ست سنوات مضت على نضال سنية الجبالي من أجل حقوق عمال هم زملاؤها، لتخسر عملها وأي احتمال للتوظيف، وتبدأ إضراباً عن الطعام من أجل حقها في العمل
سنية الجبالي نقابيّة شرسة دافعت عن زملائها العمال بعد طردهم من العمل، وكانت سبباً في عيش أسرهم بكرامة بعدما شاركت في احتجاجات ومسيرات وإضرابات الجوع. لكنها حُرمت من العمل، ودخلت مؤخراً في إضراب جوع في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مطالبة بفرصة عمل، وأصبح جسدها نحيلاً وملامحها شاحبة، بينما تخفي عيناها حزناً دفيناً. لكنها تحاول الصمود والتشبث بما بقي لها من أمل. وعلى الرغم من الألم، اختارت مواصلة النضال إيماناً منها بالكرامة والدفاع عن الحقوق المسلوبة والمظلومين، لكنها لم تجد من يدافع عنها.
سنية الجبالي ولدت في عام 1978، وتتحدر من منطقة المحمدية في الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة، وهي من عائلة فقيرة ومعدمة، تتكون من ثمانية أفراد، يعاني جميعهم، باستثناء والدتها، من مرض الأبطن (حالة مرضية وراثية تصيب غشاء الأمعاء بسبب مادة الغلوتين، ويعاني المريض من تحسس دائم حيال مادة الغلوتين، ما يتطلب تأمين غذاء باهظ الثمن وحمية معينة). وعلى الرغم من كل ذلك، تواصل الشابة التونسية إضراب الجوع للمطالبة بحقها في التشغيل والحياة.
وتقول سنية لـ "العربي الجديد" إن ما قادها إلى الرابطة هي عبارة إنسان. هذا كل ما تبحث عنه، أي القليل من الإنسانية عسى أن يُسمع صوتها وصرختها وأنينها ووجعها، وما تعانيه من قهر منذ سنوات. ذنبها الوحيد أنها اختارت الدفاع عن الحق.
اقــرأ أيضاً
بدأ عملها النقابي إثر انتدابها للعمل في شركة فرنسية تُعنى بتجهيز الطائرات في تونس العاصمة. وكان قرار تكوين نقابة مفاجئاً للشركة التي رفض مديرها الأمر، على الرغم من أن القرار كان في عام 2013 أي بعد الثورة التونسية، مؤكدة أن الموظفين كانوا يحلمون بوضع أفضل وتحسين ظروف العمل. تضيف أنهم تمسكوا بمطلبهم في تأسيس النقابة والنهوض بظروف العمال، فطُرد أعضاء النقابة ونحو 200 عامل ممن انخرطوا فيها. وتشير إلى رفض العمال هذا الطرد، وزادهم ما حدث إصراراً للتمسك بمطالبهم، وظلوا يناضلون من أجل العودة إلى العمل. احتجوا في مناسبات عدة، وحاولوا إيصال أصواتهم إلى عدد من الجمعيات
والمنظمات التونسية والأجنبية.
تؤكّد سنية أنّها اتصلت بالشركة الأم في فرنسا وبفروعها في دول عدة، ما أكسب القضية صدى واسعاً، وصار طردهم على خلفية عملهم النقابي محل اهتمام العديد من المنظمات الحقوقية التونسية والأجنبية. وتمكنت سنية، بمساعدة بقية زملائها، من إعادة جميع العمال إلى أعمالهم، لكن تم إقصاؤها من العودة برفقة نقابيين آخرين. وتلفت إلى أن الإقصاء لم يقتصر على تلك الشركة، بل وجدت نفسها تُرفض كلّما تقدمت للعمل في أية شركة أو مؤسسة كونها النقابية التي شاركت في العمل النقابي والاحتجاجات، مؤكدة أن اسمها أصبح معروفاً لدى العديد من الأوساط، وكأن العمل النقابي تحول إلى لعنة تأبى أن تفارقها. لا يكفي أنها خسرت عملها، بل خسرت إمكانية الحصول على أي فرصة في أي مجال كان.
وبعد 6 سنوات من البطالة والحرمان من العمل، زاد الوضع الاجتماعي لعائلتها سوءاً، وتغيرت أمور كثيرة في حياتها بعدما توقف أشقاؤها عن اتباع الحمية الغذائية المناسبة إذ لا يمكنهم اقتناء أطعمة باهظة الثمن تتماشى ووضعهم الصحي، ما جعل وضعهم الصحي أكثر سوءاً. وتشير إلى أن شغلها الشاغل أصبح العمل من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، خصوصاً أنها ترى أفراد أسرتها ينهارون الواحد تلو الآخر، ويستسلمون للمرض لأن أحداً لا يهتم أو يستمع إلى مأساتهم. أكثر من ذلك، رُفض طلبها من الدولة بأن تتكفل بعلاج عائلتها، على الرغم من لقائها العديد من المسؤولين والسياسيين.
تضيف أنه ليس لدى أفراد أسرتها وظائف ثابتة (معظم الأعمال هامشية أو موسمية)، الأمر الذي زاد الوضع سوءاً. وتؤكد أن بعض العائلات التونسية تعاني لتأمين طعام شخص مريض. فماذا عن سبعة أشخاص من العائلة نفسها يعانون من البطالة أو المرض والفقر؟ تؤكد أنهم يعيشون اعتماداً على 120 دولاراً يحصل عليها والدها، لكن المبلغ لا يكفي لتأمين أبسط الضروريات.
وترى سنية أنه على الرغم من مساندة بعض النواب لقضيتها، وتدخل منظّمات فرنسية، إلا أن قضيتها لم ترَ النور ولم يتم تشغيلها لتتمكن من العيش بكرامة، وإنقاذ بقية أفراد عائلتها. وتؤكد أنها مكنت مئات العمال من العودة إلى العمل والعيش بكرامة، وذلك بعد نضالات كبيرة واحتجاجات، من دون أن تحصل على أبسط حقوقها في العمل.
تطالب سنية بحقها في العمل والحياة لتتمكن من مواجهة المرض ومساعدة بقية أشقائها، فعملها في أي مجال كفيل بإنقاذ كافة أفراد عائلتها. وتؤكد أن أحداً لا يهتم لقصتهم ووضعهم الصحي والاجتماعي الصعب.
تُطالب الشابة التونسية المنظمات الحقوقية والنقابية الوقوف إلى جانبها على الرغم من الخذلان والمرارة التي تشعر بها من المسؤولين، مؤكدة أنها لن تغادر مقر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، حالها حال صديقين لها يشاركانها الاعتصام ويعانيان بدورهما من جراء البطالة والظلم والقهر، إلا بعد إيجاد حلول عملية تنهي المعاناة أو "الموت سيكون أرحم من التهميش" الذي تعانيه.
سنية الجبالي ولدت في عام 1978، وتتحدر من منطقة المحمدية في الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة، وهي من عائلة فقيرة ومعدمة، تتكون من ثمانية أفراد، يعاني جميعهم، باستثناء والدتها، من مرض الأبطن (حالة مرضية وراثية تصيب غشاء الأمعاء بسبب مادة الغلوتين، ويعاني المريض من تحسس دائم حيال مادة الغلوتين، ما يتطلب تأمين غذاء باهظ الثمن وحمية معينة). وعلى الرغم من كل ذلك، تواصل الشابة التونسية إضراب الجوع للمطالبة بحقها في التشغيل والحياة.
وتقول سنية لـ "العربي الجديد" إن ما قادها إلى الرابطة هي عبارة إنسان. هذا كل ما تبحث عنه، أي القليل من الإنسانية عسى أن يُسمع صوتها وصرختها وأنينها ووجعها، وما تعانيه من قهر منذ سنوات. ذنبها الوحيد أنها اختارت الدفاع عن الحق.
بدأ عملها النقابي إثر انتدابها للعمل في شركة فرنسية تُعنى بتجهيز الطائرات في تونس العاصمة. وكان قرار تكوين نقابة مفاجئاً للشركة التي رفض مديرها الأمر، على الرغم من أن القرار كان في عام 2013 أي بعد الثورة التونسية، مؤكدة أن الموظفين كانوا يحلمون بوضع أفضل وتحسين ظروف العمل. تضيف أنهم تمسكوا بمطلبهم في تأسيس النقابة والنهوض بظروف العمال، فطُرد أعضاء النقابة ونحو 200 عامل ممن انخرطوا فيها. وتشير إلى رفض العمال هذا الطرد، وزادهم ما حدث إصراراً للتمسك بمطالبهم، وظلوا يناضلون من أجل العودة إلى العمل. احتجوا في مناسبات عدة، وحاولوا إيصال أصواتهم إلى عدد من الجمعيات
والمنظمات التونسية والأجنبية.
تؤكّد سنية أنّها اتصلت بالشركة الأم في فرنسا وبفروعها في دول عدة، ما أكسب القضية صدى واسعاً، وصار طردهم على خلفية عملهم النقابي محل اهتمام العديد من المنظمات الحقوقية التونسية والأجنبية. وتمكنت سنية، بمساعدة بقية زملائها، من إعادة جميع العمال إلى أعمالهم، لكن تم إقصاؤها من العودة برفقة نقابيين آخرين. وتلفت إلى أن الإقصاء لم يقتصر على تلك الشركة، بل وجدت نفسها تُرفض كلّما تقدمت للعمل في أية شركة أو مؤسسة كونها النقابية التي شاركت في العمل النقابي والاحتجاجات، مؤكدة أن اسمها أصبح معروفاً لدى العديد من الأوساط، وكأن العمل النقابي تحول إلى لعنة تأبى أن تفارقها. لا يكفي أنها خسرت عملها، بل خسرت إمكانية الحصول على أي فرصة في أي مجال كان.
وبعد 6 سنوات من البطالة والحرمان من العمل، زاد الوضع الاجتماعي لعائلتها سوءاً، وتغيرت أمور كثيرة في حياتها بعدما توقف أشقاؤها عن اتباع الحمية الغذائية المناسبة إذ لا يمكنهم اقتناء أطعمة باهظة الثمن تتماشى ووضعهم الصحي، ما جعل وضعهم الصحي أكثر سوءاً. وتشير إلى أن شغلها الشاغل أصبح العمل من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، خصوصاً أنها ترى أفراد أسرتها ينهارون الواحد تلو الآخر، ويستسلمون للمرض لأن أحداً لا يهتم أو يستمع إلى مأساتهم. أكثر من ذلك، رُفض طلبها من الدولة بأن تتكفل بعلاج عائلتها، على الرغم من لقائها العديد من المسؤولين والسياسيين.
تضيف أنه ليس لدى أفراد أسرتها وظائف ثابتة (معظم الأعمال هامشية أو موسمية)، الأمر الذي زاد الوضع سوءاً. وتؤكد أن بعض العائلات التونسية تعاني لتأمين طعام شخص مريض. فماذا عن سبعة أشخاص من العائلة نفسها يعانون من البطالة أو المرض والفقر؟ تؤكد أنهم يعيشون اعتماداً على 120 دولاراً يحصل عليها والدها، لكن المبلغ لا يكفي لتأمين أبسط الضروريات.
وترى سنية أنه على الرغم من مساندة بعض النواب لقضيتها، وتدخل منظّمات فرنسية، إلا أن قضيتها لم ترَ النور ولم يتم تشغيلها لتتمكن من العيش بكرامة، وإنقاذ بقية أفراد عائلتها. وتؤكد أنها مكنت مئات العمال من العودة إلى العمل والعيش بكرامة، وذلك بعد نضالات كبيرة واحتجاجات، من دون أن تحصل على أبسط حقوقها في العمل.
تطالب سنية بحقها في العمل والحياة لتتمكن من مواجهة المرض ومساعدة بقية أشقائها، فعملها في أي مجال كفيل بإنقاذ كافة أفراد عائلتها. وتؤكد أن أحداً لا يهتم لقصتهم ووضعهم الصحي والاجتماعي الصعب.
تُطالب الشابة التونسية المنظمات الحقوقية والنقابية الوقوف إلى جانبها على الرغم من الخذلان والمرارة التي تشعر بها من المسؤولين، مؤكدة أنها لن تغادر مقر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، حالها حال صديقين لها يشاركانها الاعتصام ويعانيان بدورهما من جراء البطالة والظلم والقهر، إلا بعد إيجاد حلول عملية تنهي المعاناة أو "الموت سيكون أرحم من التهميش" الذي تعانيه.