يعتمد منظّمو المهرجانات في البلاد العربية على خلطة من الحفلات الغنائية التجارية والأنشطة الرياضية والترفيهية بدواعي دعم الثقافة التي لا تجد جمهوراً، وتسويق المعالم السياحية في بلدانهم. ورغم الإخفاق في الوصول إلى هذه المعادلة "المستحيلة"، ما زلنا نشهد إصراراً على إقامة ملتقيات لا تجذب سوى مستهلكين عابرين للأمكنة وثقافاتها، ويدلّ على ذلك تكاثرها من دون تحقيق النتائج المرجوّة منها، أو توقّفها فجأةً، وبلا مبرّرات.
"مهرجانات بيروت الثقافية"، التي تنطلق في 17 أيار/ مايو الجاري وتستمرّ حتى الـ 22 منه، هو أحد تلك التظاهرات التي تجمع بين الفن والرياضة والتسلية. يرفع القائمون عليه شعار "ضخّ الحياة إلى العاصمة اللبنانية وإعادتها إلى خارطة السياحة"، وهو شعار ينطوي على رغبات وأمنيات بعودة السائح العربي والخليجي، تحديداً، باسم الثقافة.
تتوالى البيانات الصحافية عن التحضيرات الجارية للتظاهرة، وآخرها اليوم الخميس، حيث نقرأ عن "استكمال تركيب القبّة الدائرية العملاقة المستقدَمة من الولايات المتحدة"، والتي ستشهد حفل افتتاح الدورة الأولى من التظاهرة بعرض بصري/ موسيقي ضخم تحت عنوان "رواية بيروت".
تبلغ مساح القبّة قرابة ثلاثة آلاف متر مربع، وهي الأكبر في العالم، وتتّسع لنحو 1800 شخص، وتشكّل من جهتها الداخلية شاشة بنطاق 360 درجة بانورامية لعرض المؤثّرات البصرية، وفق المنظّمين.
"رواية بيروت" هي عرض ثلاثي الأبعاد، بتقنيات حديثة، يروي على مدار سبعين دقيقة قصّة العاصمة منذ الفينيقيين مروراً بكل الحقَب والمحطات، تتخلّله عروض تمثيلية مسرحية حيّة، وترافقه مقطوعات موسيقية مستلهمة من المدينة وتاريخها، بتوزيع غي مانوكيان، يعزفها نحو 75 عازفاً من الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية، ويُعاد العرض نفسه ليلتي الثامن عشر والتاسع عشر من أيار/ مايو، في حين يقدّم المغنيان راغب علامة ونانسي عجرم حفلاً غنائياً تحت القبة في العشرين من الشهر ذاته. وفي اليوم التالي، تُنظَّم سهرة راقصة بعنوان "التجربة البيضاء".
يتضمن برنامج المهرجانات إقامة "قرية للمحركات الميكانيكية"، تُختتم في 22 أيار/ مايو بعرض لسيارة "فورمولا واحد" هو "الأوّل من نوعه"، كما قال المنظّمون الذين أشاروا إلى اشتغال فريق عمل بإشراف دانيال جر، صاحب وكالة إعلان، على تحويل الواجهة البحرية لبيروت إلى معلم تاريخي يليق بها.
تهدف "مهرجانات بيروت الثقافية" التي تنظّمها "جمعية بيروت الثقافية" (ترأسها لمى سلاّم زوجة رئيس الوزراء اللبناني، حسب القائمين عليها، إلى "الحفاظ على العاصمة اللبنانية حاضنةً ثقافية للأحداث المهمة في لبنان والعالم العربي". لكن اللافت أنها لم تُعلن ضمن برنامجها عن فعالية ثقافية واحدة.