يمثل الهدف الأول الغاية بالنسبة لعناصر كتيبة مورينيو، لأنهم بعدها يصبحون في وضع أفضل، ويجرحون خصمهم بالمرتدات والتحولات السريعة، مع تضاعف قوة الفريق على مستوى الحلول الفردية، ليقول مدربهم بعد الفوز على سوانزي، "لدي 100 % ثقة في فريقي، وسعيد تماماً بالأداء والنتيجة في أول مباراتين بالدوري".
قوة الوسط
دخل جوزيه بخطة لعبه المفضلة (4-2-3-1) على الورق، لكن داخل الملعب تحولت إلى ما يشبه (4-3-3)، بتواجد رباعي دفاعي صريح أمام مرمى دي خيا، ثم ماتيتش بمفرده يعطي أكبر قدر ممكن من المساحات بالعرض والطول، حتى يسمح لزميله بوغبا بالصعود إلى الثلث الأخير، ولعب دور صانع اللعب الحر بجوار زميله مخيتاريان، بالإضافة لفتح الطرفين بثنائي متحرك ومتنوع، ماتا نصف جناح ونصف لاعب وسط، وراشفورد ساعد هجومي حقيقي على الخط الجانبي، كل هؤلاء مع مصب واحد فقط داخل صندوق العمليات، البلجيكي لوكاكو رأس حربة رقم 9 وفق هذه التوليفة.
سجل أهداف اليونايتد في المباراتين كل من لوكاكو، بوغبا، مارسيال، وبايلي، كدلالة على التنوع المطلوب الذي يريده مورينيو، بخلق مصادر خطورة جديدة وغير تقليدية، لتفيده أمام الأندية التي تدافع بشكل متأخر وتقلل المساحات أمام المرمى. واستخدم البرتغالي سلاح اللعب التموضعي أمام فريق ويستهام بالأخص، من خلال استخدام تحركات خط الوسط وقدرتهم على الحيازة، في سحب دفاعات الخصم إلى عمق الملعب، ومن ثم قلب اللعب تجاه الأطراف عن طريق ماتا وراشفورد.
نجح بوغبا في تنفيذ هذا الدور بنجاح، لتفوقه في مواجهات 1 ضد 1، فالفرنسي قام بست مراوغات صحيحة من أصل ست، ولعب بأريحية في نصف ملعب المنافس، لأن ماتيتش تكفل بالشق الدفاعي كاملاً، لذلك تقول لغة الأرقام بأن بوغبا لم يقم بأي عرقلة ضد ويستهام لأنه لم يكن في حاجة لذلك، فيما جمع زميله نيمانيا بين الحيازة وقطع الكرات في آن واحد، مع تحركات الأرميني مخيتاريان أمامهما وقيامه بدور همزة الوصل بين الوسط والمهاجم المتقدم، وبالتالي توزعت أدوار ثلاثي المنتصف على كسر هجمات الخصم، ثم الاحتفاظ بالكرة تحت ضغط، وأخيراً الحسم أمام المرمى بالتسديدات والتمريرات القطرية تجاه الأطراف.
صنع فريق "الشياطين الحمر" 447 فرصة خلال 38 مباراة في الموسم الماضي، بمعدل 11 فرصة تقريبا بالمباراة الواحدة، بينما صنع هذا الموسم خلال أول مباراتين 29 فرصة، بمعدل 14.5 باللقاء الواحد، ويبدو أن قدوم ماتيتش كارتكاز صريح جزء رئيسي من التطور، لأنه ساهم في تقدم بوغبا للأمام، وثبات مخيتاريان أخيراً في العمق على مقربة من الفرنسي.
دور الأجنحة
يتحرك راشفورد على الخط ويستلم الكرات ليقطع بها داخل الملعب أمام المدافعين، ويتحول إلى مهاجم متأخر عند الحاجة خلف بوغبا، وهو الدور الذي يقوم به مارسيال أيضاً لكن بتنفيذ أنجح، لأن الفرنسي أكثر مهارة وخبرة. أما الإسباني ماتا فهو صانع اللعب غير المركزي على الأطراف، بمساندته لبوغبا في الحيازة والسيطرة، ودخوله إلى منطقة الارتكاز حتى يفتح الطريق أمام صعود الفريق للهجوم.
لوكاكو مهاجم غير مميز في الاحتفاظ بالكرة، ويتفنن في إضاعة الفرص السهلة أحياناً، كذلك له بعض اللقطات الطريفة كوقوعه في مصيدة التسلل ضد الريال بالسوبر الأوروبي، لكنه يسجل أهدافاً غزيرة في الدوري، ويمارس هوايته باستمرار في هز شباك المنافسين، نتيجة مساندة زملائه له في جميع أجزاء الثلث الأخير، سواء من الأطراف مع راشفورد، أو بالعمق عن طريق مخيتاريان، أو أسفل منتصف المسافات بواسطة ماتا وبوغبا معاً.
هاجم مانشستر يونايتد من الطرفين بنسبة وصلت إلى 74 % أمام ويستهام، و73 % ضد سوانزي، ولا تعتبر هذه الأرقام دليلا على قوة الجناحين فقط، بل إنها تمثل بصفة رئيسية سطوة خط المنتصف وتعاوناً خططياً وتكتيكياً، فالثلاثي "ميخي، ماتيتش، بوغبا" مميز في الهجوم، ويستطيع أيضاً تنفيذ الواجبات الدفاعية المطلوبة.
مع الأخذ في الاعتبار ضعف منافسي الفريق في بداية الدوري، إلا أن المستوى العام في تطور واضح، ويمكن من الآن توقع نجاح مجموعة مورينيو في حجز مكان رئيسي بين الأربعة الكبار بالنهاية. وبالمقارنة بين مباراتي ويستهام وسوانزي، سنجد صعوبة واضحة في المباراة الثانية مقارنة بالأولى، رغم انتهاء المواجهتين بالأربعة، لأن الخصم الويلزي دافع بشكل أفضل، وقليل الفراغات بين الخطوط، ليأتي الحل عن طريق الكرات الثابتة، برأسية بوغبا ومتابعة بايلي، وهذا ما سيتبعه مورينيو في القادم كلما تأزمت النتيجة، أن يلجأ للركنيات وألعاب الهواء حتى إشعار آخر.
تشيلسي 2015
حقق جوزيه مورينيو الدوري مع تشيلسي موسم 2014-2015 بعد عودته في الولاية الثانية، ولعب الرجل المميز وقتها بخطة شبيهة من التكتيك الحالي، (4-3-2-1) التي تتحول إلى (4-3-3) أثناء التحولات، كما أشار أيضاً موقع "Eif" المختص بالإحصاء والرصد. ويعد ماتيتش بمثابة العامل المشترك بين الفريقين، فالصربي قام بدور "الأنكور مان" أي لاعب الارتكاز الدفاعي القوي في القطع وكسر الهجمات، مع إظهاره بعض القدرات الهجومية على مستوى التمرير الطولي والتسديد من بعيد، ليحصل زميله وقتها سيسك فابريغاس على دور لاعب الوسط المساند، يتحرك في الأمام ويعود في بعض الأحيان للخلف، على خطى بول بوغبا في فريق مانشستر الحالي.
ثلاثي تشيلسي وثلاثي وسط مان يونايتد
مخيتاريان هو صانع اللعب المتحرك في الأولد ترافورد، لكن البرازيلي أوسكار أدى هذه الوظيفة من قبل في ستامفورد بريدج، وعرف وقتها بصانع اللعب الدفاعي رقم 10. لاعب أفاد تشيلسي أكثر من أي نجم أخر، هو ليس أفضل من ماتا ولا هازارد وقتها، لكنه امتلك كل الجينات التي تؤهله لكي يلعب دورا محوريا وسط أفكار البرتغالي.
هجومياً، صانع اللعب الدفاعي يشغل المساحات بين خط الدفاع ومنطقة الارتكاز للمنافس، يتحول إلى المنتصف لكي يحصل على دور لاعب الوسط الثالث مع ثنائي المحور، هنا (4-3-2-1) تتحول إلى (4-2-1-3). ومن دون الكرة، ينطلق تجاه الأطراف لكي يترك مساحة لدخول لاعب الجناح إلى العمق. فعلها أوسكار مع هازارد، وكررها مخيتاريان بالتبادل مع راشفورد ثم مارسيال.
دفاعياً، يضغط بشدة على لاعب ارتكاز الخصم لكي يحرمه من بناء هجمة منظمة، ويعود قليلاً الي الخلف لكي يتمركز في وضع يساعده على غلق زوايا التمرير للمنافسين، لذلك هناك فعلاً تشابه كبير بين وظائف وسط اليونايتد الحالي وتشيلسي 2015، مع أفضلية لبوغبا ومخيتاريان على مستوى الجانب الفردي، من أجل الاستمرار على هذه الوتيرة عند تزايد المنافسة ومواجهة فرق أصعب، لكن تبقى كل الخيارات مفتوحة، خصوصاً أن الموسم في بدايته، ولن يظهر البطل الحقيقي إلا بعد فترة "البوكسينغ داي" كما جرت العادة وفق التقاليد البريطانية.