"ديوالي": النور ينتصر على الظلام في شوارع لندن

الرواية الأكثر شيوعاً هي تلك التي يؤمن بها غالبية الهندوس، وتكمن في ملحمة "رامايانا"، التي تقول، إنّ داشاراتا، ملك منطقة أيوديا (مدينة قديمة تقع في شمال الهند)، أمر ابنه راما بالرحيل بعيداً عن البلاد والعيش في الغابة مدّة 14 عاماً. وبعد مضيّ تلك الفترة الزمنية، يُسمح له بالعودة. فرحل راما مع زوجته سيتا وأخيه الوفيّ لاكشمانا إلى الغابة تنفيذاً لرغبة والده. وبعد مرور سنوات، اختطف رافانا ملك لانكا (سريلانكا اليوم)، سيتا زوجة الأمير وأخذها إلى مملكته.

حارب الأمير الشّجاع راما ببسالة لاستعادة زوجته وعاد بها إلى بلاده، بعد مضي 14 عاماً هلّل أهالي المنطقة فرحاً بعودته، وأناروا الأضواء في منازلهم وزيّنوا المدينة كلّها زينة لم يسبق لها مثيل. ومنذ ذلك الحين، لم تمضِ سنة من دون الاحتفال بذكرى عودة الأمير، إذ ينير الهنود الأضواء ويشعلون الألعاب النارية.

وفي العاصمة البريطانية لندن، حيث تسكن الجالية الهندية مناطق عديدة، تكتظ الشّوارع بالمحتفلين. ففي المساء تضيء الألعاب النّارية السمّاء وتشتعل عشرات الشموع في المنازل، التي تُزيَّن من الخارج بالأضواء الملوّنة والأشرطة وغيرها من أدوات الزينة.
في الصّباح الباكر، ولليوم الثالث من العيد، ينصب الهنود الخيم ويبدأون في تحضير المأكولات الهنديّة التقليدية، التي يقدّمونها مجاناً بسخاء وإصرار لأيّ شخص يمرّ بهم.

وقد جال لـ"العربي الجديد" في منطقة ساوثهول في لندن، حيث يُخيّل لأيّ عابر طريق أنّه في الهند. فهنا يطغى الطابع الهندي على كلّ شيء، من محلاّت الأزياء إلى المطاعم، والموسيقى الصاخبة التي تصدح في أرجاء المكان. 

سألنا داها، أحد كبار السنّ الهنود من الديانة الهندوسية، عن أسباب الاحتفال بهذا العيد، فأجاب، فخوراً بتقاليده، إنّها ولادة كريشنا (أحد آلهة الحضارة الهندية الكبار)، أو تجّسده من جديد في شخص وهيئة جديدة. وأضاف أنّه "عيد الأضواء، عيد النور وخلاص الإنسان من الظّلام، ولذلك ننتظر ديوالي بفارغ الصّبر كلّ عام، ونبذل جهداً في تعريف الشعوب الأخرى على حضارة الهنود، وسخائهم وطعامهم المميّز. وكما ترين نحن نوقد النار داخل الخيم في الشّوارع ونطهو الطّعام اللذيذ ونوّزعه مجّاناً على الجميع. نريد أن يتعرّف الناس على تقاليدنا وديانتنا وثقافتنا".

كانت ساوثهول مليئة بالخيم التي نُصبت على طرفي الشوارع، حيث ترى النّساء والرّجال يتعاونون على التّحضير للمناسبة، شباباً في مقتبل العمر ومسنّين، يطهون بفرح ونشاط. وعلى الرّغم من أنّ الأحد يوم الرّاحة، إلا أنّ الناس لم يتوانوا عن البدء بالتهافت على المكان منذ ساعات الصّباح الباكر، بأجمل الأزياء الهنديّة المزركشة بالألوان، ليختاروا ما يطيب لهم من الطعام وللاستمتاع بمظاهر ديوالي.