تمر الصناعة النفطية في العالم بتحديات كبيرة نتيجة تدهور أسعار النفط، والتكاليف اللوجستية العالية لاستخراج النفط الأحفوري (وهو النفط المستخرج من المواد الأحفورية كالفحم الحجري، والفحم النفطي الأسود)، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المضطرية أمنياً.
ومن المعلوم، أن الصناعة النفطية لابد لها أن تدار في العالم، اليوم، عن طريق التحفيز والترغيب، وذلك عن طريق تقديم حوافز متنوعة لإدارتها بشكل ناجح. فعلى سبيل المثال، تلعب الضرائب الخاصة بالشركات المنتجة والمستوردة دوراً في عمليات تسويق النفط، كما أن الحوافز المالية، والأسعار المبنية في العقود الموقعة بين الدول المالكة لثروة النفط والشركات المتعاقدة، ترسم آفاقاً واسعة لهذه الصناعة.
أمام هذا الواقع، لجأت العديد من الدول الى تغير أنماط تعاملها في أسواق النفط أخيراً، حيث ذهبت الدول الرأسمالية الى تخفيض الضرائب، خلال النصف الاول والنصف الثاني من عام 2015، من أجل تحفيز الإنتاج النفطي من جهة، وتحسين بيئة الاستثمار في القطاع من جهة أخرى، في خطوة منها لتحريك الاقتصاد المحلي، الذي يعاني من الركود.
أما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فلا شك أننا نحتاج الى حزمة كبيرة من الحوافز، خصوصاً في الدول النفطية ذات الاقتصاديات الريعية من أجل زيادة عامل الاستثمار وتحقيق الأرباح. ففي الغالب، توقع هذه الدول عقودها وفقاً للمشاركة في الإنتاج، وهو ما ينعكس سلباً على الاقتصاد. لذلك نحتاج، اليوم ومن أجل إدارة القطاع النفطي بشكل جيد، الى تحفيز الشركات العالمية للبقاء على مستوى الاستثمار الحالي في الصناعة النفطية، وخصوصاً ذلك المتعلق برأس المال الدولي المشارك مع الحكومات الوطنية في إدارة قطاع النفط والغاز.
إن إدراك خطورة التحديات من صناع القرار في إدارة الثروة النفطية، وخصوصاً في دول المشرق العربي والخليج بات ضرورة أساسية لتقييم المخاطر أولاً، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة ثانياً. ففي العراق، ترتفع حدة المخاطر بسبب الأوضاع الأمنية، لذا يتوجب العمل على إعادة تقييم الأداء في الإدارة الأفقية للشركات النفطية الوطنية، من خلال التفكير لإي آليات إدارة الأزمات حتى لا تتأثر الصناعة النفطية بشكل كبير.
لاشك أن تبادل الخبرات والمعلومات، سيكون كفيل للدول العربية، في المرحلة المقبلة، لحثها لتطوير الصناعة النفطية، بأفق واسع ورؤية استراتيجية بعيدة المدى.
منذ احتلال العراق للكويت، تراجعت المشاريع العربية المشتركة، لكن، اليوم، وفي ظل التحديات الأمنية والسياسية، لابد للدول العربية من إعادة التفكير في إقامة تعاون مشترك فيما بينها. ولاشك أن الفرصة باتت سانحة، ونحن نقترب من موعد انعقاد القمة العربية، إذ لا بد أن تتضمن الأجندة العربية، كيفية تمكين الصناعة النفطية العربية، ودعمها عبر المشروعات العربية التكاملية ذات الأهداف الربحية من جهة، وإدارتها من حيث رأس المال البشري من جهة أخرى، بهدف إيجاد البديل في حال الأزمات المالية وتراجع أسعارالنفط، وإعطاء فرصة كبيرة للدول العربية المستهلكة للنفط للاستفادة من الوفورات النفطية خارج السوق العالمية، بشرط الاستفادة من أجل التنمية.
إذ من المعلوم أن خفض أسعار الوقود ينعكس إيجاباً لجهة الإنفاق على الطاقة، كما يوفر هامشاً كبيراً للحكومات العربية في الإنفاق على قطاع الصحة والتعليم، ويعطي إمكانية كبيرة للنهوض بتنمية الإنسان إن إدراك صناع القرار في إدارة الثروة النفطية لدول المنطقة على وجه الخصوص في معرفة كيفية إدارة الصناعة النفطية، سيمكن الشركات العالمية من العمل بصورة مطمئنة، ويعطي ثقة كبيرة في سوق أسهم الشركات داخل أسواق المال العالمية، مما يجعل اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في نمو مستمر، خصوصاً في النصف الثاني من عام 2015.
إقرأ أيضا: الإنتاج الفني اللبناني... سوق واعد بعائدات مرتفعة