هذي المنافي الوسيعة هاوية، والعالم بئر وليس من حبل سوى أنشوطة الحنين تجرح عنق الهواء، أعبر خيط الضوء المغروس في صدر العتمة كرمح والريش - ريش الرمح مبتل بنسغ يهدهد روحا تشتاق ترائبها.
يقول نيتشه: "الكهنة هم الأكثر إفساداً لأنهم الأكثر عجزاً" ولعلي أجترح أنهم الأكثر تكريسا لمقولة السلطة، فهناك بون شاسع بين سلطة الكهنة وكهنة السلطة لما يمثله من انبطاح وخنوع وتسويغ كذلك، ولسنا نعلم في أي خانة نضعهم حراسا، أم كهنة.
"في البدء كانت الكلمة" تلك مقولة لخصت جريان نهر الحياة الذي لا يتوقف، لكن الدلالة السيمانطيقية لتبدّيات اللغة عبر مسيرة تطورها تقودنا لحقيقة مفادها، أنه لم يرسخ في الثقافة البشرية برمتها سوى القلم كسلاح بدلا من القلم كمحراث أو معول.
الأخوات خلف الحدود يبكين ويرسلن لي عبر الهاتف بعض العتابا الموجعة، وعبارات ندب الموتى والغياب ونشيج حنين، سقطت سماعتي وصديقي يبكي بحة الصوت من فرط الحنين.
يقول سيوران حول قفاز الحرير الذي يغلف مخالب توحش الحضارة " عقب القرون الماضية التي مارست التعذيب بلامبالاة يبدو قرننا هذا أكثر حرصا على الإتقان إنه يضيف إلى هذه الممارسة الطهرانية تَشُرُّف وحشيتنا".
في المعتقل لا ضوء لنرى إذ لا فراغ ليدخله ضوء أو نسمة هواء، السجون ليست أشخاصا محاطين بأسوار، السجون مكعبات إسمنتية مصمتة تتألف من جدران إسمنتية متراصة تماما بينها ملاط لاصق من لحم ودم.
حيث تصبح فرشاة الرسم سلاحاً في وجه الحرب والقبح يجسده المعنى الكامن داخل اللون الذي هو بدوره تعبير بالضرورة عن الحياة والحب في مقابل العتمة التي هي تعبير بالضرورة أيضاً عن الحرب ودخانها.
المذيعة، التي صورت مسرحيتها في المساحات الخلفية لمجموعة سوريين لتوصيل رسالة الركل لكل شعب ينتفض، وفي ذلك تضمين للمصريين أنفسهم، أشارت بقولها ما معناه أنه عورة السوريين المكشوفة بسبب الخروج على (قائدهم المفدى).
موت الشاعر فيه بتر لأكثر من روح، فهو ليس روحا فقط أو أبا لأطفال بقدر ما هو مخاض إبداع على وشك، وهو يقول في النهاية: مملكتي ليست في هذا العالم، موت الشاعر بتر سيرة وجع ومحاذاة أرواح لأفق يليق