"من قال أن فرنسا انتهت من تاريخها الاستعماري؟"، ذلك السؤال الذي سخّر له المؤرخ الفرنسي بيجمان ستورا معظم أبحاثه، وخصّص له آخر مؤلفاته "الذاكرات الخطرة: من الجزائر المستعمرة إلى فرنسا اليوم" (منشورات "ألبان ميشال"، 2016) الذي أنجزه بالاشتراك مع ألكسيس جيني.
عنوان الكتاب هو أيضاً عنوان المحاضرة التي يلقيها ستورا اليوم في "مؤسسة جان جوريس" في باريس. يعد المؤرخ الفرنسي أحد أبرز المراجع اليوم في ما يتعلق باستعمار الجزائر، وربما استفاد من كونه من مواليد هذا البلد في خمسينيات القرن الماضي ليضيء مناطق لم ينشغل بها المؤرخون الفرنسيون من قبل، فقد عاش ستورا في طفولته قريباً من الأحداث التي يتناولها بالدرس.
يلاحظ النقاد أن ثمة شيئاً من التسييس يسم أعمال ستورا، ومنها عمله الأخير، حيث يبدو وأنه يندرج ضمن المعارك السياسية التي تشهدها الساحة الفرنسة اليوم مع صعود حزب "الجبهة الوطنية" اليميني. ففي عمله هذا، ينطلق ستورا من النزعات اليمينية التي كانت سائدة في الساحة السياسية الفرنسية واندمجت مع الأيديولوجيا الاستعمارية التي كان يتبعها النظام الفرنسي في النصف الأول من القرن العشرين.
يشير ستورا إلى أن هذه العقلية تجد مُناظراً لها في العقليات التي يطوّرها المهاجرون من ذوي الأصول الجزائرية الذين استقروا في فرنسا، حيث أن وجود الطرح اليميني يجعل من المقولة الاستعمارية، والعلاقة المشحونة التي تخلقها بين مستعمِر ومستعمَر، دائمة الحضور في المجتمع الفرنسي. بعبارة أخرى، فإن الحرب الاستعمارية لم تنته في العقول.
للمؤرخ الفرنسي العديد من الأعمال التي تحيط بسؤاله الكبير. أعمال بعضها يسلط الضوء على النصف الجزائري من الإشكالية وأخرى على الجانب الفرنسي منها. نذكر من بين هذه الأعمال "المنافي الثلاثة" (2006) و"حرب الذاكرات: فرنسا أمام تاريخها الاستعماري" (2007) و"المهاجرون الجزائريون في فرنسا: تاريخ سياسي" (2009).
اقرأ أيضاً: ميشال بيار: تاريخ آخر للصحراء