على الرغم من أن التواجد الفلسطيني في دول شرق وجنوب شرق آسيا لم يرتق إلى حجم التواجد الفلسطيني في أوروبا والأميركيتين، إلا أن آثار هذا الوجود بدأت تظهر مؤخراً عبر الفعاليات المناصرة للقضية الفلسطينية والنشاطات الاجتماعية للجاليات الفلسطينية المقيمة هناك.
بدأ التواجد الفلسطيني في شرق وجنوب شرق آسيا منذ عقود، بداية على شكل مجموعات طلابية انتشرت في عدد من دول المنطقة. وأصبح الحضور الفلسطيني في شرق آسيا أكثر ظهورا إبان الثورة الفلسطينية في عقدي الستينات والسبعينات، حيث أبدت دول اشتراكية مثل فيتنام والصين تأييدا واضحا للثورة الفلسطينية وترحيبا واسعا بقيادتها.
واستقبلت الكثير من الدول الآسيوية في مراحل لاحقة آلاف الطلبة الفلسطينيين. وكانت الفيليبين والهند وباكستان محطات بارزة خرّجت دفعات عديدة من الطلبة الفلسطينيين في عقدي الثمانينات والتسعينات.
وفي الفترة اللاحقة تزايد الوجود الفلسطيني في عدد من الدول الإسلامية في جنوب شرق آسيا بشكل غير مسبوق، حيث أضيفت للجاليات الطلابية دفعات من اللاجئين الفلسطينيين النازحين من العراق ثم سورية في العقدين الماضيين.
ولعل التحدي الأكبر لاستمرار حضور هذه الجاليات وتأثيرها يكمن في العوائق القانونية في تلك البلدان أمام المهاجرين، مما يجعل من الإقامة طويلة الأمد خيارا صعب المنال بالنسبة للكثير من المقيمين الفلسطينيين هناك.
الجالية الفلسطينية في إندونيسيا
يتواجد في إندونيسيا مئات الفلسطينيين موزعين على جزر البلاد المختلفة. ويعود معظم التواجد الفلسطيني الحالي هناك إلى نزوح مئات اللاجئين الفلسطينيين من العراق، إذ تمثل إندونيسيا محطة انتقالية لهؤلاء اللاجئين قبل الانتقال إلى الدول الموقعة على اتفاقية روما لاستقبال اللاجئين، مثل دول أوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا. ويضاف إلى هذه الشريحة مجموعة من الطلاب الفلسطينيين موزعين على جامعات البلاد المختلفة. لكن التواجد الطلابي في إندونيسيا لا يزال محدودا مقارنة بالتواجد الفلسطيني في الدولة الجارة ماليزيا.
وتمثل إندونيسيا، ذات التاريخ النضالي الطويل وكبرى بلدان العالم الإسلامي، قوة كامنة يجب على الفلسطينيين تعزيز العمل المشترك معها لخدمة القضية الفلسطينية. على سبيل المثال، كانت أكبر الفعاليات الشعبية المناصرة للقضية الفلسطينية هي مليونية جاكرتا في ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٧ حيث خرج زهاء مليون متظاهر هناك تنديدا بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب نقل سفارة بلاده إلى القدس. هذا الزخم الكبير يحتاج لجهود مضاعفة على الطرف الفلسطيني لتوجيهه في الاتجاه المطلوب.
الجالية الفلسطينية في ماليزيا
مثلت ماليزيا المنطقة الأكثر جذبا للحضور الفلسطيني في جنوب شرق آسيا خلال العقدين الماضيين، حيث أصبحت أعداد الفلسطينيين المقيمين فيها مع نهاية عام ٢٠١٨ تربو على الـ ٤٠٠٠ فلسطيني موزعين بين قطاعات الطلبة واللاجئين والموظفين والعائلات.
وكانت ماليزيا واحدة من أوائل الدول الجنوب شرق آسيوية ترحيبا بالفلسطينيين ودعما لقضيتهم، حيث تواجد ممثل غير رسمي لمنظمة التحرير في السبعينات في كوالالمبور. ثم أعقب ذلك افتتاح مقر تمثيل رسمي للمنظمة، تحول في الثمانينات إلى تمثيل دبلوماسي معتمد عبر سفارة دولة فلسطين. وقد كانت ماليزيا من أوائل دول العالم في الاعتراف بدولة فلسطين في العام ١٩٨٨ إثر إعلان الشهيد ياسر عرفات قيام الدولة في مؤتمر الجزائر.
وشهد عقد التسعينات تحولا ملموسا في الوجود الفلسطيني في ماليزيا مترافقا مع نهضتها الاقتصادية. حيث تزايدت أعداد الطلبة والمحاضرين الجامعيين الفلسطينيين في الجامعات الماليزية وخصوصا في الجامعة الإسلامية العالمية، مما شكل نواة لجالية فلسطينية فاعلة تضاعفت عبر السنين وساهمت في التعريف بالقضية الفلسطينية وتعزيز أواصر الصداقة بين الشعبين الشقيقين.
ومع اشتداد الحرب على العراق واندلاع الاحتراب الطائفي منذ عام ٢٠٠٥، بدأ اللاجئون الفلسطينيون بالقدوم لماليزيا من العراق أسوة بإخوانهم اللاجئين العراقيين، بحثا عن ملجأ مؤقت الى حين عودتهم إلى وطنهم أو إلى محطة لجوء انتقالية اخرى. وقد استقر حينها مئات الفلسطينيين في كوالالمبور وما حولها ليضيفوا زخما جديدا للوجود الفلسطيني السابق.
ثم مع اندلاع الربيع العربي وما تلاه من تطورات للأحداث في سورية، انضافت دفعات جديدة من اللاجئين الفلسطينيين للجالية، مما ضاعف من التواجد الفلسطيني بشكل غير مسبوق.
وعلى مدى العقدين السابقين نشأت العديد من المنظمات الأهلية الماليزية الداعمة للشعب الفلسطيني مثل منظمة أمان فلسطين ٢٠٠٤ ومنظمة أقصى شريف ٢٠٠٩ وغيرهما، مما ساهم في تعزيز التواصل بين الشعبين. ومع استمرار ماليزيا في استقبال الفلسطينيين في السنوات الأخيرة، بدأ المئات من النشطاء الماليزيين في زيارة فلسطين وخصوصا قطاع غزة المحاصر، للتعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني ورفضهم لممارسات الاحتلال الصهيوني.
وساهمت منظمات فلسطينة-ماليزية مشتركة مثل منظمة الثقافة الفلسطينية ماليزيا (تأسست ٢٠١١) ومؤسسة القدس ماليزيا (تأسست ٢٠١٠) وغيرهما، بتسهيل التواصل بين الشعبين عبر العديد من المشاريع المشتركة.
ويساهم التواجد الفلسطيني الحالي في ماليزيا بتوجيه الدعم الماليزي للقضية الفلسطينية بشكل متصاعد. ولعل أهم العوامل المساعدة في فعالية هذا التواجد هو الالتزام الماليزي الشعبي والرسمي بدعم القضية الفلسطينية. ولا أدل على ذلك من خطاب رئيس الوزراء الحالي مهاتير محمد في الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث خصص ثلث خطابه للحديث عن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني. كما قامت نائبته د. وان عزيزة بإطلاق حملة خاصة الشهر الماضي لدعم اللاجئين الفلسطينيين، برعاية من وزارة المرأة الماليزية وشراكة مع منظمة الثقافة الفلسطينية وهيئة الرعاية القومية وغيرها من المنظمات.
وختاما، فإن الوجود الفلسطيني في ماليزيا لا يزال ناشئا ويحتاج إلى الدعم والرعاية من الهيئات الشعبية والرسمية الفلسطينية حول العالم ليوفر الإسناد المأمول للنضال الفلسطيني، والدعم الدائم لصمود الشعب الفلسطيني في القدس والضفة وغزة والداخل والشتات.
(رئيس منظمة الثقافة الفلسطينية في ماليزيا)
بدأ التواجد الفلسطيني في شرق وجنوب شرق آسيا منذ عقود، بداية على شكل مجموعات طلابية انتشرت في عدد من دول المنطقة. وأصبح الحضور الفلسطيني في شرق آسيا أكثر ظهورا إبان الثورة الفلسطينية في عقدي الستينات والسبعينات، حيث أبدت دول اشتراكية مثل فيتنام والصين تأييدا واضحا للثورة الفلسطينية وترحيبا واسعا بقيادتها.
واستقبلت الكثير من الدول الآسيوية في مراحل لاحقة آلاف الطلبة الفلسطينيين. وكانت الفيليبين والهند وباكستان محطات بارزة خرّجت دفعات عديدة من الطلبة الفلسطينيين في عقدي الثمانينات والتسعينات.
وفي الفترة اللاحقة تزايد الوجود الفلسطيني في عدد من الدول الإسلامية في جنوب شرق آسيا بشكل غير مسبوق، حيث أضيفت للجاليات الطلابية دفعات من اللاجئين الفلسطينيين النازحين من العراق ثم سورية في العقدين الماضيين.
ولعل التحدي الأكبر لاستمرار حضور هذه الجاليات وتأثيرها يكمن في العوائق القانونية في تلك البلدان أمام المهاجرين، مما يجعل من الإقامة طويلة الأمد خيارا صعب المنال بالنسبة للكثير من المقيمين الفلسطينيين هناك.
الجالية الفلسطينية في إندونيسيا
يتواجد في إندونيسيا مئات الفلسطينيين موزعين على جزر البلاد المختلفة. ويعود معظم التواجد الفلسطيني الحالي هناك إلى نزوح مئات اللاجئين الفلسطينيين من العراق، إذ تمثل إندونيسيا محطة انتقالية لهؤلاء اللاجئين قبل الانتقال إلى الدول الموقعة على اتفاقية روما لاستقبال اللاجئين، مثل دول أوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا. ويضاف إلى هذه الشريحة مجموعة من الطلاب الفلسطينيين موزعين على جامعات البلاد المختلفة. لكن التواجد الطلابي في إندونيسيا لا يزال محدودا مقارنة بالتواجد الفلسطيني في الدولة الجارة ماليزيا.
وتمثل إندونيسيا، ذات التاريخ النضالي الطويل وكبرى بلدان العالم الإسلامي، قوة كامنة يجب على الفلسطينيين تعزيز العمل المشترك معها لخدمة القضية الفلسطينية. على سبيل المثال، كانت أكبر الفعاليات الشعبية المناصرة للقضية الفلسطينية هي مليونية جاكرتا في ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٧ حيث خرج زهاء مليون متظاهر هناك تنديدا بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب نقل سفارة بلاده إلى القدس. هذا الزخم الكبير يحتاج لجهود مضاعفة على الطرف الفلسطيني لتوجيهه في الاتجاه المطلوب.
الجالية الفلسطينية في ماليزيا
مثلت ماليزيا المنطقة الأكثر جذبا للحضور الفلسطيني في جنوب شرق آسيا خلال العقدين الماضيين، حيث أصبحت أعداد الفلسطينيين المقيمين فيها مع نهاية عام ٢٠١٨ تربو على الـ ٤٠٠٠ فلسطيني موزعين بين قطاعات الطلبة واللاجئين والموظفين والعائلات.
وكانت ماليزيا واحدة من أوائل الدول الجنوب شرق آسيوية ترحيبا بالفلسطينيين ودعما لقضيتهم، حيث تواجد ممثل غير رسمي لمنظمة التحرير في السبعينات في كوالالمبور. ثم أعقب ذلك افتتاح مقر تمثيل رسمي للمنظمة، تحول في الثمانينات إلى تمثيل دبلوماسي معتمد عبر سفارة دولة فلسطين. وقد كانت ماليزيا من أوائل دول العالم في الاعتراف بدولة فلسطين في العام ١٩٨٨ إثر إعلان الشهيد ياسر عرفات قيام الدولة في مؤتمر الجزائر.
وشهد عقد التسعينات تحولا ملموسا في الوجود الفلسطيني في ماليزيا مترافقا مع نهضتها الاقتصادية. حيث تزايدت أعداد الطلبة والمحاضرين الجامعيين الفلسطينيين في الجامعات الماليزية وخصوصا في الجامعة الإسلامية العالمية، مما شكل نواة لجالية فلسطينية فاعلة تضاعفت عبر السنين وساهمت في التعريف بالقضية الفلسطينية وتعزيز أواصر الصداقة بين الشعبين الشقيقين.
ومع اشتداد الحرب على العراق واندلاع الاحتراب الطائفي منذ عام ٢٠٠٥، بدأ اللاجئون الفلسطينيون بالقدوم لماليزيا من العراق أسوة بإخوانهم اللاجئين العراقيين، بحثا عن ملجأ مؤقت الى حين عودتهم إلى وطنهم أو إلى محطة لجوء انتقالية اخرى. وقد استقر حينها مئات الفلسطينيين في كوالالمبور وما حولها ليضيفوا زخما جديدا للوجود الفلسطيني السابق.
ثم مع اندلاع الربيع العربي وما تلاه من تطورات للأحداث في سورية، انضافت دفعات جديدة من اللاجئين الفلسطينيين للجالية، مما ضاعف من التواجد الفلسطيني بشكل غير مسبوق.
وعلى مدى العقدين السابقين نشأت العديد من المنظمات الأهلية الماليزية الداعمة للشعب الفلسطيني مثل منظمة أمان فلسطين ٢٠٠٤ ومنظمة أقصى شريف ٢٠٠٩ وغيرهما، مما ساهم في تعزيز التواصل بين الشعبين. ومع استمرار ماليزيا في استقبال الفلسطينيين في السنوات الأخيرة، بدأ المئات من النشطاء الماليزيين في زيارة فلسطين وخصوصا قطاع غزة المحاصر، للتعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني ورفضهم لممارسات الاحتلال الصهيوني.
وساهمت منظمات فلسطينة-ماليزية مشتركة مثل منظمة الثقافة الفلسطينية ماليزيا (تأسست ٢٠١١) ومؤسسة القدس ماليزيا (تأسست ٢٠١٠) وغيرهما، بتسهيل التواصل بين الشعبين عبر العديد من المشاريع المشتركة.
ويساهم التواجد الفلسطيني الحالي في ماليزيا بتوجيه الدعم الماليزي للقضية الفلسطينية بشكل متصاعد. ولعل أهم العوامل المساعدة في فعالية هذا التواجد هو الالتزام الماليزي الشعبي والرسمي بدعم القضية الفلسطينية. ولا أدل على ذلك من خطاب رئيس الوزراء الحالي مهاتير محمد في الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث خصص ثلث خطابه للحديث عن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني. كما قامت نائبته د. وان عزيزة بإطلاق حملة خاصة الشهر الماضي لدعم اللاجئين الفلسطينيين، برعاية من وزارة المرأة الماليزية وشراكة مع منظمة الثقافة الفلسطينية وهيئة الرعاية القومية وغيرها من المنظمات.
وختاما، فإن الوجود الفلسطيني في ماليزيا لا يزال ناشئا ويحتاج إلى الدعم والرعاية من الهيئات الشعبية والرسمية الفلسطينية حول العالم ليوفر الإسناد المأمول للنضال الفلسطيني، والدعم الدائم لصمود الشعب الفلسطيني في القدس والضفة وغزة والداخل والشتات.
(رئيس منظمة الثقافة الفلسطينية في ماليزيا)