فاجأ وزير التربية والتعليم في حكومة النظام السوري، هزوان الوز، أهالي مدينة حلب بقراراته التي نصت على إغلاق 23 معهداً خاصاً في المدينة، من بينها معاهد كبرى ومعروفة، كمعهد أرض المعرفة ومعهد النخبة، وإلزام الطلاب وبالأخص طلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية بالحضور والدوام في المدارس الحكومية بشكل نظامي.
عملية ربحية
وقد أوضح الوز في تعليقه على تلك القرارات أن "انتشار المعاهد الخاصة في المدينة، وعدم التزامها بالأنظمة والقوانين، من حيث أعداد الطلاب وأوقات الدوام المماثلة لأوقات الدوام الرسمي في المدارس الحكومية، أدت إلى تسرب الطلاب من المدارس الحكومية وإلى فشل العملية التعليمية في المدينة وتحويلها إلى عملية ربحية بحتة"، وأشار كذلك إلى أن إجراءات عديدة قادمة سيكون من دورها الحد من الاستهتار والتهاون بالمدارس الحكومية، لتعود العملية التعليمية في المدينة إلى مسارها الصحيح. ولعل تلك الخطوة هي الأولى المتخذة للنهوض بالواقع التعليمي في المدينة بعد استقرار الوضع فيها نسبياً، وافتتاح قرابة الـ 268 مدرسة فيها وإعادة تأهيلها لاستقبال الطلاب بشكل نظامي.
قرارات ضرورية
قرارات لقيت قبولاً لدى العديد من الأهالي ممن وجدوا فيها بصيص أمل لعودة المدارس الحكومية لممارسة دورها في المسار التعليمي والتخلص من سيطرة المعاهد الخاصة، التي أصبحت الخيار الوحيد البديل عن المدارس في الفترة السابقة والتي كلفت الأهالي مبالغ باهظةً في سبيل تقديم العلم لأولادهم.
أبو محمد كرزون والد لأربعة أطفال يرحب بقرار وزير التربية، ويرى فيه بشرة خير لضبط وضع المعاهد الخاصة التي سيطرت على المسار التعليمي في الفترة الماضية، حيث يقول: "تكلفني المعاهد الخاصة شهرياً 100 ألف ليرة سورية، سابقاً كنا مضطرين لدفع تلك المبالغ لعدم وجود المدارس، ولكن اليوم مع إعادة افتتاح المدارس يجب أن يلتزم الطلاب بالحضور والمدرسون بالإعطاء، لحد هذه الظاهرة وتخفيف عبء الدروس الخصوصية على الأهل".
تكاليف باهظة
وتختلف تكاليف الدروس الخصوصية في مدينة حلب من معهد لآخر، وفقاً لشهرة المعهد ولعدد الطلاب وخبرة المدرسين، حيث تتراوح في المعاهد الخاصة الكبرى التي أثبتت كفاءتها، ما بين 400 -500 ألف ليرة للعام الدراسي لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية. في حين تتراوح تكلفة الدروس الخصوصية في المنازل ما بين 2000 و7000 ليرة للساعة الواحدة، وذلك تبعاً لخبرة المدرس ومهارته في التدريس.
وبالمقابل، يرى بعضهم في المعاهد الخاصة حلاً لمشكلة غياب المدارس والكفاءات التعليمية في الفترة الماضية، ولا يمانع في دفع أقساطها مقابل تأمين مستوى تعليمي جيد لأبنائه، وبالتالي حصولهم على معدلات عالية تخولهم للقبول في الجامعات العامة الحكومية.
رزان غويني من سكان حي المحافظة في مدينة حلب، تعبر عن ذلك قائلة: "ألحقت ابنتي في مدرسة حكومية قريبة، بداية العام الدراسي، ولكن الوضع التعليمي السيئ في المدرسة، من تسيب وغياب للنظام، دفعاني لسحبها من المدرسة وتسجيلها في معهد خاص، أدفع 50 ألف ليرة سورية كقسط شهري للمعهد، ولكني راضية فهم يقومون بمذاكرات دورية للطلاب، لضمان تقدمهم الدراسي ويتشاركون معنا كل التفاصيل الضرورية للاطمئنان على وضع أولادنا الدراسي".
ومن جهتها، انتقدت مرح وهي طالبة في الشهادة الثانوية قرارات وزير التربية السابقة، نظراً لتوقيتها الحرج، فمعظم الطلاب قد التحقوا بالمعاهد الخاصة مع بداية العام الدراسي كما جرت العادة في السنوات السابقة، وإطلاق القرار في هذا التوقيت سيؤدي لخسارة أولئك الطلبة للوقت والمال. تقول للعربي الجديد: "ماذا سيحل بنا الآن؟ كغيري من الطلاب دفعت أقساط العام الدراسي كاملة للمعهد، ومع هذه القرارات خسرت الأقساط التي دفعتها، ولا أعرف كيف سأكمل المنهاج في المدرسة التي التحقت بها أخيراً، والتي تفتقر للنظام ولخبرات المدرسين؟".