08 مارس 2019
"صنافير" و"تيران" واختبار النسب
محمد لطفي (مصر)
انشغلت مصر (أو شُغِلت) عامين بأزمة نسب في الوسط الفني، بين فنانة تؤكد ارتباطها بزميلٍ لها وإنجابها ولدين منه، وفنان يرفض الاعتراف بهذه العلاقة، ونسب الطفلين له. وكانت هذه القصة محور برامج التوك شو في محطاتٍ فضائية كثيرة، وبالطبع يتطرق حديث الضيوف إلى وسائل وطرق إثبات النسب واختبار DNA، وما هو؟ وما قيمته وكيف؟
لذلك، لم يكن غريبا أن يكون أول تعليق في "السوشيال ميديا" بشأن حكم المحكمة الإدارية (أكد أن الجزيرتين مصريتان) مطالبة بعضهم بإجراء تحليل DNA لأرض الجزيرتين، لتحديد نسبهما، وإثبات ملكيتهما، لأيٍّ من مصر أو السعودية.
وبعيدا عن التعليق على أحكام القضاء (المجرّم قانونا)، وعن الشكوك الكثيرة التي تملأ الصدور حول الحكم وواقعيته وتنفيذه، بعد أن تم الطعن فيه، وغالباً سيتم قبول الطعن، لتحوّل القضية إلى الإدارية العليا، ليتم رفض القضية، وقبول عدم اختصاص القضاء ببحث هذه الاتفاقية، وعرضها على مجلس الشعب، والذي سيوافق عليها. بعيداً عن هذا السيناريو (يبدو، على الرغم من تشاؤمه، أقرب إلى الواقع)، بعيدا عن ذلك كله، هل كان هناك سبب للفرحة التي عمت المصريين؟
بالتأكيد نعم. هناك سبب للفرحة، فهو يؤكد وجود ضوء، ولو خافتاً في نهاية النفق المظلم الذي تسير فيه البلد منذ ثلاث سنوات. نعم الحكم بادرة أمل، يتمنى الشعب كله أن تكبر وتنمو، خصوصاً وأن حيثيات الحكم (كما تم تداولها) لم تكتف فيها المحكمة برفض دفع الحكومة بعدم الاختصاص، وإنما بحثت في أصل القضية وصلب الموضوع ودرست الأوراق والمستندات والخرائط التي تثبت حق مصر في الجزيرتين، وأقرّت بذلك، وهذا معناه، ببساطة، أن حديث بعضهم عن عدم وجود ورقة واحدة تثبت حق مصر، هو حديث إفك وكذب وضلال، فعلى الأقل يثبت حكم المحكمة أن هناك رأيا آخر موثقا ومثبتا يجب احترامه، ومن الممكن أن يقتنع به بعضهم (وإن كانوا من مؤيدي "30 يونيو") كما اقتنع قضاة المحكمة.
لو أن هناك اختبار DNA للأرض لصرخت بمصرية الجزيرتين، ولتم إثبات نسبهما إلى مصر، الوطن الأم الذي احتضن ترابها كل شهيد دافع عنها، وارتوت رمالها بدماء جرحاها .
وعلى الرغم من رفض النظام، وإنكاره نسب الجزيرتين، وطعن الحكومة على الحكم في سابقةٍ لم تحدث في التاريخ (أن تصر دولة على التنازل على قطعة منها)، سيضطر، في النهاية، لاستخراج شهادة ميلاد مصرية للجزيرتين، تماما كما اضطر الفنان، في النهاية، لاستخراج شهادات ميلاد لولديه. ولكن، كم سنستغرق من الوقت لإثبات نسب الجزيرتين لأمهما مصر؟
لذلك، لم يكن غريبا أن يكون أول تعليق في "السوشيال ميديا" بشأن حكم المحكمة الإدارية (أكد أن الجزيرتين مصريتان) مطالبة بعضهم بإجراء تحليل DNA لأرض الجزيرتين، لتحديد نسبهما، وإثبات ملكيتهما، لأيٍّ من مصر أو السعودية.
وبعيدا عن التعليق على أحكام القضاء (المجرّم قانونا)، وعن الشكوك الكثيرة التي تملأ الصدور حول الحكم وواقعيته وتنفيذه، بعد أن تم الطعن فيه، وغالباً سيتم قبول الطعن، لتحوّل القضية إلى الإدارية العليا، ليتم رفض القضية، وقبول عدم اختصاص القضاء ببحث هذه الاتفاقية، وعرضها على مجلس الشعب، والذي سيوافق عليها. بعيداً عن هذا السيناريو (يبدو، على الرغم من تشاؤمه، أقرب إلى الواقع)، بعيدا عن ذلك كله، هل كان هناك سبب للفرحة التي عمت المصريين؟
بالتأكيد نعم. هناك سبب للفرحة، فهو يؤكد وجود ضوء، ولو خافتاً في نهاية النفق المظلم الذي تسير فيه البلد منذ ثلاث سنوات. نعم الحكم بادرة أمل، يتمنى الشعب كله أن تكبر وتنمو، خصوصاً وأن حيثيات الحكم (كما تم تداولها) لم تكتف فيها المحكمة برفض دفع الحكومة بعدم الاختصاص، وإنما بحثت في أصل القضية وصلب الموضوع ودرست الأوراق والمستندات والخرائط التي تثبت حق مصر في الجزيرتين، وأقرّت بذلك، وهذا معناه، ببساطة، أن حديث بعضهم عن عدم وجود ورقة واحدة تثبت حق مصر، هو حديث إفك وكذب وضلال، فعلى الأقل يثبت حكم المحكمة أن هناك رأيا آخر موثقا ومثبتا يجب احترامه، ومن الممكن أن يقتنع به بعضهم (وإن كانوا من مؤيدي "30 يونيو") كما اقتنع قضاة المحكمة.
لو أن هناك اختبار DNA للأرض لصرخت بمصرية الجزيرتين، ولتم إثبات نسبهما إلى مصر، الوطن الأم الذي احتضن ترابها كل شهيد دافع عنها، وارتوت رمالها بدماء جرحاها .
وعلى الرغم من رفض النظام، وإنكاره نسب الجزيرتين، وطعن الحكومة على الحكم في سابقةٍ لم تحدث في التاريخ (أن تصر دولة على التنازل على قطعة منها)، سيضطر، في النهاية، لاستخراج شهادة ميلاد مصرية للجزيرتين، تماما كما اضطر الفنان، في النهاية، لاستخراج شهادات ميلاد لولديه. ولكن، كم سنستغرق من الوقت لإثبات نسب الجزيرتين لأمهما مصر؟