تعتبر الثورة مرحلة مهمة في الانتقال السياسي والتغيير الديمقراطي، ويحتاج الفاعل الشبابي باعتباره حجر الزاوية في صرح الثورة ووقودها إلى مصادر فكرية وأدوات إجرائية تساعده على بلورة أفكاره في العمل السياسي وتحقيق غاياته، الأمر الذي يستلزم وضوحاً للأطر النظرية والفكرية التي تؤسس عمله والتشبع بمخزون ثقافي ورصيد معرفي يمكنه من توجيه بوصلته وقيادة تغييره بمنهج سليم يجمع بين التفكير العقلاني والموقف الأخلاقي.
ولهذا الغرض، تطرح العديد من التساؤلات حول مراجع الشباب العربي في فهم التغييرات السياسية وقراءة المشهد العربي العام بكل ما يوصف به في جوانبه الاقتصادية والثقافية، ومدى كفاءة التحليلات الإعلامية في رصد وتتبع الواقع العربي وفهم تعقيداته، خاصة مع انقسام المصادر الإعلامية بين التابعة للدولة وأخرى للخواص، فضلا عن غياب الموضوعية في تناول الأحداث مع كثرة النبرات الطائفية، العقائدية الأيديولوجية. إضافة إلى قوة الاسترشاد بالمفكرين العرب ونخبتهم المثقفة على الرغم من كل القصور الذي تميزت به خلال السنوات الأخيرة.
وعلى هذا الأساس تظهر أهمية التثقيف السياسي خاصة في مراحل الثورة وأدوار الإعلام والحركة الثقافية في إرساء وعي سياسي واهتمام بالشأن العام.
يعرف التثقيف السياسي كمجموعة من العمليات والأساليب المستعملة في نقل المعرفة والوعي بالشؤون العامة للأجيال الجديدة وعلى حد سواء من قبل مؤسسات التنشئة الرسمية ومن قبل النخب السياسية والإعلامية، وذلك في شكل برامج موجهة لكل فئات المجتمع وعملية تربوية متدرجة تدعو للالتفاف حول المسار الديمقراطي، والمواطنة، وتقبل الآخر والحوار كروافد مختلفة تصب في نهر التغيير الذي تنشده الشعوب العربية.
انطلاقا من ذلك، تبرز أدوار الإعلام السياسي في مواكبة عملية التثقيف، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المرحلة الإعلامية في ظل انفتاح واسع وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا المعلومات، فالمسألة الإعلامية تستوجب إحداث توازن بين الكونية والخصوصية، ونشر فكر قادر على مواجهة الهيمنة والتصدي لغسيل الأدمغة وسياسيات التجهيل المعرفي والتضليل الإخباري. ويفترض في الإعلام السياسي تدقيق المعلومات ومراجعة الأخبار مع تقديم وجهات النظر المختلفة وإتاحة منصاته للتعبير عن الرأي وفسح المجال أمام تحليل وتفسير الأحداث من طرف قادة الرأي بهدف توعية المجتمع وإشراكه في هموم وآمال وطنه.
وعلى هذا النحو، يساعد الإعلام في التثقيف السياسي عبر إنتاج وعي شامل مبني على تراكم التصورات والآراء والمفاهيم المكتسبة، مع طرح أفكار وآراء جديدة قادرة على تزويد الأفراد بالمعارف والمفاهيم التي تتعلق بالأمور السياسية التي يحتاجها لبناء شخصيته السياسية وحركة السياسة في المجتمع. وبذلك، يساهم الإعلام في التنشئة السياسية التي تهتم بشخصية الفرد وتطويرها وتنمية مدركات الفرد وتعزيز قدراته السياسية بحيث يستطيع التعبير عن ذاته من خلال سلوكيات ينتجها في الحياة السياسية، عبر المشاركة والانخراط في العمل السياسي أو العمل في حاضنة المجتمع المدني.
علاوة على ذلك، يؤدي الإعلام السياسي دورا كبيرا في التعبئة السياسية من خلال توعية المواطنين وزرع قيم الانتماء والمساواة في الوطن، وخلق رأي عام متنور له مناعة تقبل الأحداث السياسية.
وفي سياق متصل، يرجى في المثقف أن يكون له دور كبير في رصد، ودراسة، وتحليل ومواكبة الثورة، وقد برز مصطلح المثقف في القرن التاسع عشر ميلادي بأوروبا، حيث أطلق كصفة على العاملين في مجال الفكر والأدب تحديدا، والذين اتخذوا مواقف في الشأن العام.
ففي فرنسا، استخدم المصطلح في وصف دور الكاتب الفرنسي إميل زولا (1840-1902) الذي كتب مقالة بعنوان "إني أتهم"، وهي المقالة التي كتبت بتاريخ 13 يناير/ كانون الثاني من سنة 1898 دفاعاً عن ألفريد دريفوس، الضابط في الجيش الفرنسي، والذي اتهم في 1894 ظلماً بالتجسس لكونه يهودياً.
بالإضافة إلى ذلك، انتشر المصطلح داخل الحركة الثقافية في روسيا وانبنى على مبدأ رفض المثقفين الواقع القائم وأداء الوظيفة النقدية، كما نتج عن ذلك التمييز بين المثقف التقني الخبير في مجال اختصاصاته والمثقف العام الموسوعي والمطلع على العديد من المجالات وصاحب رأي بخصوص الشأن العام.
وقد أصبح في ما بعد مصطلح (الإنتليجنسيا) أو النخبة المثقفة يستخدم في وصف فئة المتعلمين والخبراء العاملين في الإنتاج الفكري والإبداع المعرفي. وإبان الثورات العربية لم تواكب حركة المثقفين العرب التغييرات الحاصلة وظلت إما متابعة للمشهد بحياد أو مبتعدة غير قادرة على تفسير ما يحصل، وفي الكثير من الأحيان صدمت من هول المفاجأة فأصبحت تشك في الحراك الشعبي ولسان حالها يلوم الشعوب على الاحتجاج، كأن الشعوب مطالبة بالتشاور مع مثقفيها قبل القيام بالتغيير وليس المثقفون هم المطالبون بتتبع نبض الشارع.
ورغم كل ذلك، يسجل حضور بعض المثقفين إما مشاركة أو مباركة في حركة التغيير الكبير وذلك في شكل مثقفين عضويين أو (غرامشيين)؛ نسبة لأنطونيو غرامشي، فهم المثقفون المنحازون إلى طبقة وأيديولوجية محددة، وينظر لها في إطار مفهوم الهيمنة الأيديولوجية في سبيل التحول عما هو كائن إلى ما يجب أن يكون.
كما ساند بعض المثقفين العموميين الثورات، والمثقف العمومي هو صاحب الثقافة الواسعة الذي يكتب وينتج بلغة مفهومة للعموم عن قضايا تهم المجتمع والدول بشكل عام. ومما يلاحظ في هذا الشأن انقسام المثقفين العرب حول التغيير الجذري الممثل في شكل الثورة الشعبية والتغيير المتدرج في شكل الإصلاح، فلكل دولة خصوصياتها ومقوماتها في إدارة الإصلاح، كما غاب المثقفون الذين يدافعون عن الدولة كمؤسسات وكيان مستقل فمن اتخذوا مواقف مخافة للثورات دافعوا عن سلطة ونظام سياسي وشخص الحاكم دون الاستدلال بأهمية الدولة ومكانتها.
وفي المجمل فإن الإعلام السياسي والمثقفين مطالبون بالمساهمة في التغيير عبر نبذ التطرف الأيديولوجي والعمل على خلق تيار رئيسي شامل لكل قوى التغيير، خاصة في مرحلة الارتداد الحالية عبر وضع صمامات أمان أمام جيوب مقاومة التغيير وقيادة الشعوب في تحقيق غاياتها المرجوة.
ولهذا الغرض، تطرح العديد من التساؤلات حول مراجع الشباب العربي في فهم التغييرات السياسية وقراءة المشهد العربي العام بكل ما يوصف به في جوانبه الاقتصادية والثقافية، ومدى كفاءة التحليلات الإعلامية في رصد وتتبع الواقع العربي وفهم تعقيداته، خاصة مع انقسام المصادر الإعلامية بين التابعة للدولة وأخرى للخواص، فضلا عن غياب الموضوعية في تناول الأحداث مع كثرة النبرات الطائفية، العقائدية الأيديولوجية. إضافة إلى قوة الاسترشاد بالمفكرين العرب ونخبتهم المثقفة على الرغم من كل القصور الذي تميزت به خلال السنوات الأخيرة.
وعلى هذا الأساس تظهر أهمية التثقيف السياسي خاصة في مراحل الثورة وأدوار الإعلام والحركة الثقافية في إرساء وعي سياسي واهتمام بالشأن العام.
يعرف التثقيف السياسي كمجموعة من العمليات والأساليب المستعملة في نقل المعرفة والوعي بالشؤون العامة للأجيال الجديدة وعلى حد سواء من قبل مؤسسات التنشئة الرسمية ومن قبل النخب السياسية والإعلامية، وذلك في شكل برامج موجهة لكل فئات المجتمع وعملية تربوية متدرجة تدعو للالتفاف حول المسار الديمقراطي، والمواطنة، وتقبل الآخر والحوار كروافد مختلفة تصب في نهر التغيير الذي تنشده الشعوب العربية.
انطلاقا من ذلك، تبرز أدوار الإعلام السياسي في مواكبة عملية التثقيف، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المرحلة الإعلامية في ظل انفتاح واسع وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا المعلومات، فالمسألة الإعلامية تستوجب إحداث توازن بين الكونية والخصوصية، ونشر فكر قادر على مواجهة الهيمنة والتصدي لغسيل الأدمغة وسياسيات التجهيل المعرفي والتضليل الإخباري. ويفترض في الإعلام السياسي تدقيق المعلومات ومراجعة الأخبار مع تقديم وجهات النظر المختلفة وإتاحة منصاته للتعبير عن الرأي وفسح المجال أمام تحليل وتفسير الأحداث من طرف قادة الرأي بهدف توعية المجتمع وإشراكه في هموم وآمال وطنه.
وعلى هذا النحو، يساعد الإعلام في التثقيف السياسي عبر إنتاج وعي شامل مبني على تراكم التصورات والآراء والمفاهيم المكتسبة، مع طرح أفكار وآراء جديدة قادرة على تزويد الأفراد بالمعارف والمفاهيم التي تتعلق بالأمور السياسية التي يحتاجها لبناء شخصيته السياسية وحركة السياسة في المجتمع. وبذلك، يساهم الإعلام في التنشئة السياسية التي تهتم بشخصية الفرد وتطويرها وتنمية مدركات الفرد وتعزيز قدراته السياسية بحيث يستطيع التعبير عن ذاته من خلال سلوكيات ينتجها في الحياة السياسية، عبر المشاركة والانخراط في العمل السياسي أو العمل في حاضنة المجتمع المدني.
علاوة على ذلك، يؤدي الإعلام السياسي دورا كبيرا في التعبئة السياسية من خلال توعية المواطنين وزرع قيم الانتماء والمساواة في الوطن، وخلق رأي عام متنور له مناعة تقبل الأحداث السياسية.
وفي سياق متصل، يرجى في المثقف أن يكون له دور كبير في رصد، ودراسة، وتحليل ومواكبة الثورة، وقد برز مصطلح المثقف في القرن التاسع عشر ميلادي بأوروبا، حيث أطلق كصفة على العاملين في مجال الفكر والأدب تحديدا، والذين اتخذوا مواقف في الشأن العام.
ففي فرنسا، استخدم المصطلح في وصف دور الكاتب الفرنسي إميل زولا (1840-1902) الذي كتب مقالة بعنوان "إني أتهم"، وهي المقالة التي كتبت بتاريخ 13 يناير/ كانون الثاني من سنة 1898 دفاعاً عن ألفريد دريفوس، الضابط في الجيش الفرنسي، والذي اتهم في 1894 ظلماً بالتجسس لكونه يهودياً.
بالإضافة إلى ذلك، انتشر المصطلح داخل الحركة الثقافية في روسيا وانبنى على مبدأ رفض المثقفين الواقع القائم وأداء الوظيفة النقدية، كما نتج عن ذلك التمييز بين المثقف التقني الخبير في مجال اختصاصاته والمثقف العام الموسوعي والمطلع على العديد من المجالات وصاحب رأي بخصوص الشأن العام.
وقد أصبح في ما بعد مصطلح (الإنتليجنسيا) أو النخبة المثقفة يستخدم في وصف فئة المتعلمين والخبراء العاملين في الإنتاج الفكري والإبداع المعرفي. وإبان الثورات العربية لم تواكب حركة المثقفين العرب التغييرات الحاصلة وظلت إما متابعة للمشهد بحياد أو مبتعدة غير قادرة على تفسير ما يحصل، وفي الكثير من الأحيان صدمت من هول المفاجأة فأصبحت تشك في الحراك الشعبي ولسان حالها يلوم الشعوب على الاحتجاج، كأن الشعوب مطالبة بالتشاور مع مثقفيها قبل القيام بالتغيير وليس المثقفون هم المطالبون بتتبع نبض الشارع.
ورغم كل ذلك، يسجل حضور بعض المثقفين إما مشاركة أو مباركة في حركة التغيير الكبير وذلك في شكل مثقفين عضويين أو (غرامشيين)؛ نسبة لأنطونيو غرامشي، فهم المثقفون المنحازون إلى طبقة وأيديولوجية محددة، وينظر لها في إطار مفهوم الهيمنة الأيديولوجية في سبيل التحول عما هو كائن إلى ما يجب أن يكون.
كما ساند بعض المثقفين العموميين الثورات، والمثقف العمومي هو صاحب الثقافة الواسعة الذي يكتب وينتج بلغة مفهومة للعموم عن قضايا تهم المجتمع والدول بشكل عام. ومما يلاحظ في هذا الشأن انقسام المثقفين العرب حول التغيير الجذري الممثل في شكل الثورة الشعبية والتغيير المتدرج في شكل الإصلاح، فلكل دولة خصوصياتها ومقوماتها في إدارة الإصلاح، كما غاب المثقفون الذين يدافعون عن الدولة كمؤسسات وكيان مستقل فمن اتخذوا مواقف مخافة للثورات دافعوا عن سلطة ونظام سياسي وشخص الحاكم دون الاستدلال بأهمية الدولة ومكانتها.
وفي المجمل فإن الإعلام السياسي والمثقفين مطالبون بالمساهمة في التغيير عبر نبذ التطرف الأيديولوجي والعمل على خلق تيار رئيسي شامل لكل قوى التغيير، خاصة في مرحلة الارتداد الحالية عبر وضع صمامات أمان أمام جيوب مقاومة التغيير وقيادة الشعوب في تحقيق غاياتها المرجوة.
(المغرب)