على الرغم من أن الثورة السودانية قد أفلحت في تغيير النظام السياسي وإزاحة الحكم الاستبدادي والكليبتوقراسي، بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير، إلا أنها لم تفلح بذات القدر في تعزيز ممارسة الحكم في السودان..
باتت أزمة الحوكمة سمة ملازمة للنخب السياسية في الحكومة والمعارضة على حد سواء. فالحوكمة باختصار تشير لطريقة اتخاذ وتنفيذ القرارات. أما في ما يتعلق بالدولة، فهي تشمل الإطار المؤسسي الذي يحدد من يحصل على ماذا وكيف..
من المهم الإشارة إلى أنّ الفساد ظاهرة عالمية وليست مقتصرة بأي حال على الواقع السوداني، ومفهوم الفساد تطور كثيراً ليتعدى اختلاس المال العام إلى تعريف أكثر شمولاً، ممثلاً في إساءة استخدام السلطة الموكلة لتحقيق مكاسب خاصة..
يعد العام 2019 عام الاحتجاجات الشعبيّة بلا تردد. فعلى الرغم من تعدد المسببات، إلا أن الاستبداد والفساد السياسي يشكلان أهم السمات المشتركة المحفّزة لانتفاضة الشعوب، تماماً كما حدث في الاحتجاجات التي اجتاحت مقاطعة هونغ كونغ جنوب الصين، ودولة تشيلي..
تناول البحث عملية الإقصاء الممأسس، الذي انتهجته النخب السياسية المتعاقبة في حق مجتمع الكنابي، ممثّلاً بملكية الأرض، قضايا العمال الزراعيين، والنظام الرأسمالي وعلاقات الإنتاج داخل منظومة المشاريع الزراعية.
ما إن أعلن الفريق الأول عبد الفتاح البرهان تسلم السلطة في السودان، رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي، إلا وسارعت بعض الدول في المحيط الإقليمي، وتحديداً الإمارات والسعودية ومصر، إلى مباركة النظام والاعتراف به كسلطة شرعية.
برع نظام البشير في استئناس الجماعات الإسلامية، واستمالتها لصفه بالعزف على وتر الشريعة الإسلامية، والذي تمثل بصورة واضحة في قانوني الأحوال الشخصية والنظام العام. كما أنه فتح المنابر لهذه الجماعات بلا حسيب أو رقيب، للتبشير بمذاهب تدعو للتطرف الديني والإرهاب..