صورٌ لمعالم من مصر معلقة على جدران محلّ صغير غربي مدينة غزة مع عبارة "كشري النيل.. أنت في مصر" كتبها المصري أسامة حسن واستخدمها لتدلّ على مطعمه الذي افتتحه قبل 4 سنوات بعد أن هاجر بحثاً عن مستقرٍ له ومصدر دخل يُعيله مع أسرته.
المصري حسن (56 عاماً) قرر الاستقرار في غزة، موطن عائلة زوجته عائداً من إيطاليا التي استقرّ فيها لسنوات، ليفكر بعدها بمشروع خاص يكون مصدر دخله وما كان خياره سوى إنشاء مطعم قرر في الأخير أن يُقدم فيه "الكشري"، أشهر أكلة مصرية.
وعلى مدار 4 سنوات من افتتاحه المطعم، اضطر حسن 3 مرات لتغيير مكانه داخل مدينة غزة، نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها القطاع، وكان الثابت الوحيد هو مذاق طبق "الكشري" الذي يصنعه وعرفه الغزّيون وأصبحوا يترددون عليه.
كان حسن في البداية يفكر في افتتاح مطعم خاص بالبيتزا الإيطالية، لكنه عزف عنه بسبب انعدام المواد الخام التي تستخدم في إعدادها بالشكل الذي يُريده أو كما اعتاد عليها حين كان في إيطاليا، لذلك كان خياره "الكشري" خصوصاً أن غالبية الغزيين لا يعرفون هذه الأكلة أو لم يسبق أن جرّبوا مذاقها المصري، كما يقول لـ"العربي الجديد".
ويعتقد حسن أن الأكلة الشعبية والمشهورة في مصر، لا يعرفها الغزّيون بالشكل الصحيح سوى من حالفهم الحظ وتذوقوها في بلادها الأصلية، أما غيرهم فيعتقدون أنها تشبه طبق "المجدرة" الشهير في غزة، والذي يتكون من عدس وأرز وبصل، لكن "الكشري" غير ذلك، وفق قوله.
ويتكون طبق "الكشري" من أرز وشعرية ومعكرونة وبصل وصلصة حارة، وتُطهى هذه المكونات كل على حدة، وهنا يكمن السر في تحضير هذا الطبق على خلاف البعض ممن يُحضرون هذه المكونات جميعها سوياً، يضيف حسن.
ويرى حسن أن مشروعه نال قبولاً لدى الغزّيين، بخاصة أولئك الذين زاروا مصر وجرّبوا "الكشري" هناك قبل أن يعودوا إلى غزة. ويعمل المصري في مطعمه الخاص أسبوعياً لجني المال الذي يعتبره هو المصروف الخاص له ولزوجته وأبنائه الأربعة.
ويشكو حسن من الأوضاع الاقتصادية الصعبة في غزة والتي بطبيعة الحال تؤثر على عمله، يقول إن الإقبال على مشروعه يتفاوت بين حين وآخر، عازيا ذلك إلى أوضاع سكان غزة الصعبة مادياً بفعل عوامل الحصار التي أدت إلى هذا الحال، لكن أطباق الكشري التي يصنعها تظل باب رزقه المفتوح رغم هذا العذاب.
وعاماً تلو الآخر تزداد معاناة سكان غزة اقتصادياً واجتماعياً بفعل اشتداد الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 2006 وفرض السلطة الفلسطينية عقوبات على القطاع منذ أكثر من عام ونصف، تعمقت مع إعلان مؤسسات إغاثية عالمية تقليص تمويلها للقطاع وتفشي البطالة والفقر.
ووفقاً لتقرير أصدرته اللجنة الشعبية لكسر حصار غزة أخيراً، فإن نسبة البطالة بين الشباب تصل إلى 65 في المائة و85 في المائة من سكان غزة يعيشون تحت خط الفقر.