ليس هناك من رقم دقيق لعدد الشباب الفلسطيني الذي غادر ضمن أمواج اللاجئين من المنطقة العربية. مثل هذه الأرقام لا تملكها منظمة التحرير الفلسطينية ولا الدول القريبة والبعيدة، فمثلاً وصل عدد الذين قدموا إلى لبنان من مخيمات سورية إلى مائة ألف، لكنه الآن حوالي 30 ألفاً، ولا يعقل أنه عاد 70 ألفاً منهم إلى سورية نتيجة القيود التي فُرضت عليهم وجعلتهم أقل حظاً من السوريين الذين دخلوا البلاد.
وبالنظر إلى أوضاع اللاجئين في الدول العربية، نشير إلى أن اللاجئ الفلسطيني في الأردن يتمتع بكامل الحقوق التي يتمتع بها الأردني، باستثناء الترشح والاقتراع في الانتخابات المحلية والنيابية، وبالتالي فإن نسبة البطالة بينهم تزيد أو تقل بقليل عن نسبة الأردنيين. أما في سورية، فلا شك في أن هؤلاء يحصدون الثمن مضاعفاً. فقد دُمر مخيم اليرموك بالكامل تقريباً، كما أن سكان الأحياء القريبة من العاصمة في الغوطة فقدوا بيوتهم وممتلكاتهم. والرقم المتداول عن هجرة هؤلاء خارج البلاد والذي يتردد كثيراً لا يقل عن مائة ألف نسمة. بالطبع تكمن المشكلة في أن الباقين قد تذرروا في طول البلاد وعرضها أو لدى أقارب لهم، وبالطبع فقدوا الامتيازات التي تجعلهم أشبه بمواطنين، باستثناء الحقوق السياسية كما في الأردن.
في لبنان الوضع جد مختلف؛ إذ هناك أكثر من سبعين مهنة يُمنع على الفلسطيني مزاولتها، من بينها مثلا الطبيب والمهندس والمحامي والصيدلي والحلاق والحارس وسائق الأجرة وصياد السمك. المفارقة أن الفلسطيني يملك حق شراء لوحة لسيارة عمومية، ولكن لا يحق له قيادتها والعمل عليها. وفي حال القبض عليه يدفع غرامة قدرها أكثر من مليون ليرة (670 دولارا تقريباً). وقد حدث أن ألقى أحد رجال مفارز السير القبض على سائق سيارة فلسطيني، وبينما كان يحرّر له المحضر ما كان من الأخير إلا أن ذهب إلى محطة وقود وأحضر غالوناً مليئاً بالوقود وأحرقها.
خلال التعداد الذي نفّذته "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني"، وهي بالمناسبة هيئة حكومية تتبع مجلس الوزراء تأسست عام 2005، تبيّن أن العدد الإجمالي للاجئين الفلسطينيين في المخيمات الـ 12 والتجمعات الـ 156 لا يزيد عن 174.442. علماً أن اللاجئين الفلسطينيين في سجلات الأونروا ووزارة الداخلية اللبنانية يقاربون النصف مليون نسمة.
اقــرأ أيضاً
بالطبع، الفارق غادر لبنان في غضون العقود الماضية، ولا سيما ضمن الأمواج الأخيرة.
فالخريج الجامعي اللاجئ لا يستطيع ممارسة المهنة التي تخصص فيها، ما يضطره إلى أي عمل يتوافر له. ورغم المحاولات التي بذلتها لجنة الحوار و"مجموعة العمل اللبنانية حول قضايا اللجوء الفلسطيني" (مؤلفة من الأحزاب الرئيسية السبعة: القوات اللبنانية، التيار الوطني الحر، التقدمي الاشتراكي، حركة أمل، حزب الله، تيار المستقبل، والكتائب اللبنانية) وتقديمها مذكرة لرئيس الحكومة والتوقيع على وثيقة تدعو إلى تخفيف القيود عن حق الفلسطيني في التملك والعمل، لم يتحول ذلك إلى قوانين ومراسيم... ما يقود إلى بطالة مستشرية في المخيمات، خصوصاً بين الخريجين الشباب الذين لا يقبلون أي عمل. والحصيلة، أن الشاب اللاجئ لا يستطيع أن يمارس ما درسه أربع سنوات، لذا لا يجد أمامه من طريق سوى الهجرة والتخلي عن حياته الدونية، أسوةً بقرينه اللبناني، على أي حال.
(باحث وأكاديمي)
وبالنظر إلى أوضاع اللاجئين في الدول العربية، نشير إلى أن اللاجئ الفلسطيني في الأردن يتمتع بكامل الحقوق التي يتمتع بها الأردني، باستثناء الترشح والاقتراع في الانتخابات المحلية والنيابية، وبالتالي فإن نسبة البطالة بينهم تزيد أو تقل بقليل عن نسبة الأردنيين. أما في سورية، فلا شك في أن هؤلاء يحصدون الثمن مضاعفاً. فقد دُمر مخيم اليرموك بالكامل تقريباً، كما أن سكان الأحياء القريبة من العاصمة في الغوطة فقدوا بيوتهم وممتلكاتهم. والرقم المتداول عن هجرة هؤلاء خارج البلاد والذي يتردد كثيراً لا يقل عن مائة ألف نسمة. بالطبع تكمن المشكلة في أن الباقين قد تذرروا في طول البلاد وعرضها أو لدى أقارب لهم، وبالطبع فقدوا الامتيازات التي تجعلهم أشبه بمواطنين، باستثناء الحقوق السياسية كما في الأردن.
في لبنان الوضع جد مختلف؛ إذ هناك أكثر من سبعين مهنة يُمنع على الفلسطيني مزاولتها، من بينها مثلا الطبيب والمهندس والمحامي والصيدلي والحلاق والحارس وسائق الأجرة وصياد السمك. المفارقة أن الفلسطيني يملك حق شراء لوحة لسيارة عمومية، ولكن لا يحق له قيادتها والعمل عليها. وفي حال القبض عليه يدفع غرامة قدرها أكثر من مليون ليرة (670 دولارا تقريباً). وقد حدث أن ألقى أحد رجال مفارز السير القبض على سائق سيارة فلسطيني، وبينما كان يحرّر له المحضر ما كان من الأخير إلا أن ذهب إلى محطة وقود وأحضر غالوناً مليئاً بالوقود وأحرقها.
خلال التعداد الذي نفّذته "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني"، وهي بالمناسبة هيئة حكومية تتبع مجلس الوزراء تأسست عام 2005، تبيّن أن العدد الإجمالي للاجئين الفلسطينيين في المخيمات الـ 12 والتجمعات الـ 156 لا يزيد عن 174.442. علماً أن اللاجئين الفلسطينيين في سجلات الأونروا ووزارة الداخلية اللبنانية يقاربون النصف مليون نسمة.
بالطبع، الفارق غادر لبنان في غضون العقود الماضية، ولا سيما ضمن الأمواج الأخيرة.
فالخريج الجامعي اللاجئ لا يستطيع ممارسة المهنة التي تخصص فيها، ما يضطره إلى أي عمل يتوافر له. ورغم المحاولات التي بذلتها لجنة الحوار و"مجموعة العمل اللبنانية حول قضايا اللجوء الفلسطيني" (مؤلفة من الأحزاب الرئيسية السبعة: القوات اللبنانية، التيار الوطني الحر، التقدمي الاشتراكي، حركة أمل، حزب الله، تيار المستقبل، والكتائب اللبنانية) وتقديمها مذكرة لرئيس الحكومة والتوقيع على وثيقة تدعو إلى تخفيف القيود عن حق الفلسطيني في التملك والعمل، لم يتحول ذلك إلى قوانين ومراسيم... ما يقود إلى بطالة مستشرية في المخيمات، خصوصاً بين الخريجين الشباب الذين لا يقبلون أي عمل. والحصيلة، أن الشاب اللاجئ لا يستطيع أن يمارس ما درسه أربع سنوات، لذا لا يجد أمامه من طريق سوى الهجرة والتخلي عن حياته الدونية، أسوةً بقرينه اللبناني، على أي حال.
(باحث وأكاديمي)