بعد ساعات قليلة من فرض القوات العراقية المشتركة، مدعومة بالتحالف الدولي بقيادة واشنطن، سيطرتها على بلدة برطلة، الواقعة شرقي مدينة الموصل، إثر واحدة من أعنف المعارك التي شهدتها محاور المدينة منذ انطلاق عملية تحرير الموصل، رافقت كاميرا "العربي الجديد" قوات جهاز مكافحة الإرهاب، أثناء دخولها البلدة. وتمكنت من رصد مشاهد الدمار الذي خلفته العمليات العسكرية وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) خلال سيطرته على المدينة التي استمرت عامين ونصف العام تماماً.
وفي أول تصريح له، قال قائد عملية الهجوم على برطلة، العميد الركن محمد عبد الكريم الشمري لـ"العربي الجديد" إن "نسبة الدمار في المدينة بما يتعلق بممتلكات المواطنين كمنازلهم ومتاجرهم أقل من 30 في المائة بشكل عام، لكنْ هناك دمار في بنى تحتية مهمة داخل برطلة، مثل المدارس والمعاهد وشبكات الكهرباء والماء والصرف الصحي والاتصالات".
وبرطلة هي بلدة عراقية تقع شرقي مدينة الموصل بحوالي 20 كيلومتراً، ويحدها من الشمال الشرقي جبل مار دانيال، ويبلغ تعداد سكانها أكثر من 60 ألف نسمة من المسيحيين السريان، والأرثوذكس والكاثوليك. ويعود تاريخ البلدة إلى الحقبة الآشورية، وتحتل منزلة مرموقة في تاريخ الكنيسة السريانية، التي احتضنت بطاركة ومطارنة، ورهبانا وعلماء وأدباء وشعراء، وخطاطين عززوا مكانتها ورفعوا شأنها عالياً.
وكان القرن الثالث عشر للميلاد عصرها الذهبي، فقال عنها الكاتب والمؤرخ ياقوت الحموي "برطلي بفتح الباء وضم الطاء وتشديد اللام وفتحها بالعصر والإمالة، قرية كالمدينة في شرقي دجلة الموصل من أعمال نينوى، كثيرة الخيرات والأسواق والبيع والشراء. يبلغ دخلها كل سنة عشرين ألف دينار حمراء، والغالب على أهلها النصرانية وبها جامع للمسلمين وأقوام من أهل العبادة والتزهد ولهم بقول وخس جيد يضرب به المثل وشربهم من الآبار".
وظهر اسم البلدة عام 1957 في العراق خلال التعداد السكاني لها، الذي بلغ حينها 3116 نسمة، وتقع فيها كنيسة مريم العذراء.