طالبت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" (منظمة مجتمع مدني)، اليوم الجمعة، النيابة العامة، بتوضيح عاجل للموقف القانوني لكل الضحايا والشهود في قضيتي الاعتداء الجنسي المعروفتين إعلامياً بقضية "فيرمونت".
وحثت "المجلس القومي للمرأة" على عدم التخلي عن دوره في تقديم الحماية والدعم للنساء والشهود في كلتا القضيتين، خاصة وأنّ توجههم للتبليغ والشهادة قد أتى بعد مبادرة المجلس بالتأكيد على توفير الدعم والحماية والحفاظ على الخصوصية للمبلغين والشهود.
وفي هذه القضية تحديداً، تقدّمت ضحية بشكوى إلى "المجلس القومي للمرأة"، والتقت مع مسؤولي الشكاوى ومقدمي الدعم القانوني قبل التوجه مع عدد من الشهود للنيابة العامة لتقديم بلاغ رسمي.
وكانت النيابة العامة قد تحدثت في بياناتها عن قضيتين ترتبطان بالواقعة نفسها؛ القضية الأولى تخص واقعة الاغتصاب التي حدثت في عام 2014 في فندق "فيرمونت نايل سيتي"، والثانية متعلقة بالأولى وذكرتها النيابة العامة في بيانها الصادر، يوم 27 أغسطس/ آب، بخصوص قرار حبس أحد المتهمين أربعة أيام على ذمة التحقيق دون بيان ماهية الاتهامات حتى الآن.
وقامت النيابة العامة، في 31 أغسطس/آب، بإصدار بيان رسمي بخصوص 7 أفراد فيما سمته في بيانها بـ"وقائع اتهموا فيها بمناسبة التحقيقات الجارية في واقعة التعدي على فتاةٍ بفندق (فيرمونت نايل سيتي)".
وأعلن البيان المقتضب أنّ النيابة قررت حبس ثلاثة منهم لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيقات، وإخلاء سبيل أربعة آخرين بكفالة مالية لثلاثة منهم، وبضمان محل الإقامة للأخير.
البيان المقتضب لم يسمّ أياً من هؤلاء المتهمين ولم يوضح علاقتهم بالقضية الأصلية محل التحقيق، ولم يوضح الاتهامات الموجهة إليهم، كما أضاف أنّ المتهمين سيتم عرضهم على الطب الشرعي لبيان تعاطيهم للمخدرات وسيتم عرض اثنين منهم للكشف الطبي بدون توضيح لطبيعة هذا الكشف. وبالفعل صرّح أفراد من أسر بعض الشهود بأن ذويهم قد تم احتجازهم، على مدار الأيام الماضية، وأنهم يواجهون اتهامات رسمية.
وعلّقت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، في بيان، "أتى بيان النيابة المذكور مبهمًا وقصيرًا ومصوغًا بطريقة توحي بأن تلك الاتهامات الموجهة للأفراد السبعة نابعة من استجواب الضحايا أو الشهود في تلك القضية، كما سبق أن حدث في قضية خطف واغتصاب منة عبد العزيز (آية) في شهر مايو/ أيار من العام الحالي حين تم استجوابها كضحية في قضية اغتصاب وخطف واعتداءات أخرى لتجد منة نفسها بعدها متهمة ومقيدة الحرية هي الأخرى بناءً على الاتهامات التي وجهها لها المعتدون عليها في معرض دفاعهم عن أنفسهم، و باستخدام أقوالها الشخصية التي أدلت بها للنيابة خلال التحقيق معها".
توجيه الاتهامات لضحية وناجية من الاغتصاب والخطف، يرسل رسالة واضحة للنساء والفتيات بأن التبليغ عن الاعتداءات الجنسية التي يتعرضن لها قد ينتهي بهن متهمات وقد يؤدي بهن إلى السجن
— EIPR المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (@EIPR) September 3, 2020
#جريمة_الفيرمونت #مصر https://t.co/sKw6dd61OM pic.twitter.com/jgoWKKV1lh
وكانت المبادرة المصرية، قد حذرت مسبقًا وبشكل متكرر من أنّ "سابقة توجيه الاتهامات لضحية وناجية من الاغتصاب والخطف، يبعث رسالة واضحة للنساء والفتيات بأن التبليغ عن الاعتداءات الجنسية التي يتعرضن لها قد ينتهي بهن متهمات وقد يؤدي بهن إلى السجن مما يعرقل أي جهود مجتمعية ساعية لدعم النساء والفتيات في سعيهن للتعافي من آثار جرائم العنف الجنسي التي قد يتعرضن لها".
ورأت المبادرة أنّ بيان النيابة العامة الأخير، أضاف "أسبابًا للقلق" بعد المحتوى التحريضي الذي نشره فجر اليوم نفسه أحد المواقع الإخبارية والذي ادّعى استناده إلى أوراق التحريات في قضية واقعة الاغتصاب.
ونشر أحد المواقع المصرية الخاصة، محتوى وصفته المبادرة بأنه "يحض على الكراهية ضد النساء والمثليين والمتعايشين مع ڤيروس نقص المناعة أو الإيدز، ويحمّل الضحايا في وقائع الاغتصاب نصيبًا من المسؤولية نتيجة سلوكهن الأخلاقي، بالإضافة إلى انتهاك خصوصية الشهود".
وفي اليوم نفسه، كذلك نشرت عدة حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً شخصية ادّعى ناشروها أنها خاصة بالشهود إحدى النساء الضحايا بالقضية، وأن مصدرها هو هواتفهم الشخصية، والتي تعد من أحراز التحقيقات، ومن المفترض أنها في حيازة النيابة العامة في الوقت الحالي.
واعتبرت المبادرة هذا تناقضًا مع الوقائع السابقة من إلقاء القبض على المبلغات وبعض الشهود مع التوجه الرسمي المعلن بشأن التعاطي مع قضايا العنف الجنسي ضد النساء، خصوصاً بعد موافقة مجلس النواب على تعديل قانون الإجراءات الجنائية في 17 أغسطس/ آب ليضمن سرية بيانات المبلغات في قضايا العنف الجنسي للحفاظ على ما سمته وزارة العدل "سمعة المجني عليهن".
كما اعتبرت المبادرة أنّ "نشر ما وُصف بأنه تفاصيل التحريات في قضية فيرمونت يثبت مدى قصور تغيير محدود بقانون الإجراءات الجنائية عن ضمان سرية المعلومات في ظل سياق يسمح بتسريب تفاصيل التحريات والتحقيقات، بل ونشر معلومات وصور شخصية تخص المجني عليهن والشهود خاصة فيما يعرف بقضايا الآداب العامة أو العنف الجنسي ضد النساء كما رأينا في عدد من التحقيقات مع بعض مستخدمات تطبيق تيك توك في الآونة الأخيرة. وتدعم هذه الوقائع المؤسفة كذلك ملاحظات العديد من المنظمات المعنية بحقوق النساء بأن الاحتياج لتوفير السرية والحماية في قضايا العنف الجنسي يتجاوز مجرد حجب المعلومات الشخصية إلى مراجعة شاملة للقانون".
وأخيرًا؛ طالبت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، النيابة العامة المصرية، بإصدار توضيح سريع بشأن ماهية الموقف القانوني لكل الشهود والمجني عليهن في قضية الاعتداء الجنسي المعروفة باسم قضية "فيرمونت" وقضية الاعتداء الجنسي الأخرى التي أشارت لها النيابة في بيانها يوم 27 أغسطس/ آب، مع بيان عدد الأشخاص المقبوض عليهم وتوضيح موقف النيابة بصدد ما تم نشره في العديد من الصحف ومدى صحة كونه مستنداً إلى أوراق التحريات.
ولو صح أنّ أياً من الضحايا أو الشهود يواجه اتهامات غير متعلقة بواقعتي الاعتداء؛ دعت المبادرة، النيابة العامة لعدم استخدام أقوالهم كفرصة لتوجيه الاتهامات لهم، خاصة وأن استخدام النيابة العامة لمعلومات حصلت عليها أثناء استجواب الأفراد كمجني عليهن وشهود تحت القسم لاتهامهم يخلّ بقاعدة هامة في قانون الإثبات بعدم جواز إجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه. وتزداد خطورة هذا المسلك من النيابة في حال كانت الاتهامات ذات طابع أخلاقي فضفاض وتستند لمواد قانونية مشوبة بعدم الدستورية.
كذلك دعت المبادرة، النيابة العامة المصرية، إلى "استخدام صلاحياتها في عدم تحريك الدعوى في الجرائم التي لا تعرض أفراد المجتمع لخطر بالغ، من أجل ضمان توجيه موارد مؤسسات العدالة لصالح ملاحقة المتهمين في الجرائم التي تشكل خطورة حقيقية على أفراد المجتمع، وتغليبًا للمصلحة العامة بضمان توفير الأمان للمبلغات والشهود في قضايا العنف الجنسي، و حتى يتاح للنساء والفتيات فرصة حقيقية للجوء للنيابة العامة في حالة تعرضهن للاعتداء، دون خوف من أن تحولهن النيابة إلى متهمات".