هنالك في شرق المتوسط إلى الأعلى قليلاً جغرافيا مستباحة، مجرّدة من هويّتها، سورية المجرّدة من كل شيء كجسدٍ جرّد من لحمه، جسدٌ احترق لحمه الطّريّ شواءً بنار القنابل الحارقة ليقدم وليمة على طاولة قادة العصر وليبقى العظم مهملاً.
سقف مقطورة العربي سيضحي سقف وطن بعد فرسخ ونصف الفرسخ من الزمن، أقل أو أكثر، حسب معايير توزيع الأسقف للأوطان وأقمشة جدرانها ستكون حدود وطنه. على العكس من الكُرديّ الذي اتخذ من السماء سقف وطنه المبدد على جغرافية الله الواسعة.
تترسب بقايا البذور المختلفة عاماً بعد عام، في ضمير التربة، فتأتلف في ما بينها نهاية المطاف، لتنبت البذور مجتمعة نبتة الثقافة، فالثقافة في جوهرها ما يكتسبه الفرد، بعد أن يُقذف من رحم الأزل، فتتلقفه فخاخ الأبد.
نساءٌ كاملات تم نحرهن بسيوف أنصاف عقول وأنصاف صواب، لا صواب لإدراكٍ تنقصه الحكمة في برهان الخاتمة، ولا يترمّم التشويه ما لم يترمّم العقل ويتعافى من إعاقته وقبوله بالضحية على أنها كاملة، لا ناقصة.
حربٌ جرّد فيها السوريّ شريكه السوريّ من أخلاقه، فبقي شعباً عارياً من كل شيء، لا تكسوه إلّا ثيابه، حربٌ لم يتردّد فيها السوريّ من نهب السوريّ وسلبه، وكأنها حرب غنائم، لا حرب تصحيح الوجهة من الخطأ إلى الصواب.
حسم ستالين وأصدقاؤه في حلف القتل والدمار أمرهم في حرق برلين وتدميرها، فكان تركة الحلف للألمان دولة من الأنقاض. إلى درجة أن طفلاً كردياً أعمى يستطيع أن يقف في مداخل برلين، وينظر بعيداً، فيرى على الرغم من عماء بصره مخارجها.
جبالٌ تحرس مُدنها كمدينة دهوك المحصنة بجبالها المُشرفة على أحوال المدينة، جبل زاوه يحمل عبء نصف مدينة دهوك، ويزاحمه في حمل النصف الآخر جبل أبيض (سبي)، جبل لم يفلح الكرديّ في تسميته، فبقي أبيض احتراماً للبياض الذي يلبسه.