وتنقل معلومات أن بعض المليارديرات والمليونيرات السعوديين، يبيعون استثمارات في دول مجلس التعاون الخليجي ويحولونها إلى نقد أو حيازات سائلة. وفي السعودية، يجري بعضهم محادثات مع المصارف ومديري الأصول لنقل الأموال إلى خارج البلاد.
ويشرح تقرير "بلومبيرغ" أنه استناداً إلى التحقيقات التي جرت على مدى السنوات الثلاث الماضية فإن السلطات تقدر أن ما لا يقل عن 100 مليار دولار تبددت "من خلال الفساد المنتظم والاختلاس على مدى عدة عقود"، كما أعلن النائب العام الشيخ سعود المعجب في بيان اليوم الخميس. وقال إنه تم استدعاء 208 أشخاص لاستجوابهم، حتى الآن، وتم الإفراج عن سبعة أشخاص دون تهمة.
وحتى يوم الاعتقالات المفاجئة التي طاولت عشرات الأثرياء والأمراء، في نهاية الأسبوع الماضي، كانت نخبة السعودية محبوبة من دويتشه بنك، كريديت سويس والبنوك العالمية الأخرى التي تسعى إلى إدارة ثرواتهم. وهي الآن تجد نفسها على وشك مواجهة حملة استهدفت بعض أبرز أمراء المملكة، وأصحاب المليارات والمسؤولين.
وقال فيليب دوبا - بانتاناسشي، وهو كبير الاقتصاديين في لندن، وخبير استراتيجي جيوسياسي في بنك ستاندرد تشارترد: "ليس هناك شك في أن العديد من المستثمرين في الخارج يعيدون تقييم وجهة نظرهم في الخليج كمكان مستقر ويمكن التنبؤ به للقيام بأعمال تجارية". هناك تصور متزايد بأن الحوكمة أصبحت أكثر تعسفية".
وطلب البنك المركزي السعودي من المقرضين في المملكة تجميد حسابات العشرات من الأفراد الذين لم يتم اعتقالهم، فضلاً عن أصول المحتجزين، وفقاً لما ذكرته مصادر لبلومبيرغ مطلعة على الأمر.
وبالإضافة إلى ذلك، طلب البنك المركزي الإماراتي من المؤسسات المالية تقديم معلومات عن حسابات 19 مواطناً سعودياً، وفقاً لما ذكره أشخاص مطلعون على الأمر، اليوم الخميس.
وطلبت الهيئة التنظيمية، أن تكون على علم بأي حسابات أو ودائع أو استثمارات أو أدوات مالية أو تسهيلات ائتمانية أو صناديق ودائع آمنة أو تحويلات مالية مرتبطة بعدد من الأشخاص، وفقاً لتعميم نشرته بلومبيرغ.
وقال جيسون توفى، خبير الاقتصاد في الشرق الأوسط في لندن العامل في كابيتال اكونوميكس، إنه في الوقت الذي نرحب فيه بالجهود الرامية إلى الحد من الفساد، فإن "سرعة واتساع الحملة أثارت الخوف بين المستثمرين".
وأضاف "هناك قلق إضافي، إن عدم اليقين السياسي يؤدي إلى فترة من تدفقات رأس المال التي تجبر مؤسسة النقد العربي السعودي على حرق احتياطيات النقد الأجنبي بوتيرة أسرع".
وقد دفعت عمليات الاعتقال المستثمرين من داخل المنطقة إلى بيع استثماراتهم. وبلغت قيمة عمليات البيع في بورصات دول مجلس التعاون الخليجي 17.6 مليار دولار، يوم الأربعاء، مما أدى إلى زيادة رأس المال السوقي الجماعي للبورصات في المنطقة إلى 900 مليار دولار، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبيرغ.
وباع المستثمرون الخليجيون صافي 92.5 مليون دولار من الأسهم في دبي، يوم الثلاثاء، وهو الرقم الأعلى منذ فبراير/شباط الماضي. وارتفع المؤشر العام بنسبة 0.3% في الرياض.
وتؤثر عملية التطهير على بعض أغنى العائلات في المملكة العربية السعودية التي استفادت على مدى عقود من علاقة وثيقة مع حكام البلاد، مما ساعدها على الفوز بعقود رئيسية وشراكة مع شركات عالمية تسعى إلى موطئ قدم في أكبر اقتصاد في العالم العربي.
ويأتي ذلك أيضاً في الوقت الذي يكافح فيه الاقتصاد السعودي لمواجهة هبوط أسعار النفط. إذ إن البطالة بين السعوديين آخذة في الارتفاع والناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بالكاد يتوسع.
وقد اقترضت الحكومة عشرات المليارات من الدولارات من أسواق السندات الدولية وخفضت احتياطيات البنك المركزي لتمويل عجز في الميزانية بلغ نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015.
ويشعر بعض الأثرياء في البلاد بالقلق من أن تحويل الأصول خارج المملكة العربية السعودية قد يثير الشكوك ويركزون بدلاً من ذلك على حيازات دول مجلس التعاون الخليجي، كما قال شخصان على دراية بهذه المسألة.
كما أن المملكة العربية السعودية في خضم تنفيذ عملية تحول تهدف إلى فطم الاقتصاد عن النفط. وتعتزم الحكومة إنشاء أكبر صندوق سيادي في العالم وبيع المئات من أصول الدولة، بما في ذلك شركة النفط السعودية، فضلاً عن حصص في البورصة وفرق كرة القدم ومطاحن الدقيق.
وقال سيرغي ديرغاشيف، الذي يساعد في الإشراف على نحو 14 مليار دولار من الأصول كمدير مالي أول لدى شركة يونيون إنفستمنت في فرانكفورت: "هناك الكثير من الأموال الخليجية بالفعل خارج منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة في باريس وجنيف وزيوريخ وآسيا". وأضاف أن "هذه المراكز يجب أن تبقى مستفيدة إذا ما خرج المزيد من الأموال".
(العربي الجديد)