يتعرض وزير الداخلية البريطاني، ساجيد جافيد، لضغوط متزايدة جراء فضيحة الترحيل الناجمة عن اختبار اللغة الإنكليزية للطلاب الأجانب التي تفوق فضيحة "ويندروش" بحسب وصف "ذا غارديان"، في حين يستعد النواب لإعادة فتح التحقيق مجدداً في القضية التي تسببت بإلحاق الضرر الفعلي بعشرات آلاف الطلاب الأجانب وتعطيل حياتهم.
وفضيحة الترحيل برزت عام 2018 وارتبطت بأشخاص احتُجزوا خطأً، وحُرموا من حقوقهم القانونية، وهُددوا بالإبعاد، وفي 83 حالة على الأقل، تم ترحيلهم بشكل خاطئ من المملكة المتحدة من قبل وزارة الداخلية. ويشار إلى أن العديد من المتضررين ولدوا رعايا بريطانيين ووصلوا إلى المملكة المتحدة قبل عام 1973، خصوصاً من دول الكاريبي. وشبهت القضية بفضيحة Windrush، السفينة التي أحضرت واحدة من المجموعات الأولى للمهاجرين من غرب الهند إلى المملكة المتحدة في عام 1948، وتعرضوا للانتهاكات.
أدّت فضيحة اختبار اللغة الإنكليزية بعد اتّهام الحكومة لعشرات الآلاف من الطلاب الذين شاركوا في الاختبار المعتمد من وزارة الداخلية بالغش، وإقدامها على إلغاء تأشيرات الدخول لنحو 34 ألف طالب أجنبي، وإبعاد أكثر من ألف شخص قسراً من المملكة المتحدة.
ونقلت صحيفة "ذا غارديان" أن الطلاب الذين أجروا اختبار اللغة الإنكليزية للتواصل الدولي "تويك" قبل خمس سنوات أو أكثر لا يزالون مستهدفين من قِبل مسؤولي إنفاذ الهجرة، وتمّ نقل الكثير منهم إلى مراكز احتجاز المهاجرين، قبل الترحيل القسري من المملكة المتحدة.
وبدأت حملة التدقيق بـ "غش محتمل" وترحيل صاحبه، خلال فترة تولي تيريزا ماي منصب وزيرة الداخلية، حين وعدت بخلق "بيئة معادية" للمهاجرين الذين يتواجدون في البلاد بشكل غير قانوني.
وقضى الآلاف من الطلاب الذين بقوا في المملكة المتحدة، السنوات الخمس الماضية في النضال دفاعاً عن سمعتهم ومحاولة إثبات أنهم لم يغشّوا، لكن معظمهم يعيش معاناة بعد أن تبلغوا من وزارة الداخلية أن لا حق لهم في البقاء في المملكة المتحدة ويجب أن يغادروا البلاد.
ووسط انتقادات من النواب، من المتوقع أن يحكم جافيد على مصير الآلاف من الطلاب المستهدفين هذا الأسبوع، خصوصاً أن فيلم وثائقي بانورامي أعدّ في عام 2014 يظهر أدلة واضحة على وجود احتيال في مركزين قدّم الطلاب فيهما الاختبار، وهو أمر مطلوب كجزء من عملية تجديد تأشيرة الطالب.
ومن الأدلة المصورة، شوهد المراقب وهو يقرأ إجابات الاختيار، وبيّن آخر وصول مرشحين مزيفين لإجراء الاختبار نيابة عن الذين كان من المقرر أن يشاركوا في الامتحان. مع الإشارة إلى وجود غش منظم جيداً في تلك المراكز، لكن ما يبقى غامضاً هو عدد الأشخاص الذين شاركوا في الاحتيال.
وألغت وزارة الداخلية تأشيرات عشرات الآلاف من الطلاب الذين خضعوا لاختبار "تويك"، لكن احتج عدد كبير منهم وقالوا إنّهم لم يغشوا. بيد أنّ ما يزيد عن أربعة آلاف شخص، غادر البلاد من دون أي فرصة لإثبات براءتهم، بعد أن قيل لهم إنه يمكن توقيفهم إن لم يغادروا.
وزار موظفو إنفاذ الهجرة منازل أكثر من 3600 طالب، وحاولت وزارة الداخلية اعتقال جميع المتهمين بالاحتيال.
وطلب العديد من أولئك الذين يعتقدون أنهم استُهدفوا خطأ فرصة لإجراء اختبار جديد للغة الإنكليزية، مشيرين إلى أنهم ليسوا بحاجة للغش لأنهم يتحدثون الإنكليزية بطلاقة. وكان بعضهم يتابع دراسته للحصول على شهادة في الأدب الإنكليزي وبعضهم الآخر كانوا طلاب دكتوراه وآخرون على وشك الحصول على شهادات في المحاسبة والقانون.
ومُنع أولئك الذين بقوا في المملكة المتحدة من مواصلة الدراسة وحرموا من العمل أثناء محاولتهم إثبات براءتهم. كما منعوا من فتح حسابات بنكية أو استئجار عقارات. ما دفع العديد منهم إلى الاعتماد على عائلاتهم لمساعدتهم في دفع رسوم دوراتهم غير المكتملة في المملكة المتحدة، كما يحاولون استعادة تأشيراتهم حتى يتمكنوا من مواصلة دراستهم.
اتّهام طلاب بالغش في المملكة المتحدة، جعل التقديم للدراسة في مكان آخر بالغ الصعوبة. في وقت اختار معظمهم الدراسة في المملكة المتحدة بسبب سمعة بريطانيا الدولية كدولة ذات جامعات جيدة ونظام عدالة موثوق.
وأبلغت الشركة الأميركية التي أجرت الاختبار، وهي خدمة الاختبارات التعليمية (ETS)، وزارة الداخلية البريطانية بأنها أجرت تحليلًا صوتيًا للتسجيلات شمل 58458 شخصاً أجروا الاختبار في 96 مركزًا في المملكة المتحدة بين عامي 2011 و 2014، وخلصت إلى أن 33725 شخصًا غشوا و 22694 شخصًا آخرين كانت "لديهم نتائج مشكوك فيها". ولفتت إلى أن نحو 2000 شخص لم يغشوا.
وشكك المئات من الذين أجروا الاختبار في جلسات المحكمة في مدى موثوقية الأدلة التي قدمتها "خدمات الاختبارات التربوية" و "وزارة الداخلية". ومن الأخطاء التي ذكرها بعض الطلاب أن الأدلة المقدمة ذكرت أنهم أجروا الاختبار في مركز معين، وهم كان لديهم دليل واضح على أنهم كانوا في مركز آخر. كما أن واحداً على الأقل من هؤلاء المتهمين لم يقدّم اختبار "تويك" على الإطلاق، ومع ذلك تم إلغاء تأشيرته دون أي فرصة للاستئناف.
وتشكلت مجموعة برلمانية مؤلفة من جميع الأحزاب لإجراء حملة حول هذه القضية، وستعقد أول اجتماع لها في مايو/أيار المقبل. وسيتحدث النواب مع الطلاب والمحامين وقضاة الهجرة، ويبحثون في فتح تحقيق جديد.