في ظلّ ندرة الفعاليات الثقافية ومعارض الكتب المستقلّة في السودان، أُقيم، صيفَ العام الماضي، معرضٌ للكتب المستعمَلة والجديدة في الخرطوم باسم "حوش الكتب"، بتنظيمٍ من "جماعة عمل" الثقافية السودانية والمركزَين الثقافيَّين الألماني والفرنسي.
اعتُبر المعرضُ، الذي أُقيم ليومٍ واحد بهدف "تشجيع القراءة والحثّ على المطالعة"، أوّلَ تظاهرةٍ خاصة بالكتاب تُقام في السودان بتنظيمٍ من المراكز الثقافية الأجنبية. غير أنه لم يكن الأوّل من نوعه؛ إذ دأبت المجموعة على تنظيم معرضٍ للكتب المستعملة منذ 2012، قبل أن تُقدم السلطات السودانية على إيقافه في 2015 لدواعٍ وصفتها بالأمنية.
ومع انطلاقته في حلّته الجديدة، أعلن القائمون على المعرض أنه سينتظم شهرياً، بالتناوب بين المراكز الثقافية البريطانية والألمانية والفرنسية. غير أن ذلك لم يتحقّق لأسباب متعلّقةٍ، على ما يبدو، بإكراهات العمل الثقافي المستقلّ في السودان.
أمس الثلاثاء، أُقيم "حوش الكتب" مجدّداً بتنظيمٍ من "جماعة عمل" والمراكز الثقافية الألمانية والفرنسية والبريطانية؛ حيثُ توزّع بين باحاتها طيلة يومٍ خُصّص للقراءة وبيع وتبادل الكتب.
تسعى التظاهرة إلى توفير كتبٍ بأسعار معقولة، في ظلّ قلّة الإصدارات الجديدة التي تصل إلى السودان وارتفاع أسعارها، بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد وارتفاع كلفة الشحن والنقل. ومع المنع الذي يطال العديد من المطبوعات السودانية والأجنبية، يُعدّ المعرض مناسبةً لتوفير الكتب الممنوعة.
وتضمّ "عمل"، التي تأسّست عام 2012، مجموعةً من الكتّاب والشعراء المتطوّعين لتنظيم الفعاليات الثقافية، وقد نظّمت عدّة معارض لتبادل الكتب المستعملة؛ مثل معرض "مفروش" الذي أقيم أكثر من مرّة وتضمّن فعاليات توزّعت بين الأمسيات الموسيقية والندوات الفكرية والنقدية والقراءات الشعرية.
في حديثٍ إلى "العربي الجديد"، قالت مسؤولة المكتبات في "المركز الثقافي الألماني" بالخرطوم، سحر صلاح، إن الفكرة من المبادرة تتمثّل في "حثّ الجميع على القراءة وتبادل الكتب عن طريق عرض مختارات وعناوين كتب جديدة وبأسعار معقولة"، مضيفةً أن التظاهرة شهدت مشاركةً واسعةً من قبل القرّاء والناشرين وبائعي الكتب.
كما جمع "حوش الكتب" ما يُعرَف بالورّاقين، وهم بائعو الكتب المنتشرون في شوارع وسط الخرطوم، والذين وجدوا في التظاهرة، على ما يبدو، فرصةً لعرض ما يملكونه من كتب ومخطوطات نادرة وثمينة.
من جهته، يقول محمود عبّود، أحد المشاركين في المعرض، لـ"العربي الجديد": "شاركت في المعرض بقصص الأطفال السودانية لغيابها في السوق المحلّية، وافتقار المكتبات السودانية إلى هذا النوع من الكتب".