القانون لا بدّ أن يطبق بحذافيره على كل الذين ينشرون الفرقة، ويدعون إلى الاستئصال والتقاتل، وإلى تقسيم تونس إلى جهات، وقبائل. بهذا فقط ستعود البوصلة إلى الاتجاه الصحيح، إلى حيث الحرية والديمقراطية الحقة، بدلا من الدعوات المشبوهة باسم التوافق.
ما يعيق تونس هو عدم إيمان أهلها بالديمقراطية، وعدم انتهاج منهجها، فقد أثبتت كل المحطات ما بعد 2011 أن الغلبة لمن يملك القوة، لمن يملك النقابات، ولمن يسيطر على المؤسسات، وأن كل زواج متعة حرام، ولا ينتج عنه سوى العفن.
قبل الثورة كان وزراء الخارجية في تونس مجرّد موظفين مكلفين بمهمة لدى رئيس الجمهورية، وما بعدها تدخل الاصطفاف الإقليمي والدولي والانتماء الحزبي إلى اختيارهم، وزادت شخصياتهم المتقلبة والمزاجية إلى اعتبار أن دبلوماسيتنا فضاء للهواة والأزمات بأخطائهم المتكررة.
أي معنى لإضراب ترتهن فيه فئة من الشعب فئة أخرى، غالباً ما تكون عاجزة قانونا، لتحقيق أهدافها على حساب المجموعة الوطنية؟، أليس هذا نوعاً من الإرهاب، ألا يسمى هذا "الاختطاف القهري"، واستعمال "الرهائن" للتفاوض، ألا يعاقب على ذلك القانون؟
ليس أمام الدولة التونسية سوى حلين، لا ثالث لهما، أن يأخذ طرف ما بزمام الأمور، ويضرب بقوة كل مظاهر الفوضى، أو أن يستعيد الجميع رشده، ليجعلوا سقوط الدولة وتخريبها خطاً أحمر، لا يجب الاقتراب منه.
الآن فقط يقول وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، إن بغداد عاصمة محتلة، مع أن احتلال بغداد يعود إلى التسعينات، فهل ينقذ العرب ما تبقى من العواصم العربية، حتى لا نعلن، ونحن لاجئون، أو مغتربون، بأننا خسرنا أوطاننا؟
كان شكري بلعيد ومحمد البراهمي والجنود القرابين لبناء الجمهورية الثانية. ولكن، بنكهة خارجية، يُقصى فيها الصادقون من اليسار، والصادقون من الإسلاميين. وأما مَن ركب مركب "الصيد"، فهم الذين رفضوا تجريم التطبيع، بل وفتحوا الباب لمَن اختطف الوطن.