عقد عدد كبير من الندوات والمؤتمرات تتناول أهمية الاستثمار في الأطفال في مصر، من خلال توفير بيئة تعليمية وصحية وإبداعية مناسبة، لكن المحصلة "حبر على ورق"، وعبء يتنامى على المصريين إذ قرروا الاستثمار في أبنائهم، وتحقيق المعادلة الصعبة في تطوير مهارات الأطفال لمستقبل أفضل.
في جولة بسيطة على إحدى المدارس الحكومية تجد كثافة كبيرة في الصفوف، حيث يتراوح عدد الطلاب بين 75 إلى 100 طالب، دون حد أدنى من الإمكانات التعليمية المناسبة للأطفال. ورغم إصدار الحكومة تقارير تؤكد زيادة الإنفاق على التعليم الأساسي، ومنع التسرب من التعليم، فإن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أصدر تقريراً نهاية عام 2015، أظهر فيه أن إجمالي قيمة الإنفاق العام على التعليم الأساسي بلغ نحو 45.3 مليار جنيه في عام 2013-2014، بنسبة 6.6% من إجمالي الإنفاق العام للدولة، و56% من إجمالي الإنفاق على التعليم.
إنفاق بسيط
يقول الأمين العام للنقابة المستقلة للعاملين في التعليم، حسين إبراهيم، في تصريحات "إن إنفاق الدولة على التعليم لا يكفي الزيادة المستمرة لأعداد الطلاب الراغبين في الحصول على التعليم الأساسي"، مشيراً إلى أن الأزمة ليست في كثافة الطلاب في الصفوف التي تتراوح ما بين 40 و70 طالباً في الفصل الواحد، بل إن نوعية المناهج وقلة أعداد المدرسين يشكلان الأزمة الأكبر.
ويضيف إبراهيم: "ما يزيد عن 60% من التلاميذ ينهون مرحلة التعليم الأساسي، وهم لا يتقنون القراءة والكتابة، لذا فإن الآلاف من الأسر تلجأ إلى التعليم الخاص أو الأجنبي، وهو ما يمثل عبئاً كبيراً على كاهل الأسرة التي يقل دخلها مع ارتفاع أسعار الدولار وإغلاق المصانع وانهيار السياحة".
ويؤكد إبراهيم أن الدولة لا تهتم على الإطلاق بتوفير أجور مناسبة للمدرسين، لذا فهم لا يقومون بتأدية عملهم بالصورة المطلوبة، الأمر الذي يحول التعليم إلى صورة نمطية، لا يستطيع الحصول عليه إلا من امتلك قيمة الدروس الخصوصية.
أما مدير مركز تنمية الطفولة، رضا بليغ، فيؤكد في تصريحات أن الاستثمار في المصريين من الطفولة، لا يتعدى حد توفير جرعات العلاج من الحصبة والوقاية من الكوليرا، وهي جميعها أوبئة انتهت حتى من بلدان تعاني المجاعة، رغم أهمية تلقي هذه العلاجات وانعكاسها على الأمن القومي.
ويلفت إلى تزايد نسبة التسرب من المدارس، بالإضافة إلى تفاقم الأمراض التي يعاني منها الأطفال نتيجة تلوث الهواء، ورفع الدولة يدها عن القيام بدورها في توفير بيئة نظيفة. مدللاً على ذلك بارتفاع إصابة الآلاف الأطفال سنوياً بأمراض السرطان وفيروس سي، وغياب الرعاية الصحية الحقيقية التي يمكنها أن تؤهل أجيالا قادرة على الإنتاج والخروج من نفق معتم يدعى التعليم الحكومي.
ويؤكد بليغ أن هناك تقريرا صادرا عن البنك الدولي يشير إلى أن الاستثمارات الحكومية في الطفولة المبكرة بمنطقة الشرق الأوسط يعد من أدنى المعدلات في العالم. وقد "أعلنت الحكومة في السابق نيتها إقامة مدارس للتلاميذ المتفوقين من أجل تنمية قدراتهم وتوفير بيئة تساعدهم على الابتكار، إلا أنها مثلها مثل الآلاف من الأفكار قُتلت بالبيروقراطية وتحولت إلى مادة للسخرية" وفق بليغ.
"الدولة ترى بعين واحدة دون رأس" هكذا يصف الخبير التنموي محمد الشربيني الوضع، ويشير إلى أن ثقافة الاستثمار في البشر ليس موجوداً في مصر من الأساس، رغم أن 60% من الشعب المصري في مرحلة الشباب، إلا أن الدولة لا تستطيع استغلال تلك الثروة التي يمكنها قلب الأوضاع الاقتصادية نحو الأفضل.
ويشير الشربيني إلى أن قيمة ما تنفقه أسرة واحدة من الطبقة الوسطى على تعليم طفل في المرحلة الأساسية يتجاوز 50 ألف جنيه في العام الواحد، وعلى الدولة أن تفكر بجدية في استثمار الموارد البشرية، والاعتماد على الإنتاج بدل المنح والمساعدات.
وعليها أن تكون شريكاً أساسياً في التعليم، وهو ما يمكن أن يحقق لها ربحية ويضمن لها استثماراً يمثل أهمية للأمن القومي المصري، وهو الاستثمار في البشر. ويلفت الشربيني إلى أن العبء الأكبر في الاستثمار في الأطفال في مصر يقع على عاتق المصريين أنفسهم.
ويؤكد أن الغالبية العظمى من الأسر المصرية، خاصة من أبناء الطبقة الوسطى، يسعون إلى تعليم أبنائهم من أجل البحث عن فرص أفضل خارج مصر، وهو تأسيس وتكريس لهجرة العقول التي تعانيها مصر على مدار الأعوام الستين الماضية.
اقرأ أيضاً:اختلال رهيب في الخريطة السكانية المصرية... أين التنمية؟
إنفاق بسيط
يقول الأمين العام للنقابة المستقلة للعاملين في التعليم، حسين إبراهيم، في تصريحات "إن إنفاق الدولة على التعليم لا يكفي الزيادة المستمرة لأعداد الطلاب الراغبين في الحصول على التعليم الأساسي"، مشيراً إلى أن الأزمة ليست في كثافة الطلاب في الصفوف التي تتراوح ما بين 40 و70 طالباً في الفصل الواحد، بل إن نوعية المناهج وقلة أعداد المدرسين يشكلان الأزمة الأكبر.
ويضيف إبراهيم: "ما يزيد عن 60% من التلاميذ ينهون مرحلة التعليم الأساسي، وهم لا يتقنون القراءة والكتابة، لذا فإن الآلاف من الأسر تلجأ إلى التعليم الخاص أو الأجنبي، وهو ما يمثل عبئاً كبيراً على كاهل الأسرة التي يقل دخلها مع ارتفاع أسعار الدولار وإغلاق المصانع وانهيار السياحة".
ويؤكد إبراهيم أن الدولة لا تهتم على الإطلاق بتوفير أجور مناسبة للمدرسين، لذا فهم لا يقومون بتأدية عملهم بالصورة المطلوبة، الأمر الذي يحول التعليم إلى صورة نمطية، لا يستطيع الحصول عليه إلا من امتلك قيمة الدروس الخصوصية.
أما مدير مركز تنمية الطفولة، رضا بليغ، فيؤكد في تصريحات أن الاستثمار في المصريين من الطفولة، لا يتعدى حد توفير جرعات العلاج من الحصبة والوقاية من الكوليرا، وهي جميعها أوبئة انتهت حتى من بلدان تعاني المجاعة، رغم أهمية تلقي هذه العلاجات وانعكاسها على الأمن القومي.
ويلفت إلى تزايد نسبة التسرب من المدارس، بالإضافة إلى تفاقم الأمراض التي يعاني منها الأطفال نتيجة تلوث الهواء، ورفع الدولة يدها عن القيام بدورها في توفير بيئة نظيفة. مدللاً على ذلك بارتفاع إصابة الآلاف الأطفال سنوياً بأمراض السرطان وفيروس سي، وغياب الرعاية الصحية الحقيقية التي يمكنها أن تؤهل أجيالا قادرة على الإنتاج والخروج من نفق معتم يدعى التعليم الحكومي.
ويؤكد بليغ أن هناك تقريرا صادرا عن البنك الدولي يشير إلى أن الاستثمارات الحكومية في الطفولة المبكرة بمنطقة الشرق الأوسط يعد من أدنى المعدلات في العالم. وقد "أعلنت الحكومة في السابق نيتها إقامة مدارس للتلاميذ المتفوقين من أجل تنمية قدراتهم وتوفير بيئة تساعدهم على الابتكار، إلا أنها مثلها مثل الآلاف من الأفكار قُتلت بالبيروقراطية وتحولت إلى مادة للسخرية" وفق بليغ.
"الدولة ترى بعين واحدة دون رأس" هكذا يصف الخبير التنموي محمد الشربيني الوضع، ويشير إلى أن ثقافة الاستثمار في البشر ليس موجوداً في مصر من الأساس، رغم أن 60% من الشعب المصري في مرحلة الشباب، إلا أن الدولة لا تستطيع استغلال تلك الثروة التي يمكنها قلب الأوضاع الاقتصادية نحو الأفضل.
ويشير الشربيني إلى أن قيمة ما تنفقه أسرة واحدة من الطبقة الوسطى على تعليم طفل في المرحلة الأساسية يتجاوز 50 ألف جنيه في العام الواحد، وعلى الدولة أن تفكر بجدية في استثمار الموارد البشرية، والاعتماد على الإنتاج بدل المنح والمساعدات.
وعليها أن تكون شريكاً أساسياً في التعليم، وهو ما يمكن أن يحقق لها ربحية ويضمن لها استثماراً يمثل أهمية للأمن القومي المصري، وهو الاستثمار في البشر. ويلفت الشربيني إلى أن العبء الأكبر في الاستثمار في الأطفال في مصر يقع على عاتق المصريين أنفسهم.
ويؤكد أن الغالبية العظمى من الأسر المصرية، خاصة من أبناء الطبقة الوسطى، يسعون إلى تعليم أبنائهم من أجل البحث عن فرص أفضل خارج مصر، وهو تأسيس وتكريس لهجرة العقول التي تعانيها مصر على مدار الأعوام الستين الماضية.
اقرأ أيضاً:اختلال رهيب في الخريطة السكانية المصرية... أين التنمية؟