إذا أردنا أن نعرف ما هي "جائزة الإبداع العراقي"، متى انطلقت، ما حقولها، من أعضاء لجانها، وأسماء الذين حصلوا عليها في فروعها المختلفة وسيرهم الذاتية، فلن نعثر على أيٍّ من هذه المعلومات بسهولة؛ إذ ليس للجائزة موقع إلكتروني، بل تكتفي بصفحة على فيسبوك، نقرأ فيها تعريفاً للجائزة بأنّها "مسابقة ثقافية ترعاها وزارة الثقافة والسياحة والآثار ا?"، من دون أن نعرف غاية وجود العلامتَين.
لكن، يمكننا الاستناد إلى تصريحات هنا وهناك لكتّاب ومسؤولين عن الجائزة، لصياغة تعريف لها، مفاده أنّها جائزة سنوية تُنظّمها وزارة الثقافة العراقية منذ 2015 بهدف دعم المبدعين العراقيّين وتشجيعهم، وإبراز مواهبهم وإنجازاتهم، وتشمل مجالات الأدب، والنقد الأدبي والفنّي، والفنون البصرية، والمسرح، والموسيقى، والسينما، إضافةً إلى مجالات أُخرى في الإنتاج الفكري والفنّي.
في الأوّل من أيار/ مايو الماضي، أُعلن فتح باب الترشيحات للجائزة في دورتها التاسعة ابتداءً من اليوم التالي وحتّى نهاية تمّوز/ يوليو، وحُدّدت ثمانية حقول، هي: الرواية، والشعر، والقصّة القصيرة، وأدب الطفل، والدراسات اللسانية، والنحت، والفيلم الروائي، والإخراج المسرحي. وهذه الحقول تتغيّر سنوياً؛ إذ يُستبعَد بعضها وتُضاف حقول جديدة. وفي دورة هذا العام، خلت الجائزة من النقد الأدبي والرسم والدراسات الآثارية، بسبب "تغطية هذه الحقول في دورات سابقة"، مثلما نقرأ على صفحة الجائزة في فيسبوك.
أُعلنت القوائم القصيرة في أربعة حقول فقط من أصل ثمانية
ومثلما لم تُخصّص موقعاً إلكترونياً للجائزة، فإنّ وزارة الثقافة لم تُجهد نفسها لمغادرة الأساليب القديمة في استقبال الأعمال المشاركة؛ حيث اشترطت تسليم المشاركات ورقياً وعلى أقراص مدمجة مع إرفاقها باستمارة خاصّة، بشكل مباشر لوزارة الثقافة أو اتحاد الأدباء العراقيّين.
قبل أيّام أعلنت الجائزة، عبر صفحتها على فيسبوك دائماً، أنّ "اللجنة العليا" المُشرفة على الجائزة، التي تتألّف من وكيل الوزارة لشؤون الفنون، قاسم السوداني، ووكيل الوزارة للشؤون الثقافية، فاضل محمد حسين، إضافة إلى مقرّرَي اللجنة، جاسم محمد جسام ورئيس اتحاد الأدباء علي الفوّاز ومسؤول شعبة جائزة الإبداع منير الروّاف، قد اجتمعت لـ"تهيئة ظروف إقامة الحفل الختامي"، وهذا قبل أن تُعلن القوائم القصيرة للأعمال المشاركة.
وبعد يوم من ذلك، أعلنت "جائزة الإبداع العراقي" القوائم القصيرة عبر ملصقات رديئة لا تعكس ما تعتبره "اللجنة العليا" "أهمّ جائزة سنوية في العراق". وقد تضمّنت القوائم أربعة أعمال في كلّ حقل من أربعة حقول فقط؛ هي: الشعر، والرواية، والقصّة القصيرة، والدراسات اللسانية، فيما كان لافتاً غياب الحقول الأربعة الأُخرى، من دون أن نعرف إن كانت ستُعلَن القوائم القصيرة الخاصّة بها في وقت لاحق أو لا، مع العلم أن القائمين على الجائزة أعلنوا، أيضاً، أنّ أسماء الفائزين ستُعلن خلال النصف الأوّل من كانون الأوّل/ ديسمبر المقبل.
ولم تكلّف لجنة الجائزة نفسها عناء صياغة بيان مفصّل عن دورة هذا العام، يتضمّن معلومات عن عدد الأعمال المُشاركة في كلّ حقل، ومعدّل أعمار المشاركين، وقيمة الجوائز، ومصير الأعمال الفائزة.
من جهة أُخرى، تكشف القوائم القصيرة، وخصوصاً في حقلي الشعر والقصّة القصيرة، أسماءً مكرّسة في الساحة الثقافية العراقية ودائمة الحضور في الجوائز والمهرجانات، فضلاً عن العلاقات الشخصية التي تجمع عدداً من تلك الأسماء بأعضاء اللجنة، وهو ما يطرح تساؤلاً عن مدى شفافية اختيار الأعمال، وأيضاً عن سبب تكرار هذه الأسماء في كلّ مناسبة على حساب الأصوات الجديدة.
وعلى الرغم من أنّ العراق يشهد صدور عدد كبير من الأعمال الأدبية كلّ سنة، إلّا أنّ الجائزة، بقوائمها القصيرة، لم تكشف عن أسماء جديدة، باستثناء حقل الدراسات اللسانية الذي استُحدث في دورة هذا العام، ويبدو أنّ المشاركات فيه كانت أقلّ من غيره.
* شاعر من العراق