"الدويتو" الدفاعي، أو قلبا الدفاع، أو صاحبا المهام الصعبة، أو "المساكين"، أو مفتاحا الفوز... وغيرها من العناوين فرضت نفسها بقوة على أحد أهم المراكز في كرة القدم عموماً، وكرة القدم المصرية خصوصاً، عبر لاعبين لم تكن النجومية لهم كاملة على غرار صانعي الألعاب والهدافين، ولكن لا تقلّ أدوارهم في المستطيل الأخضر تأثيراً وقوة في صناعة الإنجازات الكبرى.
وصنع هيكتور كوبر، المدير الفني السابق للمنتخب المصري، دويتو دفاعياً قوياً لعب أساسياً على مدار 3 سنوات، وقدم كل شيء وحقق إنجازات تاريخية، وهو دويتو علي جبر وأحمد حجازي اللذين يمثلان حالة خاصة في الكرة المصرية.
فالدويتو صُنِع عام 2015 حينما تألق حجازي مع الأهلي، وجبر برفقة الزمالك، واختارهما المدرب هيكتور كوبر بعد مفاضلة طويلة لقيادة دفاع "الفراعنة" ليلمعا معاً، ونجحا في الوصول إلى كأس أمم أفريقيا 2017، بخلاف تحقيق إنجاز التأهل لبطولة كأس العالم في روسيا 2018.
المثير في الأمر أن تألق حجازي وجبر معاً ساهم في لفت أنظار نادي ويست بروميتش ألبيون الإنكليزي، الذي نجح في التعاقد معهما، أولاً حجازي في 2017 ثم جبر في 2018، ولكن لم يستمرا معاً طويلاً في "البريميرليغ"، وخاصة جبر، لينجح الثنائي في صناعة دويتو من أنجح دويتوهات الدفاع المصرية.
ومن الدويتوهات الدفاعية التي لا تُنسى في المنتخب المصري دويتو حمادة صدقي ومحمد عمر القوي في كأس أمم أفريقيا عام 1986، الذي قاد "الفراعنة" إلى منصات التتويج، وتفوّق على كبار المهاجمين في القارة، مثل محمد التيمومي، هداف منتخب المغرب، وروجيه ميلا، هداف الكاميرون، ولم يهتز المرمى المصري إلا مرة واحدة.
ولمع دويتو سمير كمونة ومدحت عبد الهادي في أمم أفريقيا 1998 مع المدرب الراحل محمود الجوهري، وراقبا كبار المهاجمين في جنوب أفريقيا وزامبيا وساحل العاج، ولم تهتز شباك المنتخب المصري وقتها إلا مرة واحدة فقط، واحترفا بعدها في أوروبا.
ويمثل النجم السابق، وائل جمعة، مدافع النادي الأهلي والمنتخب المصري والأفضل في مركزه لمدة 12 عاماً متصلة، العمود الفقري لأكثر من دويتو دفاعي، ارتدى قميص المنتخب المصري في حقبة المدير الفني حسن شحاتة التاريخية.
ونجح جمعة مع زميله المخضرم عبد الظاهر السقا المساك في تقديم مستوى رائع، رغم تخطي كل منهما الثلاثين في كأس أمم أفريقيا عام 2006، وتفوقا على ديديه دروغبا هداف ساحل العاج الشهير، ثم شكل جمعة دويتو آخر لا يُنسى مع شادي محمد في أمم أفريقيا 2008، وتفوقا على كبار المهاجمين في القارة، أبرزهم جيان أسامواه، هداف غانا، وصامويل إيتو هداف الكاميرون.
ثم صنع جمعة ثالث دويتو مع مساك جديد، هو محمود فتح الله في أمم أفريقيا، وكان التفاهم هو السمة البارزة لأي مدافع يلعب مع جمعة، ويظهر ذلك في الإشادات التي أطلقها من شغلوا مركز "الليبرو" في تلك الحقبة، مثل عماد النحاس وإبراهيم سعيد وهاني سعيد، وأجمعوا على قوة شخصية جمعة وقدرته على مراقبة المهاجمين وبثّ الثقة في المدافع الذي يلعب بجواره.
وظهرت الدويتوهات الدفاعية المميزة في الكرة المصرية خلال فترة الثمانينيات، وبدأت بدويتو التلامذة في النادي الأهلي، الذي جمع بين مصطفى يونس وماهر همام الذي اشتهر في السبعينيات، ثم تفوق، وأصبح علامة بارزة في مطلع الثمانينيات، حينما نجحا معاً في المساهمة في إحراز الأهلي أول لقب دوري أبطال أفريقيا له في عام 1982 على حساب كوتوكو الغاني، وقبلها فازا معاً ببطولة الدوري المصري أكثر من مرة، وقدما عروضاً تاريخية.
وبعد يونس – همام ظهر دويتو دفاعي، كتب المجد لنادي الزمالك في فترة ما بين 1984 – 1987، هو دويتو "الغزال – الجدي"، الذي قدمه مدرب الزمالك وقتها محمود أبو رجيلة، عبر إبراهيم يوسف وسعيد الجدي اللذين قدّما عروضاً جميلة، وكانا في قمة التفاهم داخل الملعب، وتفوقا على كبار المهاجمين مثل الأسطورة محمود الخطيب ومسعد نور وحمدي نوح، وقادا الزمالك إلى الفوز بدوري أبطال أفريقيا مرتين والدوري المصري أيضاً.
وفي النادي الأهلي لمع أكثر من دويتو دفاعي في حقبة التسعينيات، لعل أبرزها دويتو سمير كمونة - محمود أبو الدهب وكلاهما كان يلعب معه مدافع ثالث، ولكن يميل إلى مركز الظهير الأيسر، هو محمد يوسف.
وفي الزمالك لمع بشدة دويتو دفاعي قوي، مكوَّن من هشام يكن وأشرف قاسم اللذين قادا الأبيض بأداء راقٍ إلى الفوز ببطولة الدوري الممتاز في الفترة بين 1992 و1993 مرتين، ولمع أيضاً دويتو دفاعي مكون من نبيل محمود وهشام يكن، ثم مدحت عبد الهادي ومعتمد جمال لفترات في الزمالك خلال التسعينيات.
وفي الألفية الثالثة ظهر في الأهلي دويتو شهير، هو دويتو وائل جمعة وشادي محمد، وهما اللذان تفوقا على كبار المهاجمين، وساهما في حصد الأهلي لقب بطل دوري أبطال أفريقيا 4 مرات في السنوات العشر الأولى من الألفية تحت قيادة مانويل جوزيه، المدير الفني البرتغالي الشهير، ثم لمع في السنوات العشر التالية دويتو آخر مدافع مكون من أحمد حجازي ورامي ربيعة في الأهلي، ثم دويتو بدر بانون وأيمن أشرف حالياً والركيزة الأساسية في تشكيلة المدير الفني بيتسو موسيماني الذي نال برونزية كأس العالم الأخيرة للأندية في قطر.
وفي الزمالك ظهرت دويتوهات دفاعية مميزة لعل أشهرها دويتو السنوات الأربع الأخيرة، التي عاد الزمالك فيها إلى تذوق طعم البطولات والمنافسة على الألقاب، وهو "دويتو المحمودين" محمود علاء ومحمود حمدي الونش، اللذين تُوِّجا مع الزمالك ببطولتي كأس الكونفيدرالية الأفريقية وكأس السوبر الأفريقي عامي 2019- 2020 على الصعيد القاري، ولقب كأس مصر عدة مرات في السنوات الماضية، وفرضا نفسيهما على تشكيلة حسام البدري، المدير الفني للمنتخب المصري في آخر عامين.
وانعكس وجود الثنائيات الدفاعية في الأندية المصرية إيجاباً على منتخب "الفراعنة"، الذي استطاع تحقيق لقب كأس الأمم الأفريقية في العديد من المناسبات، وتفوقت على منتخبات القارة السمراء، التي كانت تضم أساطير لمعت نجوميتهم في الأندية الأوروبية الكبيرة، وعلى رأسها برشلونة الإسباني، وإنتر ميلانو الإيطالي، وغيرها، ما يؤكد أهمية قلبي الدفاع لأي فريق.