانب الرصافة تحديدا، لكن لم يبق منهم سوى بضعة أفراد بعدما أغلقت معظم ورش صهر الذهب والفضة أبوابها، وغزت الحلي المستوردة الأسواق.
يقول صادق كاظم (أبو جعفر)، لـ"العربي الجديد": "أعمل في تصفية التراب والطين والشوائب القادمة من مجارير المياه المتصلة بورش الذهب والفضة إلى نهر دجلة من جانب الرصافة، منذ نحو أربعة عقود، كانت للمهنة قيمة ومردود مالي جيد سابقا، بعكس ما هي عليه الآن".
وشرح أبو جعفر لـ"العربي الجديد"، تفاصيل استخلاص المعادن قائلا: "نقوم بغسل مخلفات ورش الذهب والفضة التي تصل عبر المجارير إلى نهر دجلة، وهي تحوي في العادة قطعا صغيرة من الذهب. نقوم بتصفيتها وجمعها بطرق بدائية عبر الأواني، وبخبرتنا نعرف أن بينها ما يحتوي على نسبة من الذهب والفضة أو المعادن الأخرى، فنقوم بجمعه في بوتقة وندخلها في أفران مخصصة، تسمى في العراق (الكورة)، لإذابة المعادن".
وأضاف "تنتج الكورة قرصا معدنيا، ثم نعمل على تصنيف هذه المعادن بعملية تسمى (الكنّة)، ومن ثم ندخل عملية فصل الذهب عن الفضة، فتتحول الفضة إلى سائل، ويتحول الذهب إلى حبيبات ناعمة".
وقال زميله طاهر أمين لـ"العربي الجديد": "تصل مخلفات ورش الصائغين إلى نهر دجلة عبر المجارير، وتستقر على ضفاف النهر، ونحن نقوم باكتشافها بواسطة أوان بلاستيكية. العمل شحيح منذ توقف وإغلاق عشرات الورش بسبب الحلي المستوردة، أو الوضع الأمني".
ويبين أمين أن "عملية غسل المخلفات أو الطين والتراب القادم من شبكة مجاري ورش الصاغة ينتج عنها معادن مترسبة في قاع الإناء، لتبدأ بعدها ثلاث عمليات، وهي الصهر بدرجات حرارة عالية، ثم حرق ما ينتج من العملية الأولى، ومن ثم إضافة حامض النتريك لسحب الذهب".
وقال: "ناتج عملنا الآن لمدة 40 يوما متواصلة بمعدل 10 ساعات عمل يومياً، يبلغ 55 غراما من الذهب عيار 24. كنا قبل أن يغادر الصائغون ورشهم ننتج أضعاف هذه الكمية، وتسبب هذا في تقلص أعداد من يقومون بعملية الغسيل، بعدما كان عددنا يتجاوز المئات، ويصل أحياناً إلى ألف عامل".