ما زالت تصريحات الأمين العام لحزب "الاستقلال المغربي"، حميد شباط، بشأن الوحدة الترابية لموريتانيا، واعتبارها ضمن الأراضي المغربية، تُثير ردود أفعال حزبية وسياسية داخل المغرب، على الرغم من محاولة العاهل المغربي محمد السادس إطفاء الحريق بتأكيده على اعتراف المملكة بحدود جارتها الجنوبية، في اتصال هاتفي مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
وأعلنت الحكومة المغربية معارضتها تصريحات شباط، فيما أبدت تأييدها المطلق لمبادرة الملك التي اتخذها حيال موريتانيا، سواء بالحديث هاتفياً مع الرئيس الموريتاني أو إرسال رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، والوزير المنتدب في الخارجية، ناصر بوريطة، إلى نواكشوط.
وأفادت بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، ووزيرة الاتصال الناطقة الرسمية باسم الحكومة بالنيابة، في بلاغ تلته عقب أشغال مجلس الحكومة أمس، بأن الحكومة تُساند بشكل مطلق كافة التدابير التي يتخذها الملك في معالجة تداعيات التصريحات الأخيرة، للأمين العام لحزب "الاستقلال"، حول الشقيقة موريتانيا.
وبعد بلاغ حزب "الأحرار" الذي هاجم شباط وتصريحاته الأخيرة، وإعلان عزيز أخنوش أنه لا يرتاح للمشاركة في حكومة طرفها حزب "الاستقلال"، سارع حزب "الحركة الشعبية" بدوره لينتقد شباط، ويبدي استغرابه من التصريحات الصادرة عن "مسؤول سياسي مغربي تجاه الجارة والشقيقة موريتانيا".
واعتبر حزب "الحركة الشعبية"، ضمن بلاغ له، أن ما صدر عن شباط "فرصة سانحة لأعداء الوحدة الترابية للمغرب، وللأجندات المناوئة لرجوع بلدنا إلى مكانه الطبيعي داخل الاتحاد الأفريقي"، داعياً المسؤولين في موريتانيا إلى التمييز بين رأي شباط والموقف الرسمي للمملكة.
وما زاد الخناق أكثر على عنق حزب "الاستقلال" وزعيمه، بيان أصدره الأمين العام السابق للحزب، عباس الفاسي، كذب فيه ما ورد على لسان شباط، في لقاء حزبي مؤخراً، بشأن ظروف تشكيل الحكومة سنة 2012، معتبراً أن ما قاله القيادي الحزبي "زائف ومجانب للصواب".
ونفى الفاسي ما قاله شباط بخصوص تدخّل المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة في لائحة وزراء حزب الاستقلال سنة 2012، مؤكداً أنه أشرف على المحادثات لتشكيل الحكومات المتعاقبة منذ حكومة التناوب بغيرة وطنية صادقة، وفي جوّ تسوده الثقة والصدق" وفق تعبيره.
وفي خضم هذه المستجدات، يرى مراقبون أن "الحشد" الذي استهدف زعيم "الاستقلال" قد يعقّد مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة المرتقبة، وأن هذا الحزب بات مرشحاً للخروج من حسابات بنكيران، بالنظر خصوصاً إلى تصريحات شباط حول موريتانيا، بينما يستبعد آخرون أن يقرر بنكيران التخلي عن "الاستقلال" باعتبار أنه ينطلق غالباً من مرجعية أخلاقية، خاصة بعد أن أعلن أكثر من مرة تمسكه بهذا الحزب داخل الحكومة الجديدة.