نحن أمام الفرصة الأخيرة للمواطن المصري الفرد لرفض التعديلات الدستورية، والإصرار على هذه الفرصة لا تقل قيمة ومكانة عن ثورة يناير العظيمة، لأن رفض هذه التعديلات الآن، هو تحقيق فعلي لثورة يناير واستكمالها وتطبيق شعارات الثورة بالعدالة والحرية.
نجحت الثورة المضادة في مصر، وجاء النظام الأكثر فساداً وظلماً، ولكن السؤال: هل يمكن له أن يستمر؟ أم أن توابع زلزال 25 يناير 2011 قادرة على أن تطيح بنيانه، وتهزم جبروته وسلطانه، وتنهي فساده؟
أرفض حكم السيسي وأرفض تقسيم الشعب، أرفض الطبقية الفئوية التي صنعها بين ضباط الجيش والشرطة ورجال القضاء من جانب وباقي المواطنين من جانب آخر، وأرفض الطبقية الاقتصادية التي سعى إلى استثمارها.. وكل ذلك لأجل القبض على السلطة والإمساك بها.
في دول كثيرة، هناك ما تعرف بـ"لجان وجمعيات حماية المستهلك"، وغالبا ما تكون تابعة للجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، وهي تهتم بحماية المواطن من الغش التجاري. وتقف إلى جانبه، إذا تعرّض للغش والخداع، سواء في السلعة نفسها أو في ثمنها.
يتحرك المسؤول من خلال سلطته مسؤولا وضميره إنسانا، وهنا يبرز دور القدوة. فإذا كان المسؤول الصغير يرى المسؤول الكبير ورئيس النظام يبيع الأرض، ويفرّط في حقوق المواطن في مياه النيل وغيرها، فهل يكون لديه الدافع لرفع المعاناة عن المواطن البسيط؟
إذا كانت جامعة الدول العربية لم تنجح في توحيد الصفوف وتقديم الدعم الحقيقي للشعوب العربية، وهذا هو الهدف الأساسي من إنشائها كما ينص ميثاقها، أفلا يحق للمواطن أن يتساءل بعد ذلك: هل توقف القطار ووصل إلى محطته الأخيرة أم لا؟
لا يخفى على أحد أن الهدف من عسكرة الحياة ومنح الامتيازات غير المسبوقة للجيش والشرطة والقضاء والإعلام، هو ضمان الولاء والانتماء، وهو أمر لا يمكن استمراره أو ضمانه، فالأهم والأكيد ولاء الشعب كله لا فئة من فئاته مهما كانت قوتها.
كم من حاكم مصري اعتقد أنه ملك الشجر والبشر؟ كم ظالم سجد له المنافقون وصفق له المطبلون وقرعوا الدفوف، وبين ليلة وضحاها وجد نفسه تحت الثرى تدوسه الأقدام وتلعنه الألسن؟
بدأت حرب القوة الغاشمة، كما أعلن عبد الفتاح السيسي، في سيناء للقضاء على الإرهاب. وكما نعلم، فتعبير القضاء على الارهاب تعبير فضفاض واسع، تم استخدامه منذ سبتمبر/ أيلول 2001، ويستغله كل نظام وفقا لرؤيته الخاصة وأجندته التي يحكم بها.
الحقيقة المؤكدة والغائبة عن عبد الفتاح السيسي ومستشاريه أنّ الشعوب لا تستأذن الطغاة للقيام بالثورة، فالشعب لا ينتظر الإذن من الحاكم الظالم ليقوم بثورته، مهما كان ظلم الحاكم وجبروته، فإذا سالت الدماء بحورا، فلا تحمل الشعب المسؤولية، فأنت المسؤول.